تبدأ هذا الأسبوع ولاية المجلس النيابي اللبناني الجديد، بعد جدل مستفيض في الأيام الماضية حول الأعداد والأوزان داخل المجلس المنتخب الذي بات واضحا بأن الأكثرية فيه ستكون متحركة تبعا لطبيعة القضايا المطروحة أمام النواب .
ومع إنطلاق المجلس النيابي الجديد فقد إنتقل الجدل في لبنان من قراءة نتائج الإنتخابات والأحجام داخله، إلى الإستحقاقات الماثلة أمام المجلس في ظل حالة الإنهيار الإقتصادي والمعيشي في البلاد. ومن أهم المهام أمام النواب الجدد هو كيفية إدارة إستحقاقات مرتبطة بإنجاز الانتخابات النيابية وأولها تشكيل حكومة قادرة على تنفيذ خطة إنقاذ إقتصادي، ولا يبدو في ظل واقع المجلس الحالي والإنقسام السياسي الحاد في لبنان من أن هذا الإستحقاق سوف ينجز بالسرعة المطلوبة. وأن المفاوضات الطويلة والشاقة ستظل تقليديا ثابتا يوسم الحياة السياسية في البلاد .. لذلك ترجح كافة الأوساط السياسية اللبنانية بقاء حكومة نجيب ميقاتي في حالة تصريف أعمال لمدة طويلة قد تصل إلى تاريخ إنتخاب المجلس لرئيس الجمهورية بعد إنتهاء ولاية الرئيس الحالي ميشيل عون بعد أربعة شهور.
وخلال الساعات الماضية إنشغلت الأوساط السياسية بالخطوة الأولى للنواب في المجلس الجديد وهي إنتخاب رئيس للمجلس ونائب للرئيس، رئاسة البرلمان المنصب الذي يشغله نبيه بري منذ العام 1992، حتى اليوم، أصبح مثار جدل بين تمسك الثنائي الشيعي بترشيح بري، ورغبة كتل وازنه مع مستقلين إنتخاب شخصية جديدة إنسجاما مع المرحلة التغييرية التي يبشرون بها، ودخل الموقف من ولاية الرئيس بري الجديدة بازار النخبة السياسية ووسائل الاعلام في لبنان، مع إدلاء كل طرف بموقفه وشرح مبررات الرفض او الموافقة.
ووفق التقسيم الطائفي الذي يحكم الحياة السياسية فان رئاسة مجلس النواب من حصة الطائفة الشيعية وقد توافقت الكتل الشيعية على إعادة إنتخاب نبيه بري لولاية جديدة في المجلس، بالمقابل ترفض الكتلتان المسيحيتان التيار الوطني الحر وحزب القوات التصويت لصالح بري مضافا إليها عدد من النواب المستقلين.
وشدد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، على “ أننا أمام مواجهة كبيرة لإخراج لبنان مما يتخبط به والخطوة الاولى تبدأ مع إنتخابات رئاسة المجلس النيابي، مجددا التأكيد أن “القوات” لن ننتخب الرئيس نبيه بري والانظار متجهة نحو تعاطي خصمه رئيس التيار الوطني جبران باسيل في هذا الشأن الذي لطالما كرر بأن الرئيس بري وجماعته “ما خلو يشتغل” وأنهم فاسدون و”بلطجية” حسب قول جعجع.
ومن دون شك أن الرئيس بري سيحظى بتأييد وأصوات النواب الشيعة جميعا بالإضافة لأصوات الكتلة الدرزية وبعض النواب السنة وعدد من النواب المستقلين، ومن المرجح أن يجدد بري لولاية جديدة في رئاسة المجلس ولكن بنسبة أصوات ضئيلة، ومن المؤكد أن المجلس سوف يتجاوز هذه المعضلة التي تعتبر تفصيلا قياسا بالعقبات الكبرى المنتظرة، ولكن قد يعتبر الانقسام حول أول خطوة في المجلس مؤشرا على عمق الانقسام القائم في البلاد، والذي سوف ينعكس في كيفية تعاطي المجلس مع القضايا الأكثر حساسية، خاصة مع تصميم قوى سياسية مناوئة للمقاومة في لبنان على ملازمة خطة الإنقاذ الاقتصادي مع عناوين سياسية تبدو غير واقعية مثل طرح موضوع سلاح حزب الله، وهو ما قد يدفع البلاد الى توتر وتأزيم بدلا من الحلول العاجلة.