إنضم قيادي كبير في جماعة “حزب الله” اللبنانية، إلى قافلة الاستهدافات الإسرائيلية الدقيقة لعناصر الحزب الفاعلة في لبنان، حيث نعى الحزب، الاثنين، في بيان “القائد وسام حسن طويل، (لقبه) الحاج جواد، من بلدة خربة سلم في جنوب لبنان، والذي ارتقى شهيدا على طريق القدس”.
ولفتت وكالة أنباء لبنان الرسمية، إلى إستشهاد شخصين في غارة جوية نفذتها مسيّرة إسرائيلية، على سيارة على طريق محلة الدبشة في بلدة خربة سلم في الجنوب.
وكان لافتا إستخدام كلمة “قائد” في بيان النعي، حيث ذكر إعلام محلي أنها المرة الأولى التي يستخدمها “حزب الله” في بياناته، مشيرا إلى أن القيادي “كان يتولى مسؤولية قيادية في إدارة عمليات حزب الله في الجنوب”.
من جانبها، كشفت مواقع إخبارية محلية قريبة من الحزب، أن الطويل قيادي عسكري بارز في الحزب، كان على علاقة وثيقة بقائد الحرس الثوري الإيراني السابق قاسم سليماني (اغتيل بغارة أمريكية استهدفت سيارة كانت تقله في العراق عام 2020)، وأمين عام الحزب حسن نصر الله.
وقالت القناة 12 الإسرائيلية “تم تنفيذ عملية التصفية الدرامية بإستخدام طائرة بدون طيار، على بعد حوالي 10 كيلومترات من خط الحدود مع إسرائيل”.
القناة الإسرائيلية وصفت أيضا الطويل بأنه “القائد الميداني الكبير في قوة الرضوان التابعة لحزب الله”، وهي قوة يتلقى مقاتلوها تدريبات داخل وخارج لبنان.
ونظرا لمكانته، يعدّ إستهداف الطويل أكبر إغتيال داخل الأراضي اللبنانية، لأحد كوادر “حزب الله” منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وفق مراقبين.
يأتي ذلك، في حين تصاعدت حدة المخاوف من إتساع رقعة الحرب أكثر، بعد إغتيال القيادي في حركة “حماس” صالح العاروري في ضاحية بيروت الجنوبية، معقل حزب الله الرئيسي في لبنان.
والثلاثاء الماضي، أعلنت “حماس” إغتيال رئيس المكتب السياسي في حركة حماس صالح العاروري، و6 آخرين، بينهم 2 من قادة القسام و4 من كوادر الحركة في قصف مسيرة لشقة بالضاحية الجنوبية لبيروت.
والسبت، أعلن “حزب الله” استهدافه قاعدة المراقبة الجوية في منطقة “ميرون”، بـ62 صاروخًا، كرد أولي على إغتيال تل أبيب لصالح العاروري، ليعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، أنّ أضرارًا لحقت بقاعدة المراقبة الجوية العسكرية “ميرون” (شمال) والتي إستهدفها “حزب الله” اللبناني، دون أي خطر على إستمرارية العمل بها.
ولكن هل كلّ ما تقدم يعني أن “حزب الله” مخترق استخباراتيا؟.
**الجبهة مكشوفة
في خطاب سابق، تحدث أمين عام “حزب الله” حسن نصر الله، عن خرق كبير وخطير للضاحية الجنوبية لبيروت، مشيرا إلى أنه “لا يمكن أن يمر، ولن يكون بلا رد وبلا عقاب، والقرار هو للميدان”.
بدوره، قال المحلل السياسي فيصل عبد الساتر ، إن “الجبهة مشتعلة، وإسرائيل لديها الكثير من الإمكانيات والقدرات والطائرات الاستطلاعية التي تجول في جنوب لبنان، وصولا إلى بيروت وكل المنطقة”.
وأضاف عبد الساتر” أن هذا النوع من الإغتيالات، يعتمد على رصد معلوماتي، لكن ليس بالضرورة أن يكون خرقا أمنيا داخل بنية “حزب الله”، لأننا أمام جبهة مكشوفة يتحرك فيها الكثير من شباب المقاومة، لأنهم يقومون بعمليات هجومية، لذا لا بدّ أن يتعرضوا للكشف في الكثير من الأحيان”.
