اجتمع مندوبون لبنانيون وإسرائيليون مدنيون الأربعاء في أول محادثات مباشرة بين البلدين منذ عقود، في إطار آلية مراقبة وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله الذي بدأ قبل سنة، وفق مصدر قريب من المحادثات.
ويأتي الاجتماع في وقت كثّفت فيه إسرائيل ضرباتها على لبنان في الآونة الأخيرة، مؤكدة أنها تستهدف محاولات حزب الله إعادة بناء قدراته بعد تكبده خسائر كبيرة في الحرب، وتوعدت بالمزيد بعد مرور أكثر من عام على وقف إطلاق النار.
وأعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أن بنيامين نتنياهو أصدر توجيهات بإرسال مندوب إلى لبنان للاجتماع مع مسؤولين، وذلك في “محاولة أولية لوضع أساس لعلاقة” بين البلدين اللذين لا يزالان في حالة حرب رسمياً.
وأوضح مكتب نتنياهو أن ممثلين مدنيين لبنانيين وإسرائيليين عقدوا أول محادثات مباشرة لهم في إطار آلية مراقبة وقف إطلاق النار مع حزب الله.
والتقى الجانبان في مقر قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في الناقورة اللبنانية قرب الحدود مع إسرائيل، كجزء من آلية للإشراف على وقف إطلاق النار، وفق ما نقلت فرانس برس.
يأتي ذلك بعد إعلان رئاسة الجمهورية اللبنانية تكليف السفير السابق سيمون كرم ترؤس وفد بلاده إلى اللجنة المعروفة بـ”الميكانيزم”، وكانت تتألف من عسكريين. وتتألف اللجنة الخماسية من ممثلين عن لبنان وإسرائيل والولايات المتحدة وفرنسا واليونيفيل.
كما أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أن نتنياهو “وجّه… مدير مجلس الأمن القومي بالإنابة لإرسال ممثل عنه لاجتماع مع مسؤولين حكوميين واقتصاديين في لبنان”، واضعاً ذلك في إطار “محاولة أولية لوضع أساس لعلاقة وتعاون اقتصادي بين إسرائيل ولبنان”.
وتوصّلت إسرائيل وحزب الله في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بعد عام من مواجهة دامية بدأت إثر فتح حزب الله ما سمّاه “جبهة إسناد” من جنوب لبنان لدعم الفلسطينيين في الحرب في قطاع غزة.
وضعت المتحدثة باسم الرئاسة اللبنانية نجاة شرف الدين خطوة تعيين كرم، وهو سفير سابق في واشنطن، في إطار التزام رئيس الجمهورية “بقسمه الدستوري، وعملاً بصلاحياته الدستورية، من أجل الدفاع عن سيادة لبنان وسلامة أراضيه ومصالحه العليا، وتجاوباً مع المساعي المشكورة من قبل حكومة الولايات المتحدة الأمريكية”.
اختياره اليوم يُحاكي المطلب الأميركي بوجود تمثيل سياسي ضمن “الميكانزيم” وتطوير عملها نحو طابع سياسي، بما ينسجم مع مبادرة الرئيس عون الأخيرة بالدعوة إلى التفاوض.
من هو سيمون كرم ؟
وُلد سيمون كرم في 2 فبراير/شباط 1950 في بلدة جزين في جنوب لبنان، وهو ينتمي للطائفة المارونية ونشأ في بيئة اجتماعية تهتم بالثقافة والتعليم.. والتحق بجامعة القديس يوسف حيث حصل على إجازة في الحقوق.
تربى كرم في بيت سياسي كنسي ديني. عين محافظا للبقاع في بداية عهد الرئيس الراحل إلياس الهراوي عام 1991، ولكنه لم يتفاهم مع غازي كنعان. عين سفيراً للبنان في الولايات المتحدة يوم كان فارس بويز وزيرا للخارجية. لم يتفاهم مع سفير سوريا في واشنطن كذلك الأمر. وكان على خلاف مع وليد المعلم لمحاولة الأخير السيطرة على قرار لبنان، فاستقال وعاد إلى لبنان.
أنشأ مع إدمون رزق “لقاء جزين أولا”، وطلب بانسحاب إسرائيل من الجنوب، ثم أنشأ حركة معنا لبنان وكان معه سمير فرنجية وفارس سعيد وطوني فرنسيس واخرين.
هو من مؤسسي “قرنة شهوان” عام 2000 أيضاً ومن عرّابي اتفاق الطائف، ومن المقرّبين إلى النائب الراحل سمير فرنجية، وكذلك كان مقرباً جداً من البطريرك الراحل نصرالله صفير.
وتميّز بالواقعية في مقاربته السياسية، ومن أبرز المشاركين في تجربة 14 آذار.. كذلك قاد مصالحة الجبل عام 2001.
وقبل دخوله السلك الدبلوماسي، شغل كرم منصبين إداريين رفيعين؛ محافظ البقاع 1990، ومحافظ بيروت 1991.
لا يُكثر كرم من إطلالاته الإعلامية، لكنه معروف بمواقفه الحادة وبصراحته الكبيرة وكان من أركان حراك انطلق قبل نحو عشرين عاماً ضد الوجود السوري في لبنان آنذاك.. ويُعرف عنه كذلك معارضته الواضحة لأي وجود مسلح خارج الدولة اللبنانية.







