تنهي تونس العام الحالي بإجراء إستحقاق إنتخابي يعتبر الأول من نوعه في البلاد، وآخر محطة في مسار تثبيت مؤسسات نظام الحكم الجديد المنبثق عن إجراءات الرئيس قيس سعيّد في 25 يوليو/ تموز 2021.
وكانت تونس قد أجرت إستفتاء على الدستور في 25 يوليو من العام الماضي ثم أجرت دورتين للإنتخابات التشريعية في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2022 و29 يناير/ كانون الثاني 2023 إنبثق عنها مجلس نيابي من 153 عضوا، بعد أن كان الرئيس قيس سعيد قد جمد إختصاصات البرلمان السابق ضمن إجراءاته يوم 25 يوليو 2021 قبل أن يحله في 30 مارس/ آذار 2022.
وفي سبتمبر الماضي أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد في خطاب أن الإنتخابات المحلية بالبلاد، ستجرى في 24 ديسمبر/ كانون الأول 2023.
وهذه أول إنتخابات للمجالس البلدية من نوعها في تونس، بحكم أن هيكلية هذه المجالس مستحدثة في دستور 2022.
وللمرة الأولى، ستنشئ الانتخابات مجالس محلية تنتخب فيما بعد “مجالس جهوية” تختار “مجالس أقاليم”، ليتم وفقا لها تكوين “المجلس الأعلى للجهات والأقاليم”، الذي سيكون بمثابة الغرفة الثانية للبرلمان.
7205 مترشحين
ونهاية نوفمبر الماضي أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، أنه تم قبول 7 آلاف و205 مترشحين، لخوض الإنتخابات المحلية، المقرر إجراؤها في 24 ديسمبر الحالي .
وقال رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر، في مؤتمر صحفي بالعاصمة تونس: “6 آلاف و177 مترشحا سيخوضون الانتخابات مباشرة، في حين سيخوض 1028 مترشحا من حاملي الإعاقة القرعة فيما بينهم (كمعاقين مترشحين، ليفوز واحد منهم في كل مجلس محلي).
وأضاف: “22.1 بالمئة من المترشحين، هم من الشباب دون 35 سنة، أما نسبة النساء فهي 13.3 بالمئة من مجموع المترشحين”.
وتابع أن “الناخبين المعنيين بخوض هذه الانتخابات، هم 9 ملايين و79 ألفا و271 ناخبا داخل تونس”، مؤكدا أن “الانتخابات المحلية لا تشمل التونسيين بالخارج”.
4 آلاف و685 مركزا
وقد إستمرت الحملة الانتخابية من 2 ديسمبر الحالي إلى غاية الجمعة الماضي.
ووفق الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تجرى الإنتخابات في 4 آلاف و685 مركز اقتراع تحت إشراف 34 ألفا و500 موظف.
كما أعلنت الهيئة أن الإقتراع سيبدأ من 08.00 صباحا إلى 18.00 مساء بالتوقيت المحلي .
المجلس الأعلى للجهات والأقاليم
ووفق بوعسكر في مؤتمر صحفي سابق: “ستدور الانتخابات في 2155 دائرة إنتخابية بـ 2085 عمادة ( تقسيم إداري) لتشكيل 279 مجلسا محليا، ويتركب أقل مجلس محلي من 6 أعضاء 5 منهم منتخبون وشخص واحد من ذوي الإعاقة”.
وبحسب المرسوم الرئاسي عدد 10 المؤرخ في 8 مارس/ آذار الماضي والمتعلق بتنظيم انتخابات المجالس المحلية وتركيبة المجالس الجهوية ومجالس الأقاليم، تعتبر كل عمادة دائرة انتخابية (المادة 28 من المرسوم). تنتخب ممثلا واحدا عنها (المادة 29) ويتم انتخاب المجلس الجهوي (على مستوى الولاية) عبر القرعة بين أعضاء المجلس المحلي (المادة 21) .
أما مجلس الإقليم فيتم الترشح له من الأعضاء المنتخبون في المجالس الجهوية التابعة له (المادة 23).
وكل مجلس جهوي ينتخب ممثلا واحدا له بمجلس الإقليم (المادة 34) كما ينتخب كل مجلس جهوي 3 أعضاء لتمثيل جهتهم في المجلس الوطني للجهات والأقاليم (الغرفة الثانية للبرلمان) (المادة 35).
وبحسب المادة 36 من المرسوم الرئاسي عدد 10، فإن أعضاء مجلس كل إقليم ينتخبون نائبا واحدا لتمثيل الإقليم في المجلس الوطني للجهات والأقاليم.
مؤيدون ورافضون للإنتخابات المحلية
و تشارك قوى سياسية تونسية بصفة مباشرة وغير مباشرة في هذه الإنتخابات في حين تقاطعها قوى أخرى رافضة لكمال المسار الذي إنطلق بإعلان سعيد لإجراءاته الإستثنائية يوم 25 يوليو 2021.. كما تساند عدة أحزاب أخرى إجراء الإنتخابات المحلية عل غرار التيار الشعبي (قومي ناصري) وحزب مسار 25 يوليو.
في حين ترفض المشاركة في الانتخابات جبهة الخلاص الوطني ( قوة معارضة للرئيس قيس سعيد تتشكل من 6 أحزاب أبرزها حركة النهضة) وحزب العمال (يسار) والحزب الجمهوري (يسار إجتماعي) وحزب آفاق تونس (ليبرالي).
ومنذ 25 يوليو/ تموز 2021، تشهد البلاد أزمة سياسية، حين بدأ الرئيس قيس سعيد فرض إجراءات إستثنائية، منها حل مجلس القضاء والبرلمان، وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء في يوليو 2022، وإجراء إنتخابات تشريعية مبكرة في ديسمبر من العام ذاته، ويناير الماضي.