قالت مجلة لوبس الفرنسية إن وحدة الإسرائيليين بشأن الحرب ضد حركة المقاومة الإسلامية “حماس” والتضامن مع المحتجزين لديها في قطاع غزة لم يدوما طويلا، لتظهر بعد 12 أسبوعا من الحرب تصدعات في الإجماع الوطني حول الحرب، وشكوك بشأن إدارة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للصراع، حسب رأي جاك بندلاك الباحث في العلوم الإجتماعية بالقدس.
وإذا كان هجوم حماس 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي قد وحد الإسرائيليين المنقسمين وقتها بشكل حاد حول الإصلاح القضائي الذي إقترحته حكومة نتنياهو فإن إستمرار الصراع -حسب رأي الكاتب في مقاله للمجلة- وطول أمده أحيى الشكوك لدى الرأي العام الإسرائيلي في إدارة الحرب وأزمة المحتجزين.
وقد أعاد ذلك -وفقا للكاتب- الانقسامات بكل قوتها، وبشكل رئيسي بين الأغنياء والفقراء، وبين اليمين واليسار، وبين الداعين لإقامة إسرائيل الكبرى ومؤيدي حل الدولتين.
ويرى الكاتب أن الحرب لم تؤثر على جميع الإسرائيليين بقدر متساو، فقد ضربت جنوب إسرائيل بشدة، إذ ترتفع نسبة الفقر -حسب تقرير الفقر في إسرائيل لعام 2022- إلى 25% في المنطقة الجنوبية مقابل 15% في المنطقة الوسطى، خاصة بين بدو النقب والعديد من اليهود السفارديم في بئر السبع وسديروت ونتيفوت.
ووفقا لمسح أجرته مؤخرا منظمة “لاتيت” الإسرائيلية غير الحكومية -التي تحارب الفقر وإنعدام الأمن الغذائي في إسرائيل- فإن دخل السكان إنخفض 19.7% منذ بداية الحرب.
ويخشى 45.5% من الإسرائيليين من الوقوع في إنعدام الأمن الاقتصادي الكبير، خاصة أن التعويض الجزئي والبطيء للغاية من الدولة لن يؤدي إلا إلى تفاقم الفجوات الإجتماعية الصارخة وعدم المساواة داخل المجتمع الإسرائيلي.
من جهة أخرى، أعادت الحرب إشعال الانقسام بين اليمين واليسار في إسرائيل، بحيث ترتفع نسبة اليمين عندما يرى الإسرائيليون أن حربا ما تشكل تهديدا وجوديا لدولتهم.
وبسرعة كبيرة، تحولت مظاهرات التضامن مع المحتجزين في غزة إلى مواجهة بين مؤيدي نتنياهو ومعارضيه، إذ يطالب الفريق الأول باتفاق لوقف إطلاق النار وتحرير المحتجزين، في حين يؤيد الفريق الآخر الحرب مهما كلف الثمن حتى القضاء على “حماس”.
وينتقد العديد من الإسرائيليين نتنياهو لعدم تحمله المسؤولية عن إندلاع صراع كان يعلم خطورته الوشيكة، ورفضه مناقشة سيناريو إنهاء الحرب ومستقبل قطاع غزة، مما يفقده مصداقيته حتى في معسكره السياسي، وبالتالي لم يعد اليسار الإسرائيلي وحده هو الذي يطالب برحيله.
وإذا كانت الحرب قد أشعلت النقاش في إسرائيل بشأن حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني فإن الحكومة لا تريد الحديث عن مستقبل الأراضي الفلسطينية، خاصة أن نتنياهو بعد تشكيل حكومته الائتلافية في الحالية أصبح أسيرا لليمين الصهيوني والديني المتطرف الذي يؤيد قادته بدون شرط “إسرائيل الكبرى” التي تضم الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية.
وفي الوقت الذي تؤكد فيه إستطلاعات الرأي الأخيرة إنهيار شعبيته يدرك نتنياهو أن نهاية الحرب في غزة ستكون نهاية مسيرته السياسية، وهو لذلك يستبعد حل الدولتين إرضاء لحلفائه اليمينيين المتطرفين الذين يعتمد عليهم ائتلافه الحكومي حتى لا يفقد السلطة .