مرشحون بعضهم قديم – جديد .. في سياق ولاءات خارجية وتدخلات دولية وصفقات سياسية
أبرزهم قائد الجيش الذي يحظى بدعم شعبي وأيضاً سليمان فرجية رغم تكتم حزب الله والبطريكية المارونية
كتبت / بثينة جبنون
مع بدء العد العكسي لإنتخابات رئاسة الجمهورية اللبنانية التي يفترض أن تجرى قبل إنتهاء ولاية الرئيس الحالي ميشال عون، في نهاية أكتوبر الحالي، بدأ التداول ببورصة من الأسماء بعضها قديم – جديد ويعتبر من المرشحين الدائمين للرئاسة، وبعضها بدأ يطرح كمرشح توافقي، في وقت تبقى فيه الأمور مفتوحة على كل الإحتمالات بإنتظار ساعة الصفر.
وإلى جانب المرشحين السياسيين من رؤساء الأحزاب المسيحية، وقائد الجيش اللبناني، وبعض المستقلين تتراوح بعض المطالب الداخلية بأن يكون الرئيس المقبل من خلفية إدارية وقانونية ومالية في لحظة لبنانية حاسمة متصلة بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي .
وبعد فشل مجلس النواب اللبناني في جلسته الأولى في إنتخاب رئيس جديد للجمهورية وسط إنقسامات سياسية وأزمة إقتصادية ومالية عميقة تعصف بالبلاد، تتعدد السيناريوهات من بينها مؤشرات لشغور منصب رئيس الجمهورية .
فقد أجرى أعضاء البرلمان اللبناني جولة أولى من التصويت دون التوصل لإجماع على رئيس جديد توافقي للجمهورية يخلف، ميشال عون، التي تنتهي ولايته مع نهاية الشهر الحالي، ولن تتبلور هوية الرئيس العتيد إلا في سياق صفقات سياسية محسوبة ….
ويتعين الحصول على أصوات ثلثي المشرعين في البرلمان المؤلف من 128 عضوا (أي 86 صوتا) لكي ينجح المرشح في الفوز بالرئاسة من الدورة الأولى من التصويت، وبعد ذلك ستكفيه أغلبية بسيطة لتأمين المنصب.. وفي حال جرت جولة ثانية فالغالبية المطلوبة هي 65 صوتا.
وقبل الغوص بالأسماء والملفات، علينا العودة إلى الدستور اللبناني وعرض المواد المتعلقة بإنتخاب الرئيس.. فقد تعرض الدستور لكيفية إنتخاب الرئيس في الأحوال العادية وكذلك في الحالات الإستثنائية …
ففي الأحوال العادية، جاء في المادة 49 “ينتخب رئيس الجمهورية بالإقتراع السري بغالبية الثلثين من مجلس النواب في الدورة الأولى، ويكتفي بالغالبية المطلقة في دورات الإقتراع التي تلي”.
وتدوم رئاسته ست سنوات ولا تجوز إعادة إنتخابه إلا بعد ست سنوات لإنتهاء ولايته.. كما أنه لا يجوز إنتخاب القضاة وموظفي الفئة الأولى وما يعادلها في جميع الإدارات العامة والمؤسسات العامة وسائر الأشخاص المعنويين في القانون العام، مدة قيامهم بوظيفتهم وخلال السنتين اللتين تليان تاريخ إستقالتهم وإنقطاعهم فعليا عن وظيفتهم أو تاريخ إحالتهم على التقاعد”.
وحددت المادة 73 المهلة الدستورية لإنتخاب الرئيس وتتضمن التالي:
قبل موعد إنتهاء ولاية رئيس الجمهورية بمدة شهر على الأقل أو شهرين على الأكثر يلتئم المجلس بناء على دعوة من رئيسه لإنتخاب الرئيس الجديد، وإذا لم يدع المجلس لهذا الغرض فإنه يجتمع حكما في اليوم العاشر الذي يسبق أجل إنتهاء ولاية الرئيس”.
