نهيان بن مبارك: دولة الإمارات نموذج فريد للتعايش السلمي
في إطار جهود دولة الإمارات المستمرة لتعزيز قيم التسامح والتعايش والحوار بين الحضارات، استضافت مدينة أبوظبي مؤخرا «المؤتمر الدولي لحوار الحضارات والتسامح 2024»، تحت شعار «تجسير الحضارات ورعاية التنوع» برعاية وحضور معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، ونظم هذا المؤتمر مركز «باحثي الإمارات للدراسات والبحوث» ووزارة التسامح والتعايش، بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة لتحالف الحضارات (UNAOC) ومكتب أبوظبي للمؤتمرات والمعارض التابع لدائرة الثقافة والسياحة.
وقد وفر المؤتمر، الذي عقد في مركز أبوظبي الوطني للمعارض «أدنيك» خلال الفترة من 20 إلى 22 فبراير الجاري، منصة عالمية لتبادل الخبرات العلمية، واستخلاص الدروس من التاريخ، وناقش المؤتمر العديد من القضايا المرتبطة بتعزيز قيم التسامح والتعايش، ودور الثقافة والتحول الثقافي في تعزيز التعايش والتسامح والتفاهم المتبادل، وأهمية فهم واحترام الاختلافات الثقافية في المجتمعات المعاصرة.
وقال الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان في كلمته الإفتتاحية :«أرحب بكم جميعاً كمفكرين وخبراء عالميين مؤثرين، نشرف بحضوركم، وكلنا ثقة بأن لديكم الكثير الذي نستطيع الاستفادة منه، تماماً كما تعلمنا من إنجازاتكم ورؤيتكم لعالم يسوده السلام والرخاء، وإن وجودكم في أبوظبي اليوم يؤكد المشاركة الفعالة لمدينة أبوظبي في الشؤون الدولية والتطور العالمي، كما يعكس بوضوح المكانة البارزة لدولة الإمارات كرائدة للسلام والتسامح بين دول العالم».
وقد أكد الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، أن دولة الإمارات ستظل نموذجاً فريداً وناجحاً للتعايش السلمي والمثمر بين البشر من مختلف الأديان والثقافات والجنسيات والخلفيات، حيث يشعر مواطنو الدول الأخرى بالحرية والأمان في التجارة والتعامل مع دولة الإمارات، ويرغبون في زيارة الدولة، والعيش والعمل فيها، مؤكداً أن ارتياحهم جاء نتيجة لإدراكهم للفضائل العالمية التي يُظهرها مواطنو دولة الإمارات في تعاملهم معهم .. فمهما اختلفت ثقافتهم عن الثقافة الإماراتية، فمازال الاثنان مشتركين في تقديس فضائل التسامح والأخوة والحكمة والشجاعة، والولاء والعدالة والكرم.
جاء ذلك خلال افتتاحه المؤتمر الدولي لحوار الحضارات والتسامح الذي ينظمه مركز باحثي الإمارات للدراسات والبحوث ووزارة التسامح والتعايش، بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة لتحالف الحضارات، ومكتب أبوظبي للمؤتمرات والمعارض تحت شعار «تجسير الحضارات ورعاية التنوع»، بحضور قيادات دولية وأممية بارزة.
وأضاف الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، إن انعقاد المؤتمر الدولي لحوار الحضارات والتسامح يأتي في وقته المناسب، لأن ما يشهده العالم حالياً من صراعات وأحداث مؤسفة يتطلب أن يكون الجميع أكثر إدراكاً للحاجة الملحة إلى إضفاء روح الأمل والتفاؤل على العلاقات بين الشعوب وبين الدول، وأن تتركز الجهود على كسر حواجز سوء الفهم، وإحياء تقاليد التسامح والأخوة والحوار.. نحن ممتنون حقاً لاستمرار دولة الإمارات في إلتزامها القوي بهذه القيم الإنسانية العالمية تحت القيادة المستنيرة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، فبفضل قيادة سموه وتوجيهاته، تلتزم دولة الإمارات بمواجهة سوء الفهم والتحيز والجهل والخوف والكراهية، لإيمانها بأن التفاهم والاحترام المتبادل بين الناس من مختلف الثقافات والأديان والأعراق يمكنه تحقيق نمو اقتصادي لا مثيل له، مصحوباً بالاستقرار الإجتماعي والسياسي مع مزيد من إتاحة الفرص لمواطني الدولة وللمقيمين فيها، حيث يحدونا أمل صادق في أن تشهد دول العالم واقعاً مماثلاً لما شهدته وتشهده الدولة.
