( عشرية الدم هذي عَرفِناها ورأيناها بأم أعيننا .. هي شلال دم غابت عنه ضفتاه .. لقد رأينا كيف يقتل الأخ أخاه .. وكيف يغتال الإبن أباه وكيف يختفي العدل وكأن الشر بالممحاة محاه .. وكيف يسود الباطل وكأن للباطل ربه ومولاه .. وكيف تُهتك الأعراض بكل الطرق والأوجاه .. وكأن الحدث لا بديلاً سواه .. وكيف يصبح القاتل المأجور رباً لا يعترف بربٍ خَلقهُ وسوّاه .. وكيف الحُرّْ الشريف ينتحر كلما المنحرف والجاهل لاقاه .. وكيف الدول تسقط بفعل من كان الإجرام إنما هي يداه وساقاه .. وكيف الشعوب تجوع وكأن الخوف والعوز مسراها ومسراه .. وكيف المدن تُحرق وتُدمر بأمر حاقدٍ لا نعرف من أين هذا الحقد أتاه .. وكيف الشوارع تُصبغ بالدم الأحمر القاني بكل أزيائه وأذاه .. نعم نعم هذا بعض ما رأيناه .. نعم نعم هذه هي العشرية الدموية التي قامت على الإجرام ونحن من كنّا لهذا الإجرام ضحاياه .. هذه العشرية ليست إلا كما القضاء في الأمر وهذا ما جعل للأمر مقتضاه. )
وماذا بعد عشرّية القتل والدمار والخراب والدم .. وهل يا ترى ينفع الندم .. وهل ياترى ينفع السباب والذّم …هل يا ترى ينفع الثأر، وكما يقال العينً بالعينْ والسنْ بالسنْ والفمْ بالفمْ …هل يا ترى ينفع أن ننسى صلات القرابة ومن كان الأب أو الأخ أو الخال أو العَّمْ .. هل ياترى نقدر على نسيان ما كان ومازال السبب في الجرح والكفن والقبر والغَمّْ .. وكل هذا الأسى نوعاً وكَمّْ …!!!
هل يا ترى يمكننا أن نجعل من الآتي هو النور سبيلاً وللنهار طريقاً وللسلام يسراً و يَمّْ .. هل ياترى نستطيع غسل الأدمغة بماء زمزم ونقول للينبوع المقدس كما دعت سيدتنا هاجر لخالقها بأن ينقذ ولدها النبي إسماعيل من الموت عطشاً في صحراء التيه وقالت : « زِمّْ …أيها المبارك زِمّْ .. » فطفلي الرضيع ظمآن والماء الطاهر يحيىه كما الدم …دعوا جانباً أيها الناس ما كان ولا تشكوا هكذا هَمّْ .. ولا تتهموا واشنطن ولا تل أبيب ولا عواصم من فقد كل حواسه من النظر إلى السمع إلى الشَمّْ .. وإنسوا بأن هناك من حاك القصة في طهران أو في قُمّْ .. ولا تسبّوا أخوتكم في اللغة والدين والحسب والنسب و صلة الأرحام والدم .. لوموا أنفسكم فآنتم من قدتم السفينة مقوداً وياطراً ورمّْ ..المشكلة ليست بما يُحكى عن مؤامرات في طهران أو في عواصم الغَمّْ …!!!
آهٌ يا عشرّية المآسي والدمار ..آهٌ يا عشرية الظلم والقتل والنار .. آهٌ يا عشرّية الإجرام والأشرار .. آهٌ يا عشرّية الموت والرعب عمداً في قرار .. آهٌ يا عشرّية الظلام التي حلّتْ في كل وطنٍ وكل مدينة وكل دار …
أما آن الأوان أن تشرق الشمس ويطلع النهار .. أما آن الأوان أن يستوي الحق ويُصححُ المسار ..أما آن الأوان أن نسترد عافية ..نعيش أمناً وأماناً وإستقرار .. أما آن الآوان أن نغني بالفرح الأشعار ..أما آن الأوان أن وأن وأن نكتب غدنا بأيادينا بسواعدنا وبسيف الحق البتار ..أن نعيش بكل ما أوتبنا به عطاءً من رب هذي الدنيا الواحد القادر الجبار ..صاحب الأقضية والأقدار ..المتحكم بكل من على أرضها سار وفي فضاءاته حلّق وطار .
الطامة الكبرى ..المأساة العظمى كانت في عهر العرب الأعراب …ولن نتحدث هنا عن المستعمرين الأغراب ولا عن كيفية وماهية الأسباب ..إنها التبعية العمياء والحقد القاتل والعهر وكيف تخاط بالأبرة والخيط الثياب ..إنها اللعبة التي يجيد لعبها من كانت عنده مفاتيح الجنة والنار وكل ما للحياة والموت من أبواب …
الطامة الكبرى هي في خير أمةٍ أخرجت للبشرية ..خير أمة عرفت وقرأت وآمنت باليوم الآخر والكتاب …
خير أمة في حضورها غياب ..وفي وجودها تداعت القيم بين محتالٍ ومختالٍ وحاقدٍ وجاهلٍ وكذّاب ..خير أمة كل بيوت الله فيها كانت للثورات المدمرة مقراً ودار .. أمة كانت وما زالت إلا بالعصا تُدار ..أمة أغنام يقودها رعاة مناصب وألقاب تذبح الرقاب ليل نهار كما المنشار ..خير أمة طغت وبغت وجعلت من الدين شمّاعة للفتنة للدمار ..خير أمة كلما كبرت تلونت بالفحم والشحم والشحوار .. خير أمة فيها القائد المغوار وفيها المبجل عظمة ومن بعد الله حكم بالعدل وبالظلم دّورها ودار ..خير أمة تنام ليل نهار .. ولا تصحوا أبداً إلا على صوت الطبل والمزمار .
هلموا يا بني قومي نعيش الحلم حقيقة .. ونتسامح مع من أذانا لأننا شقيق وشقيقة .. والحسب والنسب بيننا حكايته أصيلة عريقة ولتكن العقلانية هي المسار .. هي المنار .. هي الطريقة …وكل عام والإنسان والإنسانية جمعاء بخير
رياض مرعي
كاتب سوري مقيم بدولة الإمارات