بطريقة مازحة، يقول دبلوماسي فرنسي مخضرم محال على التقاعد “لا يقوم وزراء فرنسيون بزيارة المغرب ولا نستقبل وزراء مغاربة في باريس لأن المغرب أغلق حدوده ولا يوجد طيران بسبب كوفيد 19″، تعليق ساخر يخفي حقيقة تراجع العلاقات الفرنسية-المغربية منذ شهور طويلة بسبب صدامات سياسية على رأسها برنامج التجسس الإسرائيلي بيغاسوس.ويعلق عبر الهاتف “توقفت الزيارات لأن فرنسا لم تحسم بعد هل تجسس المغرب على الرئيس ماكرون أم لا ، ونتمنى أن لا يكون قد فعل لأننا أصدقاء”.. وبمكر الدبلوماسية الفرنسية يضيف “لن أضيف شيئا، فبيغاسوس مازال يباع لمن يدفع”.ولم توجه باريس دعوة رسمية إلى الوزير الأول المغربي عزيز أخنوش الصديق المقرب من الملك المغربي محمد السادس لزيارتها رغم ما تربط حزبه “التجمع الوطني للأحرار” علاقات سياسية وعمل وتبادل مع حركة “ إلى الأمام” التي ينتمي إليها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ، وكانت باريس متحمسة لفوز أخنوش ونهاية الإسلاميين بعد عشر سنوات في الحكم.ويبدو أن فرنسا قد إتخذت قرارها، لن تستأنف بشكل طبيعي العلاقات مع المغرب طالما لم تصل إلى نتائج مرضية في التحقيقات التي تقوم بها مصالحها الأمنية والقضائية ومعرفة الجاني الحقيقي الذي تجسس على الرئيس إيمانويل ماكرون وباقي الساسة الفرنسيين.وقد إتهمت صحف فرنسية المغرب بالتجسس على الساسة الفرنسيين ومنهم الرئيس ماكرون في فضيحة بيغاسوس التي إندلعت خلال يوليو الماضي وتستمر فصولها قائمة.. ولجأ المغرب إلى القضاء الفرنسي ضد الصحف التي إتهمته ونفى إقتناءه برنامج التجسس الذي تنتجه شركة إن سي يو. ووضعت إسرائيل المغرب في موقف حرج، فقد أعلنت الشركة أنها راجعت سياسة بيع منتوجاتها إلى عشرات الدول وذكرت المغرب بالإسم.ولا تصل الأزمة الحالية بين فرنسا والمغرب إلى مستوى الأزمة التي عصفت بين البلدين سنة 2014 بسبب ملفات قضائية وأمنية، ولكنها تسير في نفق مشابه، جعلت أبرز المدافعين عن العلاقات بين البلدين الكاتب الشهير طاهر بنجلون يتحدث في مقال له في مجلة لوبوان الفرنسية يوم 7 ديسمبر الماضي عن تدهور العلاقات وكيف فقدت حرارتها المعتادة ويسرد المشاكل ومنها قضية التجسس المغربي على مسؤولين فرنسيين.وتدير فرنسا شؤون الإتحاد الأوروبي منذ بداية السنة الجديدة، وكان يفترض قيام وزراء بزيارات إلى المغرب للتعريف ببرنامج التعاون كما حدث في الماضي، وتبقى باريس صوت المغرب وسط الإتحاد، وكانت المفاجأة هي عدم برمجة أي زيارة لمسؤول فرنسي نحو الرباط أو إجتماع عبر التناظر عن بعد.يناير الجاري سيفتح المغرب الحدود الجوية مع باقي العالم، ومن المستبعد حصول زيارات ثنائية بين مسؤولي فرنسا والمغرب، فتأثير بيغاسوس أكثر من تأثير كوفيد 19.