وذكّر بأن “حزب الله” “قام بعملية كبيرة، من خلال قصف قاعدة ميرون في رد أولي، مما أدى إلى شللها بالكامل، ما شكل صفعة كبيرة لقدرات إسرائيل الدفاعية، وهذه العملية اليوم (قتل الطويل) جاءت لإستهداف من كان مسؤولا عن إطلاق الصواريخ على القاعدة”.. ورأى “أننا أمام تطور جديد وخطير، والأيام القادمة هي من ستحدد مسار الأمور”.
**عملاء الداخل
وأشار عبد الساتر إلى” أن المطلوب من كلّ الناس في لبنان التنبه، خصوصا أن شبكات العملاء في لبنان ليست جديدة، وربما يتزايد أعدادها لأن الإغراءات قد تكون كثيرة”.
وأوضح” أنه على الدولة والأجهزة الأمنية والمواطنين، أن يكونوا جزء من العين الساهرة لحماية لبنان من أي شبكات للعملاء”.
من جهته، أشار العميد الركن الدكتور هشام جابر ، إلى” أن هناك عمليات إغتيال أمنية، وأخرى عسكرية”.
وأوضح” أن إغتيال العاروري يأتي ضمن العملية العسكرية وليست عملية إستخباراتية أمنية، أي أنها ليست سيارة مفخخة أو كمين أو عبوة ناسفة، بل حصلت بناءً لمراقبة واستخبارات دقيقة، أو معلومات من الأرض بواسطة عميل”.
وأوضح” أن العملية الأمنية تكون عبر إستخبارات من الداخل، وهنا نتحدث عن الخرق”.
وأكد جابر” أن طرق عدة تستعمل اليوم لمراقبة الأهداف، منها العملاء أو التطور التكنولوجي، أو الأجهزة الإلكترونية، بالإضافة إلى أهمية وسرعة الطائرات المسيرة في عمليات الاغتيال التي يتم برمجتها وتصيب الهدف”.
ولم يحسم هشام جابر مسألة أن يكون “حزب الله” مخترقا استخباراتيا، مشيرا إلى أهمية أن “يعمم الحزب على قادته عدم التواصل مع غرباء، واستمرار البحث بين أغراضهم عن أي أمور مشكوك بها كشرائح مراقبة”.
**مراقبة الكاميرات والهواتف
من جانبه، قال الخبير الإستراتيجي والعسكري العميد المتقاعد ناجي ملاعب، إنه “عندما يعمم “حزب الله” على أهالي الجنوب، بفصل كاميرات المراقبة في المنازل أو الشوارع عن الإنترنت، يعني أن لديه مخاوف من التقنيات الإسرائيلية”.
وأواخر ديسمبر/كانون الأول الماضي، دعا “حزب الله”، سكان البلدات الحدودية جنوب لبنان لتعطيل كاميرات المراقبة بمنازلهم ومتاجرهم، سعيا “لإعماء العدو الإسرائيلي” بعد ما عمد الأخير إلى “إختراقها”.
وأضاف العميد ملاعب “أن الإتصال الهاتفي الأرضي كان الدليل الذي أدى لمقتل نجل النائب محمد رعد بعد قصف منزل كان داخله”.
ومنذ شهرين، نعى “حزب الله” “عباس محمد رعد (سراج)، من بلدة جباع في جنوب لبنان”، وهو نجل رئيس كتلة الحزب في البرلمان اللبناني محمد رعد.
وأكد العميد ملاعب “أن هناك جهدا إسرائيليا كبيرا في هذا الإتجاه، وتظهر نتائجه في إصطياد كل منزل أو سيارة فيها قوات من المقاومة، ولا أنفي أن يكون هناك معلومات تعطى من قبل عملاء في المنطقة”.
ولم يحسم الخبراء أن يكون “حزب الله” مخترقا إستخباراتيا، بل أرجعوا قدرة إسرائيل على إصطياد أهدافها، إلى وجود عملاء مقربين من الحزب أو مراقبة من خلال التقنيات التكنولوجية لأهدافها.
وخلال الأيام الماضية، تصاعدت حدة القصف المتبادل على جانبي الحدود اللبنانية والإسرائيلية، كان أحد أشكالها تأكيد الجيش الإسرائيلي، الأحد، أن أضرارا لحقت بقاعدة المراقبة الجوية العسكرية “ميرون” إثر إستهدافها من قبل “حزب الله”.
و”تضامنا مع قطاع غزة”، يتبادل “حزب الله” وفصائل فلسطينية في لبنان مع الجيش الإسرائيلي، قصفا يوميا متقطعا منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ما أسفر عن عشرات القتلى والجرحى على طرفي الحدود.