سمير جعجع مرشح للرئاسية يتمتع بعلاقة جيدة مع السعودية كما أنه يشترك معها في مواجهة أجندات حزب الله وحلفائه
وإستنادا إلى تلك المواد الدستورية ومنذ مطلع أيلول (سبتمبر) فإن لبنان قد دخل بالمهلة الدستورية لإنتخاب رئيس جمهورية جديد، وفي إنتظار دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري لإنتخاب الرئيس ، حيث تشير المعلومات الى أنه سيدعو إلى جلسة إنتخاب آخرى بعد منتصف شهر أكتوبر الحالي ، وسط خشية من تكرار مشهد الفراغ الرئاسي والدخول في متاهات النصاب القانوني وتعطيله من قبل الأطراف السياسية في إنتظار تسوية إقليمية .
هناك أكثر من مرشح في سباق الرئاسية اللبنانية ، أبرزهم قائد الجيش العماد جوزيف عون والذي يعتبر مرشحا طبيعيا لرئاسة الجمهورية ، وهو الماروني الذي يتولى رئاسة المؤسسة العسكرية التي سبق أن أوصلت عددا من الرؤساء السابقون إلى هذا المنصب ، والذي يتطلب لتعديل دستوري .
أيضاً يعتبر رئيس تيار المردة من أبرز المرشحين والمرشح شبه الدائم للرئاسة ، وتسير بعض المصادر المطلعة بلبنان أن موافقته على إنتخاب الرئيس ميشال عون عام 2016 أتت بعد وعود تلقاها من حليفه ” حزب الله ” أنه سيكون الرئيس المقبل للبنان .
أيضاً هناك رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ، وهو صهر الرئيس ميشال عون ، ويتهمه خصومه أنه يريد أن ” يرث الحكم “، وأصبح ورقة محروقة ولم يعد يحظى بدعم حلفائه .
كذلك كغيره من رؤساء الأحزاب ، يطرح إسم سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية ، رغم إقتناع معظم الفرقاء بعدم حظوظه بوصفه مرشخ غير توافقي لأسباب سياسية وولاءاته الخارجية .
وفي المقابل، يقول سمير جعجع إنه منفتحٌ على الإنسحاب لأي مرشح يلبّي مواصفات حزبه .. وقال سمير جعجع، الذي يحظى بدعم سعودي، إنه مستعد للترشح ممثلا عن المعارضة لإنتخابات الرئاسة وهو ما يضعه في مواجهة سليمان فرنجية .
ويتمتع جعجع بعلاقة جيدة مع السعودية كما أنه يشترك معها في مواجهة أجندات حزب الله وحلفائه.
إلى جانب بعض الشخصيات المستقلة الغير فاعلة ، تتضمن قائمة المرشحين سيدتان السفيرة السابقة في الأردن ترايسي شمعون والأكاديمية الناشطة الحقوقية مي الريحاني المقيمة بالولايات المتحدة الامريكية .
ولا يزال حزب الله اللاعب الرئيسي في الإنتخابات متكتما عن مرشحه لقصر بعبدا، إلا أن ما يتكتم عنه الحزب أخرجه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية إلى العلن ، حيث قال سليمان فرنجية في مقابلة مع إحدى القنوات المحلية إنه متفاؤل أكثر من أي وقت مضى بالوصول إلى قصر بعبدا، مؤكدا “لست مرشح حزب الله لكن الحزب يرتاح لي لأنني لن أطعنه”.
وأضافت المصادر أن تصريحات سليمان فرنجية تؤكد سقوط رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل من حسابات حزب الله الرئاسية وهو ما إستشفه الرئيس اللبناني ميشال عون في وقت سابق عندما صرح بأن “حزب الله تخلى عني”.. وأكد فرنجية ذلك بالقول “سابقا كان هناك وعد أساسي من الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله لرئيس الجمهورية ميشال عون إلا أن اليوم لا وعد لأحد”.
