تناولت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية نتائج الجولة الأولى من الإنتخابات الرئاسية الفرنسية يوم الأحد حيث حصل الرئيس إيمانويل ماكرون على حوالى 28.5 في المائة من الأصوات، متقدماً على مارين لوبان، زعيمة اليمين المتطرف، التي حصلت على 24.2 في المائة، وفقاً لتوقعات تستند إلى فرز الأصوات الأولي.. وسينتقل ماكرون ولوبان إلى جولة الإعادة في 24 نيسان / أبريل الجاري.
وقالت الصحيفة إن أداء لوبان القوي أظهر الجاذبية الدائمة للتيارات القومية وكراهية الأجانب في أوروبا، وأضافت: لقد خففت لوبان من نبرتها، إن لم يكن من موقفها المناهض للمهاجرين. لقد أعطت إنطباعاً بأنها أقرب إلى المخاوف اليومية للشعب الفرنسي، وخاصة فيما يتعلق بالارتفاع الحاد في أسعار الوقود والتضخم.
وأشارت الصحيفة إلى أنه مع إندلاع الحرب في أوكرانيا حيث من المرجح أن يتم إختبار الوحدة الغربية مع إستمرار القتال، أظهر أداء لوبان القوي الجاذبية الدائمة للتيارات القومية وكراهية الأجانب في أوروبا.. فقد حصلت أحزاب اليمين واليسار المتطرفة على حوالي 51 في المائة من الأصوات، وهي علامة واضحة على مدى الغضب والإحباط الفرنسيين.
وقالت “نيويورك تايمز” إن وجود فرنسا مناهضة لحلف شمال الأطلسي وأكثر تأييداً لروسيا في حالة فوز لوبان من شأنه أن يسبب قلقاً عميقاً في عواصم الحلفاء، وقد يؤدي إلى كسر الرد الموحد عبر الأطلسي على الغزو الروسي لأوكرانيا.
لكن ماكرون، بعد حملة باهتة، سيذهب إلى الجولة الثانية بإعتباره المرشح الأوفر حظاً، بعد أن كان أداؤه أفضل قليلاً مما أشارت إليه إستطلاعات الرأي الأخيرة.. وقد أظهره بعض الاستطلاعات يتقدم على لوبان بنقطتين فقط.
وقالت الصحيفة إن رفض الجمهور الفرنسي المبدئي للنوع الخاص من القومية المعادية للمهاجرين الذي تحمله لوبان قد تلاشى مع إنتشار السياسات غير الليبرالية في كل من أوروبا والولايات المتحدة.. لقد نجحت لوبان في تخفيف لهجتها، إن لم يكن إقتناعها الشديد بأن الشعب الفرنسي يجب أن يحظى بميزة على الأجانب وأن الستار يجب أن يُسدل على فرنسا بإعتبارها “أرض الهجرة”.
إن علاقة لوبان بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين وثيقة، على الرغم من أنها سعت في الأسابيع الأخيرة للتقليل من شأنها.. وسارعت هذا الشهر لتهنئة فيكتور أوربان، الزعيم المجري القومي والمناهض للهجرة، على فوزه الرابع في الانتخابات البرلمانية.
“سأعيد فرنسا إلى النظام في غضون خمس سنوات”، صرحت لوبان لمناصريها المبتهجين، وناشدت جميع الفرنسيين الإنضمام إليها فيما وصفته بـ”إختيار الحضارة” حيث ستكون “الغلبة المشروعة للغة والثقافة الفرنسيتين”مضمونة وكاملة “وحيث إستعادة السيادة في جميع المجالات”.
وقال ماكرون لمؤيديه: “أريد فرنسا في أوروبا القوية التي تحافظ على تحالفاتها مع الديمقراطيات الكبرى من أجل الدفاع عن نفسها، وليس فرنسا التي سيكون لها، خارج أوروبا، حلفاؤها الوحيدون الشعبويون وكراهية الأجانب الدولية.. هذا ليس نحن”. وأضاف: “لا تخدعوا أنفسنا، لم يتم تقرير أي شيء، والنقاش الذي سنخوضه خلال الـ15 يوماً المقبلة سيكون حاسماً لبلدنا وأوروبا”.
وأشارت الصحيفة إلى أنه على الرغم من قيادته فرنسا خلال أزمة فيروس كورونا، ووصول البطالة إلى أدنى مستوى لها في عقد وإرتفاع النمو الاقتصادي في عهده، بدا الرئيس ماكرون غير مندمج في الأولويات الداخلية، وركز إهتمامه على الحرب في أوكرانيا بدلاً من القضايا المحلية. وأثار رفضه مناظرة مرشحين آخرين حفيظة بعض الناخبين.
وقبل ثلاث ساعات من الموعد المقرر لإغلاق صناديق الاقتراع، كانت نسبة إقبال الناخبين 65 في المائة، وهو أدنى مستوى في إنتخابات رئاسية فرنسية منذ عام 2002، وقال العديد من الناخبين إنهم شعروا بخيبة أمل.
وإعتبرت الصحيفة أن إحتمال إنزلاق فرنسا نحو موقف كراهية الأجانب ونحو القومية في حال فوز لوبان بمنصب الرئاسة في جولة الإعادة، سيكون بمثابة صدمة كبيرة على غرار التصويت البريطاني لخروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي في عام 2016 أو إنتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة في العام نفسه.