من أكون؟
في زحمة السنون
وفي ظلمة السكون
وفي إنتظار المنون،
لست أدري،
هل أنا عاشق للحياة
بمودة وشجون
وبسحرها مفتون،
أم مغتر بها
مولع وممحون،
إنها تغتالني
بنظام
وبقانون،
تمزق أحشائي
الجوفاء
وتعذبني
بطقوس وفنون،
أنا فقير
ولا أخجل من فقري
إن كان قدري،
فهو رفيقي
في صولاتي
وجولاتي،
أصونه بصدق
ولا أخون،
الإرادة زادي
وقوتي في صمودي
وفي عنادي،
لكن أنا مسجون
بين قوت يومي
وقهر الديون،
نهاري عذاب
وليلي أفيون،
ولست أدري؟
إن كان الحاكم بأمري
ينام كما أنام،
يجوع كما اجوع،
يدخل الخلاء
كما أدخل،
يبكي كما أبكي
وله مثلي دموع،
أم أنه بالجاه مفتون
إلى حد المجون
وحالي لا يعنيه
في شيء ويهون،
والله في خلقه شؤون
كما تعلمون،
أيها الحاكم بأمري
أتسمعني؟
أنا المحكوم،
أنا المهموم،
أنا المهزوم،
ألا تخفف من فقري؟
ألا تفك أسري؟
ألا ترفع قدري؟
أنا لست رقما
أنا إسما،
أنا جسما،
أنا عظما،
أنا لحما ودما،
أنا إنسان
تعود على الإذعان
ولا يريد العصيان،
يريد فقط
بعض حنان
بعض إعتبار
وقليلا من الحسبان
في زمن بلا أمان،
فقد ضاع مني الأصحاب
والأتراب والخلان
وكذلك الأيام الحسان،
وجف الدمع في العين
وكذلك الريق في اللسان
وفي القلب بركان،
لست أدري
من أكون؟
هل أنا مجرد زبون
تحت الطلب ومضمون،
أم أنا ملعون
جريمتي
أني بوطني
مسكون
وإخلاصي له عربون،
أنا فقير
طال به الإنتظار
وذهب رشده
وأصبح في حكم
المجنون،
خدعه الساسة
بفن وكياسة،
تونسي انا
أتعبته السياسة
وخانته الفراسة،
وإحتار
كيف يكون
وكيف لا يكون
في زمن الهلوسة
والخساسة
بعلم ودراسة…
القاضي طاهر بن تتركية / تونس