كما تطرق الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان إلى أن محاور وموضوعات هذا المؤتمر تذكره بالعنوان الرئيس لـ«إكسبو دبي 2020»، حيث كان موضوع المعرض «تواصل العقول وصنع المستقبل»، مؤكداً أن العقول تعتمد في تواصلها على الحوار الذي يساعد على بلوغ التقدم والتسامح والتفاهم والسلام، كما يساعد على إطلاق الإمكانات الإيجابية الهائلة لعالم متنوع ومترابط، وهو أيضاً يتصدى للجهل ويعزز معرفة وتفهم الثقافات الأخرى، ويمنع أسباب سوء الفهم والعداء.
وأكد معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان أن العالم اليوم في حاجة ماسة إلى حوار مفتوح يطرح كافة الأفكار التي تنتصر للإنسان والكوكب الذي يعيش عليه، وأن كافة الحضارات الإنسانية مدعوة لهذا الحوار الهادف دونما إقصاء لأحد، وخلص في كلمته أن دولة الإمارات ستظل نموذجاً فريداً وناجحاً للتعايش السلمي والمثمر بين البشر من مختلف الأديان والثقافات والجنسيات والخلفيات.
وفيما يبرز نموذج دولة الإمارات في الأخوة الإنسانية ويكرس مكانتها كمنارة للتسامح، استقطب المؤتمر الدولي لحوار الحضارات والتسامح اهتماماً كبيراً من قبل وسائل الإعلام العربية والعالمية، التي أجمعت على أهمية تعزيز قيم التعايش المشترك وقبول الآخر في عالم لا تنقصه أسباب الصراع، ما يحول دون تفعيل التعاون الدولي كسبيل وحيد لمواجهة التحديات المعقدة التي يعيشها العالم حالياً.
وأضاف أن بناء مجتمع عالمي يسوده السلام والرخاء يجب أن يرتكز على الالتزام بالقيم الإنسانية العالمية التي نتشاركها جميعاً، وعلينا أن ندرك أن حل المشكلات الاجتماعية، والاقتصادية العالمية، والتفوق في الأسواق العالمية شديدة التنافسية، وتحقيق الاستفادة المثلى من التكنولوجيا الحديثة، وحل الصراعات الإقليمية والعالمية، كلها مرتبطة بإعطاء الأولوية القصوى للاستثمار في الحوار والإحترام والتعاطف والتفاهم والروابط الإنسانية.
من جانبه، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة أديان من أجل السلام، الشيخ الدكتور عبدالله بن بيه: ” اسمحوا لي أن أسهم بكلمات مختصرة حول الموضوع الذي طلب مني وهو موضوع (أصالة الحوار في الإسلام، ودور مفكري الإسلام في تعزيز حوار الحضارات والتسامح” ، مؤكداً أن «للحوار قيمة مركزية، وسمة بارزة في الحضارة الإسلامية والعربية، فالحوار هو وسيلة التعارف التي وضعها القرآن الكريم أساس التعارف بين الشعوب والقبائل بين الأرض، والحوار وحده يتيح التعرف والتعريف، التعرف على الغير والتعريف بالنفس، وقد أَصّل الإسلام للحوار، وجعله مبدأ أساسياً للتواصل مع الآخر، القريب أو الغريب، المشابه أو المغاير، وعُبِّر عن الحوار في القرآن والسنة بعبارات متعددة تشير كلها إلى غاية واحدة هي الفهم والتفهم، واستخدام الكلام بدلاً عن الحسام، والسلام بدلاً عن الخصام، إنه إذاً حوار في كل المجالات، بكل الاتجاهات وعلى كل المستويات، فبالحوار يُبحث عن المشترك وعن الحل الوسط الذي يضمن مصالح الطرفين، هو إدارة للخلاف، وسعي للملائمات والمواءمات التي هي من طبيعة الوجود، ولهذا أقرها الإسلام، وأتاح الحلول التوفيقية التي تراعي السياقات، وفق موازين المصالح والمفاسد المعتبرة».
وأضاف: «إذا كانت الحرب أوّلها كلام كما تقول العرب فإنّ السلم أوّله كلام أيضاً؛ ولذا فلابد من الحوار والتباحث لإيقاف الحروب ولتخفيف التوترات، فإن الأبواب المغلقة والأسماع المؤصدة لا تؤدي إلى التفاهم ولا إلى السلام، لذا فإن الدعوة إلى الحوار كوسيلة هو أمر لا بديل عنه، وطريق لابد من سلوكها، لأنه بديل الصراع الدائم، إنه يُطلع الأطراف على وجود وسائل أخرى للتعايش ومخارج للمشكلات لصالح الجميع ولمصلحة الكل. إنه المنهج الصحيح، فالعقل يرشّحه، والتجربة تصحّحه، والدين يرجّحه، إنّه منهج دولة الإمارات وقيادتها الرشيدة».
