خلال الأيام الاولى لحملات التطعيم ضد فيروس كورونا، أنقذت اللقاحات الصينية حياة أعداد لا تحصى من البشر.
وقال الصحفيان “إيان مارلو” و “راندي ثانثونج-نايت” في تقرير نشرته وكالة بلومبرج للأنباء أن حملات التطعيم في أنحاء آسيا وأمريكا اللاتينية والشرق الاوسط بدأت بإستخدام اللقاحات الصينية، في الوقت الذي كانت تقوم فيه الدول الأغنى بتخزين جرعات لقاحي فايزر وموديرنا النادرة التي تعتمد على الحمض النووي الريبوزي المرسال.
ولكن حكومات كثيرة كانت تعتمد في السابق على لقاحات شركتي سينوفاك أو سينوفارم الصينيتين بدأت تتحول الآن إلى لقاحات من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، وذلك في ظل تصاعد المخاوف بشأن كفاءة اللقاحات الصينية في مواجهة سلالة دلتا من فيروس كورونا ، وتساهل الدول الغربية بالنسبة لإمدادات لقاحات الحمض النووي الريبوزي المرسال.
ويبدو أن نتيجة ذلك التفضيل بدأت في الظهور بالفعل في بيانات الجمارك الصينية، حيث تراجعت صادرات اللقاحات بنسبة 21% خلال شهر أغسطس الماضي لتصل إلى 96ر1 مليار دولار مقارنة ب 48ر2 مليار دولار في يوليو الماضي بعد إرتفاعها بصورة مستدامة منذ ديسمبر .2020
ونقل الصحفيان عن نيكولاس توماس الأستاذ المساعد في جامعة هونج كونج، الذي قام بنشر عدة كتب بشأن السياسة الخارجية و الصحة العامة، القول ” بصورة عامة حصل المواطنون على ما تمكنوا من الحصول عليه عندما أصبحت اللقاحات متاحة لأول مرة “.
وأضاف” ولكن مع إستمرار هذا الامر، أصبح المواطنون العاديون- وليس فقط الممارسون الطبيون- أكثر دراية بالاختلافات ، فقد أدركوا أنه ليست جميع اللقاحات متساوية فيما يتعلق بالحماية”.
وإنتهى هذا التحول خلال تفشي فيروس كورونا في تايلاند مطلع هذا العام ..فبعد أن إرتفعت حالات الاصابة، وأصبحت جنوب شرق آسيا البؤرة الجديدة لتفشي الجائحة، سعت تايلاند جاهدة لشراء اللقاحات ، ولم تتح في الوقت المناسب سوى شركة واحدة هى سينوفاك الصينية.
وسمحت جرعات اللقاح لتايلاند التي يبلغ تعداد سكانها70 مليون نسمة ببدء حملة التطعيم ضد الفيروس في وقت أبكر مما كانت تأمل، ولكن سرعان ما صادفت تايلاند تحديا يواجهه المشرعون في أنحاء العالم النامي.
وقد تراوحت كفاءة اللقاحات الصينية ما بين 50% و 80% في التجارب السريرية، ولكنها أقل فعالية من اللقاحات التي تعتمد على الحمض النووي الريبوزي المرسال، كما تتتزايد التساؤلات حول فعالية اللقاحات الصينية في مواجهة سلالة دلتا.
ونتيجة لذلك، أصبحت الحكومة التايلاندية أول حكومة في العالم تقدم جرعات لقاح استرازينكا للاشخاص الذين حصلوا بالفعل على جرعة أو جرعتين من لقاح سينوفاك. وعلى الرغم من أنه لا يعتمد على الحمض النووي الريبوزي، أوضحت دراسات تايلاندية أن لقاح استرازينيكا فعال عند إعطائه كجرعة معززة لمن حصلوا على اللقاح الصيني، وأنه ثبت أن لقاح فايزر يوفر فعالية أكبر من استرازينيكا عند تقديمه كجرعة معززة.
ولكن سرعان ما أعرب الكثير من التايلانديين عن تفضيل أقوى للقاحات الغريية- حيث بلغ الأمر تنظيمهم إحتجاجات للمطالبة بها- كما بدأت المعارضة في البلاد في إنتقاد الحكومة لإعتمادها على الصين في توفير اللقاحات.
وقد أوقفت تايلاند طلبات الحصول على لقاح سينوفاك، وبدأت في شراء المزيد من اللقاحات الغربية.
و يقول شاووت سيتيساك وهو مدرس من شمال تايلاند يبلغ من العمر 29 عاما، حصل على جرعة أولى من لقاح سينوفاك وطلب الحصول على جرعة ثانية من لقاح موديرنا من مستشفى خاص ” أنا لست ضد لقاح سينوفاك… فإذا وجد في العالم لقاح واحد وهو سينوفاك، فإنني سوف أحصل عليه .. ولكن أمامنا الكثير من الخيارات. وأنا أريد الأفضل من بينها”.
وتقوم الكثير من الحكومات التي كانت تعتمد في السابق على اللقاحات الصينية بطلب لقاحات تعتمد على الحمض النووي الريبوزي أو السعي للحصول على تبرعات من هذه النوعية من اللقاحات.
ومن المرجح أن يتسارع توجه الابتعاد عن اللقاحات الصينية بعد تعهد الرئيس الأمريكي جو بايدن بالتبرع ب 1ر1 مليار جرعة من لقاحات الحمض النووي الريبوزي ، كما تعهدت أوروبا بتقديم مئات الملايين من اللقاحات، و تستعد الهند مجددا لتصدير لقاحات استرازينيكا بعد تقليص شحناتها بعد موجة التفشي المميتة الثانية للفيروس.
وقالت شركة سينوفاك الصينية في رد كتابي تلقته وكالة بلومبرج إن لقاحها كان فعالا في منع وصول الحالات المصابة لدرجة دخول المستشفيات ووحدات الرعاية المركزة وحدوث الوفاة خلال جائحة كورونا.
وقال متحدث إن بعض الدول قامت بتوزيع لقاح سينوفاك لكبار السن ، الذين من المرجح بصورة أكبر احتياجهم للنقل للمستشفى بعد إصابتهم بفيروس كورونا، في حين حصل الشباب على جرعات لقاح مختلفة لاحقا، ” ويجب أن يؤخذ هذا في الإعتبار عند تقييم فعالية لقاح كورونا”.
وأضافت الشركة الصينية أن الكثير من الدول، بما في ذلك تايلاند ” قامت بشراء لقاحات من عدة شركات لزيادة عدد اللقاحات المتاحة لتطعيم مواطنيها”.
وتشمل قائمة الدول التي صرفت النظر عن اللقاحات الصينية- أو تدعمها بلقاحات غربية معززة- سنغافورة وتركيا والامارات العربية المتحدة.
حتى في باكستان التي تعد حليفة مقرية لبكين، والتي إستخدمت اللقاحات الصينية لتطعيم 84% من مواطنيها، يحاول البعض الحصول على اللقاحات الغربية.