وقد وقف سليمان فرنجية في منطقة رمادية عندما تعلق الشأن بتحييد سلاح حزب الله، وهو ما إعتبرته أوساط سياسية مضمونة الوصول لحزب الله مفادها أن سلاحه لن يكون محل نقاش فيما لو أصبح رئيسا للجمهورية.. وقد صرح سليمان فرنجية “موضوع سلاح حزب الله هو موضوع إقليمي والمزايدات توصل إلى التشنّجات”، مؤكدا أن “موقف المقاومة هو موقف قوّة للبنان”.
وحسب محللون فإن المعادلة الآن تغيرت ومصالح حزب الله أيضا تغيّرت وأن الحزب لن يعيد ترشيح قائد التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي كان عون يقوده في 2016.
إلى جانب بعض الشخصيات المستقلة الغير فاعلة ، تتضمن قائمة المرشحين سيدتان السفيرة السابقة في الأردن ترايسي شمعون والأكاديمية الناشطة الحقوقية مي الريحاني
وأمام حزب الله، الذي أثبتت المعطيات أنّه تراجع نوعا ما في الإنتخابات، مرشّحَان هما فرنجية وباسيل ، وبما أنّ الثاني لن يصل بسهولة فإنّ الإتفاق على تسمية سليمان فرنجيّة هو الأقرب إلى الواقع .. كذلك قبوله من كافة الأطراف بما فيها جزء من المسيحيين بإستثناء الطامحين إلى رئاسة الجمهوريّة( سمير جعجع ) وعلاقته المميزة مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، ومع العديد من مرجعيّات الكنسيّة على أنواعها.
ويشكل طرح حزب الله لفرنجية كرئيس للجمهورية طمأنينة إلى أفرقاء عدّة مثل الحزب التقدّمي الاشتراكي وتيار المستقبل الذي تجمعه برئيسه علاقة ممتازة وحركة أمل وللمستقلين المسيحيين، لما يحتفظ به فرنجية من علاقات جيّدة مع الدول العربية والغربية لاسيما روسيا وفرنسا، وهذا ما تجلى في ترشيحه من قبلها جميعا عام 2016، ما سيسهل تمرير إسمه كمرشح جدي للرئاسة.
ويُمكن لأيّ إسم آخر يُطرح أن يُشكّل حالة تصادميّة، لكن بوجود إجماع محلي وعربي ودولي فإنّه من السهولة لفرنجية أن يَصل بأكثريّة نيابيّة مَقبولة لاسيما بعد “بروفة” المجلس النيابي وإمكانيّاته المُتاحة للتعامل جيدا مع المكوّن المسيحي في البلد.
وكان رئيس حركة أمل نبيه بري قد عارض تزكية الرئيس عون وعبّر عن دعمه لفرنجية قبل أن يحسم حزب الله الأمر لصالح عون، إلا أن محللين يؤكدون أن هذا السيناريو لن يعاد في الإنتخابات الرئاسية المرتقبة لصالح باسيل.
وفي المقابل، يعتبر رئيس حزب القوات اللبنانية جعجع مرشحا طبيعيا لرئاسة لبنان، لكنه يقول إنه منفتحٌ على الإنسحاب لأي مرشح يلبّي مواصفات حزبه .. وقال سمير جعجع، الذي يحظى بدعم سعودي، إنه مستعد للترشح ممثلا عن المعارضة لإنتخابات الرئاسة وهو ما يضعه في مواجهة سليمان فرنجية مرشح حزب الله.
ويشير محللون إلى أن التوافق على إسم الرئيس لم يكن شرطا داخليا فقط، بل يتأثر بالصفقات السياسية وأيضا بالمناخات والتوجهات الإقليمية والدولية ، في مقدمتها إيران والسعودية وفرنسا والولايات المتحدة.