نفى قائد رفيع في الحرس الثوري الإيراني الشائعات حول غياب قائد فيلق القدس اللواء إسماعيل قاآني، والتكهّنات حول اتهامه بالتجسّس أو خضوعه للتحقيق.
ورصد قسم المتابعة الإعلامية في بي بي سي، تصريحاً للواء حسين دقيقي، مساعد قائد الحرس الثوري الإيراني، نشرته “وكالة تسنيم”، قال فيه إن غياب قاآني يعود إلى “تركيز استراتيجي على مسؤولياته”.
يأتي ذلك بعد انتشار تقارير إعلامية عن إصابة قاآني بالضربات الإسرائيلية على لبنان، وأخرى تفيد بأنه قيد الاستجواب في طهران بشأن اختراقات أمنية أدّت إلى اغتيال أمين عام حزب الله حسن نصر الله نهاية الشهر الماضي.
وقال العميد إبراهيم جباري، أحد كبار قادة الحرس الثوري الإيراني، الأربعاء، إن قاآني سيُمنح وسام الفتح “في الأيام المقبلة” وهو “بصحة جيدة”.
من هو إسماعيل قاآني؟
تولى اسماعيل قاآني قيادة فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في 3 يناير/ كانون الثاني 2020.. جاء تعيينه بعد مقتل سلفه، اللواء قاسم سليماني، في غارة جوية على مطار بغداد، أمر بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وُلِد قاآني عام 1957 في مدينة مشهد، وانضم إلى الحرس الثوري الإيراني عام 1980، وشارك في الحرب الإيرانية العراقية. خلال تلك الفترة، تعرف على سليماني وكون صداقة وثيقة معه.
عمل قاآني نائباً لسليماني منذ التسعينيات وحتى وفاة الأخير في عام 2020. كقائد مساعد لفيلق القدس، كانت مسؤولياته تتركز على مناطق مثل أفغانستان وباكستان وآسيا الوسطى، ومن المعروف أنه ساهم في دعم التحالف الشمالي ضد طالبان في أفغانستان خلال التسعينيات.
في عام 2012، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات عليه لدوره في الإشراف على المساعدات المالية وشحنات الأسلحة لعناصر فيلق القدس في الشرق الأوسط وأفريقيا، وخاصة في غامبيا. وتُشير وسائل الإعلام الإيرانية إلى قاآني بلقب “جنرال المشرق”.
قاآني شارك في الحرب السورية بصفة مستشار عسكري، ووصفته وسائل إعلام إيرانية بأنه الرجل الصلب، وصاحب الخبرة الكافية بالتعامل مع جبهات القتال المختلفة.
ووصف قاآني الحرب في سوريا بأنها قضية وجود بالنسبة لإيران، وكان أول من كشف امتلاك جماعة أنصار الله في اليمن لصواريخ يبلغ مداها أكثر من 400 كلم.
وظلّ يؤكد في تصريحاته التزامه بخط المرشد الإيراني، قائلاً: “نحن مازلنا متمسكين بالطريق الذي رسمه لنا وحافظ عليه الإمام آية الله على خامنئي بعزة واقتدار، وسنمضي في هذا الطريق حتى ظهور الإمام المهدي، وسندافع عن جميع الشعوب المضطهدة في أقصى نقاط العالم”.
تصريحات مثيرة للجدل
عُرف قاآني بأنه رجل قليل الكلام، لكن ذلك تغيّر في 3 يناير/كانون الثاني 2020، عندما حلّ محل اللواء قاسم سليماني بحكم الأمر الواقع.
ألقى قاآني أول خطاب رئيسي له بصفته رئيساً لفيلق القدس في 14 يوليو/تموز 2020، بعد حوالي ستة أشهر من اغتيال سليماني. وتوعّد الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفاءهما بالثأر لاغتيال سلفه.
وفي أبريل/نيسان 2024، في سياق حرب غزة، خرج قاآني بعد استهداف قادة إيرانيين في دمشق في هجوم على مبنى القنصلية الإيرانية هناك بتصريحات غاضبة.
وفي كلمته أمام البرلمان الإيراني في 7 سبتمبر/أيلول 2021، حثّ قاآني البرلمانيين الإيرانيين على مدّ يد الصداقة إلى طالبان، خصم إيران القديم، وذلك في أعقاب استيلاء الحركة المتشددة الجهادية على حكم أفغانستان من جديد بعد رحيل القوات الأمريكية.
ورأى قاآني أن الولايات المتحدة هي التي “خطّطت” لخلق “انقسامات بين الشيعة والسُنّة”، وأن أفضل طريقة لتحييد “المؤامرة” هي مدّ يد الصداقة إلى طالبان.
كما أشاد علناً في إحدى كلماته بالمرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني، الذي يُعتبر من أكثر المرجعيات الشيعية نفوذاً في العراق والعالم، رغم خلافه المرحلي مع إيران.
وفيما يتعلق بالشأن الداخلي، بدت تصريحات قاآني أقلّ حذراً مقارنة بسلفه سليماني.
فقد انتقد في خطاب ألقاه في مايو/أيار 2022 الإصلاحيين الإيرانيين، وخاصةً أنصار الرئيس السابق محمد خاتمي، واعتبر أنهم “قوم لا علاقة لهم بالثورة الإيرانية”، بينما كانت كلمات سليماني محسوبة باستمرار عند التعامل مع الأطياف والمشارب السياسية المختلفة، كما كان حريصاً على عدم نبذ أيّ منها ودرء الانقسام والفتنة حيال قضايا الهوية القومية.
وفي تصريح أكثر إثارةً للجدل في 21 ديسمبر/كانون الأول 2022، عقب الاحتجاجات التي شهدتها البلاد ضدّ الحجاب الإلزامي، قال قاآني: “لن ترى امرأةً عفيفةً في شمال طهران لا تضع حجابها”. وكان هذا التصريح مناقضاً تماماً لقول سليماني الشهير: “حتى الفتاة التي لا ترتدي الحجاب بشكل مناسب هي ابنتي”.
وأدرك قاآني خطأه، فصحّح المسار في 5 يناير/كانون الثاني 2023، قائلاً: “حتى من لا يرتدين الحجاب بالشكل المناسب قد يكنّ من الجمهور الشيعي المخلص”.