نشرت مجلة “الإيكونومست” مقالا بعنوان بـ”دول الخليج تريد من ترامب أن يختار: نحن أو إسرائيل”.
تقول الصحيفة في مقالها إن رد الدول العربية على ضربات إسرائيل في الدوحة كان في غالبه عبارة عن خطابات غاضبة.
يشرح المقال الواقع المحيط بالرد المتوقع من قطر، لافتاً إلى صعوبة أن تتخذ الأخيرة ردّاً عسكرياً.. “قطر أصغر من أن تتحدى إسرائيل، وهدفها هو تجنب الصراع، لا تصعيده. ولا يمكنها التهديد بإلغاء العلاقات الدبلوماسية أو الاقتصادية مع إسرائيل، لأنها لا تملك أياً منهما”.
في المقابل فإن الدول العربية والإسلامية أظهرت دعمها المطلق لقطر، وكان من بينها إيران، التي عملت هي الأخرى على خرق الأجواء القطرية بقصف قاعدة العديد الأمريكية الموجودة فيها قبل أشهر، وفق ما استهلت به الصحيفة مقالها “تتطلب الدبلوماسية ذاكرةً انتقائية”.
ويذكر المقال المقترح الإيراني بإنشاء “ناتو إسلامي”، لكن هذا المقترح “لا جدوى منه، خاصة أن كثيراً من الدول العربية ترى في إيران تهديداً”، وفق وجهة نظر الصحيفة.
وتضيف أن بعض الدبلوماسيين في الخليج تحدثوا عن إجراءات أخرى محتملة، مثل إغلاق الأجواء أمام الطائرات الإسرائيلية.. لكنّ أياً منها لم يُذكر في البيان الختامي لقمة الدوحة، الذي جاء مليئاً بالكلام المعتاد، ما دفع بعض المحللين المؤيدين لإسرائيل للقول إن “التنديدات مجرد كلام للاستهلاك الإعلامي، وإن بعض الدول العربية في الواقع لا ترغب في دعم قطر بسبب علاقاتها مع الجماعات الإسلامية”.
إلا أن المقال يجد مغالطة في هذا التحليل، بذكره رأي دبلوماسي خليجي معروف بانتقاداته لقطر لم يفصح عن اسمه: “كانت هذه الحادثة بمثابة جرس إنذار لنا جميعاً”، وأضاف آخر: “نرى أن أمننا مترابط، وإسرائيل أضرّت بذلك”.
التعليق على الصورة،الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني في حفل توقيع في الديوان الأميري، المقر الرسمي للأمير، في 14 مايو/أيار 2025، في العاصمة القطرية الدوحة.
“الرد الضعيف يعكس ببساطة الواقع؛ دول الخليج ليس لها تأثير كبير على حكومة نتنياهو. وإذا لم تستطع الضغط على إسرائيل، فستحاول الضغط على أقرب حلفائها”، وفق مقال الإيكونومست.
على مدى عقود، كان أساس العلاقة بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي الست (البحرين، الكويت، عُمان، قطر، السعودية، والإمارات) قائماً على صفقة الحماية الأمريكية لهذه الدول، مقابل ضمان إمدادات مستقرة من النفط والغاز والاستفادة من الثروات، يفيد المقال.
إلا أن هذه الصفقة بدأت تهتز “بعد الهجمات التي رعتها إيران على السعودية عام 2019 وعلى الإمارات عام 2022، ولم يقابلها رد أمريكي قوي” – أما اليوم فتريد دول الخليج ضماناً أوضح: “ليس فقط منع إسرائيل من تكرار الهجوم، بل أيضاً التزاماً أمنياً رسمياً من واشنطن”.
وبحسب المقال فإن دول الخليج ليست بلا أوراق ضغط، لكنها قد تجد صعوبة في استخدامها. لافتاً إلى أنه بين الأعوام 2020 و2024 كانت “قطر ثالث أكبر مستورد للأسلحة في العالم، بعد أوكرانيا والهند. السعودية جاءت في المركز الرابع، وكل من البحرين والكويت والإمارات ضمن أكبر 25 مستورداً”.
يمكن لدول الخليج أن تضغط على حليفتها الأمريكية عبر البحث عن مصادر توريد سلاح أخرى، أما الورقة الأخرى فهي الاقتصاد، إذ قد تهدد دول الخليج بإلغاء بعض صفقاتها الاستثمارية في الولايات المتحدة.
في ختام مقالها تخلص الإيكونومست إلى أنه “بعد عامين من الحرب الإقليمية، دول الخليج غاضبة من المجازر في غزة، مندهشة من عداء إسرائيل المستمر للحكومة السورية الجديدة، وقلقة من مواجهة جديدة مع إيران.. وتريد من ترامب أن يحدد موقفه: إما التحالف مع مجموعة من الملكيات الغنية الموالية لأمريكا، أو الانحياز إلى صديقه نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي غير الشعبي حتى داخل إسرائيل”. ومن وجهة نظر أبوظبي والدوحة والرياض، فإن “الخيار واضح.. لكن المشكلة أن ترامب حتى الآن يتصرف وكأنه ليس كذلك”.