وقال الممثل السامي لمنظمة الأمم المتحدة لتحالف الحضارات، ميغيل موراتينوس، إن تعزيز التفاهم والتعاون بين الحضارات والثقافات المختلفة هدف يستحق أن نسعى جميعاً من أجل تحقيقه لصالح الإنسانية في كل مكان، مؤكداً أن الحوار كما ورد في كلمة الشيخ نهيان بن مبارك يعد السبيل الأمثل للوصول إلى حلول لكل التحديات والصعوبات التي تواجهها البشرية، وأن هذا المؤتمر بما يضمه من الخبراء والأكاديميين والمهتمين من مختلف المجالات المرتبطة بتعزيز قيم التسامح والتعايش، والأخوة الإنسانية، يمكنه أن يقدم إضافة مهمة في هذا المجال، مؤكداً أن الإمارات كانت ولاتزال حاضنة للتسامح والأخوة الإنسانية، بل إنها نموذج رائع للتعايش الإنساني بمفهوم حضاري راقٍ.
وأكد الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين، المستشار محمد عبدالسلام، أن أبوظبي أصبحت اليوم مركز إشعاع عالمياً لقيم الاعتدال والتعايش والأخوة الإنسانية، فهي عاصمة الإمارات التي اتخذت من قيم الاعتدال منهجاً، ومن الانفتاح سبيلاً، ومن الأخوة الإنسانية شعاراً، بل مبدأ راسخاً رسوخ وثيقة الأخوة الإنسانية التي رعتها الدولة، واستقبلت حدث توقيعها من قبل الرمزين الدينيين العالميين شيخ الأزهر الشريف وقداسة البابا فرنسيس على هذه الأرض الطيبة، مشيراً إلى أن مبادئ الخمسين التي اعتمدتها الإمارات لتكون مرجعاً يقود الدولة إلى تحسين جودة حياة مواطنيها، تؤكد على القيم الراسخة والمبادئ السامية لوثيقة الأخوة الإنسانية، كما أن بيت العائلة الإبراهيمية الذي تحتضنه أرض الإمارات يرسل رسائل حضارية في هذا الوقت الصعب، ويؤكد أن الأديان جاءت لإسعاد الإنسان على مختلف مضامينها وشرائعها.
وقد استمد هذا الحدث أهميته من اعتبارات عدة، يتمثل أبرزها فيما يأتي:
- المشاركة الكثيفة والنوعية في فعالياته، حيث استقطب المؤتمر أكثر من 50 متحدثاً و5000 مشارك من داخل الدولة وخارجها، وقد تحدث في الجلسة الافتتاحية معالي العلامة عبد الله بن بيّه رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، رئيس “منتدى أبوظبي للسلم” ، وميغيل موراتينوس الممثل السامي لمنظمة الأمم المتحدة لتحالف الحضارات، ومعالي الدكتور علي راشد النعيمي رئيس لجنة الدفاع والداخلية والخارجية بالمجلس الوطني الاتحادي، واللواء أحمد ناصر الريسي رئيس الإنتربول، والمستشار محمد عبد السلام الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين.
- سعى المؤتمر إلى دراسة تعزيز التفاهم والتعاون بين الحضارات المختلفة بمفهوم علمي، لمعالجة المسائل التي تشكل جوهر حوار الحضارات، وفي هذا السياق، فإن المؤتمر قد نجح في تقديم صورة واضحة عن الجوانب العديدة التي ينطوي عليها الحوار الهادف بين الحضارات.
- صاحب المؤتمر، معرض دولي من أكثر من 35 دولة لطرح برامجها وأفضل الممارسات العالمية في مجالات الاستدامة الثقافية والمجتمعية، وتم الإعلان من خلاله عن أول مجلة علمية محكمة لعلوم الحضارات والتسامح لتقديم منظور جديد عن تطور الحضارات، والتعريف بأحدث الدراسات والبحوث في مجال التسامح والتعايش.
إن انعقاد «المؤتمر الدولي لحوار الحضارات والتسامح»، يعكس كون دولة الإمارات، نموذجاً ملهماً للتسامح والتعايش المشترك، ومركز إشعاع عالمي لقيم الاعتدال والتعايش والأخوة الإنسانية، ويجسد هذا المؤتمر نهجها الأصيل في دعم القواسم الثقافية المشتركة بين الشعوب، ومساعيها لتعزيز التواصل الإنساني والحضاري بينها، وتقديرها لأهمية دور الثقافة في تعزيز الأخوة الإنسانية، من أجل بناء عالم يسوده السلام والرخاء مؤسس على الالتزام بالقيم الإنسانية العالمية .
حضر المؤتمر 100 منظمة عالمية، وأكثر من 5000 مشارك، بمن فيهم 50 متحدثاً.