في البداية أنا فرد من 2 مليار مسلم في هذا العالم، وأنا شخص من ضمن 468 مليون نسمة مليون من هذا الوطن العربي العريض .. في فمي جمّ من الكلام .. وفي عقلي بركان من الرفض .. وفي قلبي فائض من الحزن والغضب ، وأقسى ما أشعر به مع هذه المجازر والإجرام والخذلان هو العار…
عار علينا يا عرب .. فغزة تباد بمعنى الإبادة .. غزة تقصف بالقنابل الفوسفورية الحارقة وسكانها تحت النار .. المجازر في كل شبر من قطاع غزة .. أهل غزة بلا ماء، لا كهرباء ، لا إتصالات ، لا غذاء ، لا دواء، لا مستشفيات ، لا هواء ، لا حياة ، فقط شهداء وأشلاء وبقايا بشر وركام ودمار … عار علينا يا عرب وعلى ديننا وعلى عقيدتنا وإنسانيتنا وضمائرنا …
عار علينا يا عرب هذا التفكك والتشرذم والهوان والضعف والإنحطاط والنخاسة العلنية ، أمام كل هذه المجازر المروعة التي يقترفها جيش الإحتلال الصهيوني في حق الأبرياء من المدنيين العزل والأطفال والعائلات الذين هدمت ونسفت مبانيهم على رؤوسهم وأصبحوا أشلاء تحت الأنقاض …
عار علينا ياعرب .. يا أمة المليار.. والنفط والغاز والذهب والدولار … عار علينا الذل والهوان والصمت والخذلان والأجنة تقتل في الأرحام والأطفال يقولون «بأي ذنب يقتلون» ؟؟؟؟
حتما يوم 7 أكتوبر إنتصرت الأدوات العسكرية البسيطة للمقاومة الفلسطينية على مؤسسات إستخباراتية وعملياتية لجيش يصنَّف أنه من أفضل 18 جيشاً حول العالم، حيث كان ذلك التاريخ بمثابة محطة مفصلية لمتغيرات جيوسياسية رغم كارثة تداعياتها التي تعد أكبر حصيلة من الشهداء بحروب إسرائيل على فلسطين المحتلة …
فقد نجح «طوفان الأقصى» في تقسيم العالم بإسره بعد 7/10 إلى إتجاهين متضاربين ، وثبّت نمو القطب الجديد الذي يدافع عن حق الشعب الفلسطيني في الحياة في دولته المستقلة .. كما ظهر حياد سياسياً رسميا لحكومات مفعول بها ، مع إتساع الفجوات بين إرادة الشعوب الغاضبة في كل أصقاع الأرض وحكوماتها المترددة الخانعة .
حتما نقلت الضربة المباغتة في السابع من أكتوبر التي تعرض لها الكيان الصهيوني القضية الفلسطينية برمتها إلى مسار جديد مختلف في الحسابات الإستراتيجية لدول الشرق الأوسط وتوازناتها الأقليمية أولاً، وللقوى الدولية الكبرى وصراعاتها للسيطرة على المنطقة ثانياً.. فمن جهة أحدثت عملية طوفان الاقصى ما لم يكن في الحسبان بتاتاً، ولم يكن حتى في التخطيطات العسكرية لكل الحروب التي شهدتها فلسطين منذ 1948، وهذا ما دفع اسرائيل إلى قرار صارم بالإنتقام من خلال إنتهاج سياسة الأرض المحروقة والعقاب الجماعي والتهجير القسري والحصار اللاإنساني الذي شمل كل القطاع .. من جهة اخرى ومثلما أعادت هذه العملية القضية الفلسطينية إلى الواجهة بقوة عربياً ودولياً، فإنها كشفت حجم النفاق السياسي البراغماتي الغربي – الأمريكي من خلال الوقوف في جنب الكيان الصهيوني ودعمه بالمال والعتاد والتحركات الدبلوماسية …
لم يكن الموقف الأمريكي من «طوفان الاقصى» مفاجئا أو غير متوقعاً، لكن لم يُذكَر في كل تاريخ الصراع العربي-الصهيوني أن إندفعت الولايات المتحدة بمثل هذه الصورة السافرة، فلم يُسَجَل على أي رئيس أمريكي خروجهُ على الملأ ليعترف بأنه صهيوني وليعلن إنحيازه التام إلى إسرائيل بهذه الطريقة، أو أن يتخذ قراراً إستثنائياً بإرسال حاملتي طائرات عملاقة (جيرالد فورد ودوايت إيزنهاور) وسفن حربية مرافقة إلى المنطقة مع مساعدات عسكرية غير محدودة ومالية، إلى جانب مشاركة تقريبا 5 آلاف جندي أمريكا في العملية البرية بكامل قطاع غزة ، إضافة إلى إستخدامها الفيتو لتعطيل قرار وقف الحرب ضد غزة الذي يدعو لهدنة إنسانية فورية ودائمة .
الآن نزلت واشنطن إلى ساحة الصراع بنفسها، وبصورة إستفزازية للفلسطينيين خاصة ودول المنطقة عامة.. كما أن هذا الدعم الإستثنائي كشف مسألة مهمة وهي ضعف إسرائيل، وهشاشة دفاعاتها وعجز منظموتها العسكرية، التي صورتها الولايات المتحدة بكونها قوة ضاربة وجيش لا يقهر ولا مثيل له في المنطقة ، كشف أنها بحاجة لدعم عسكري أمريكي مباشر ، حيث تسعى للحصول على صواريخ إعتراضية لنظام الدفاع الجوي وذخائر موجهة بدقة وطلقات ذخيرة وذلك تحسبا لنشوب صراع طويل الأمد يؤدي إلى نفاذ المخزونات الإسرائيلية ، ووصلت بالفعل كل السفن الحربية الأمريكية والطائرات إلى المنطقة لتكون جاهزة لتزويد الكيان الصهيوني بكل ما يحتاجه لمواصلة أعمالها العدوانية والمجازر المروعة .. وصل الأمر بوزير الحرب الإسرائيلي يواف غالانت يقول « نحن نقاتل حيوانات بشرية ».. وبالتالي كيف يمكن إنتهاك القانون الدولي والمواثيق الدولية بهذه الصورة السافرة …؟؟؟؟؟
فكل هذه المجازر المروعة تضاف إلى التاريخ الإجرامي للكيان الصهيوني .. وهذا يشكل إنتهاكا فاضحا وسافرا للقانون الدولي الإنساني والعديد من القواعد والمبادىء الأساسية التي تحكم النزاعات المسلحة الدولية ، والتي تفرض شرط التمييز بين المدنيين والمقاتلين .. وبالتالي مادام الصهاينة يفلتون من العقاب في كل سجلهم التاريخي الإجرامي هذا يعني أن المجتمع الدولي أصبح بدون ضمير وقيم إنسانية ، وأن القانون الدولي لا يطبق على إسرائيل، بما أن منطق القوة سيد العالم، لذلك لم تعد أي قيمة لكل المواثيق والمعاهدات الدولية، بما أن العدالة بدون قانون هي حـــــــالة عجز ، ويبقى في الأخير قانون السماء …
الرحمة والمغفرة على كل شهداء غزة الأبرار وجعل الله مثواهم جنة النعيم
والله أكبر على كل من طغى وتجبر