دخلت العلاقات الجزائرية الفرنسية منعرجا جديدا من التوتر بعدما استدعت وزارة الخارجية الجزائرية، سفير فرنسا لدى البلاد، ستيفان روماتيه، لإبلاغ باريس برفض السلطات القاطع لما اعتبرته محاولات متكررة لاستهداف سيادتها.
وحسب ما نقلته صحيفة “المجاهد” الجزائرية الحكومية عن مصادر دبلوماسية وصفتها بالموثوقة، يأتي استدعاء السفير الفرنسي في الجزائر في أعقاب ثبوت المشاركة المباشرة لأجهزة الاستخبارات الفرنسية وضلوعها في مخططات تهدف إلى زعزعة استقرار الجزائر.
وشددت الجزائر وفقا للمصدر نفسه، على أن “الأفعال الاستفزازية الفرنسية لن تمر دون رد مناسب”.
وفي أول رد رسمي على خلفية استدعاء سفيرها في الجزائر، قالت فرنسا على لسان وزير الشؤون الخارجية، جون نويل بارو، في حديث لإذاعة ” فرانس إنتير” المحلية إن الاتهامات “غير مؤسسة، ونتأسف لذلك” دون الدخول في تفاصيل الموضوع، مؤكدا أنه على اتصال مع سفير بلاده.
ويأتي هذا التطور بعد أيام من إعلان مصالح الأمن الجزائري تمكنها من إحباط مؤامرة تقول إنها “من تخطيط المخابرات الفرنسية لزعزعة استقرار الجزائر عن طريق تجنيد شاب جزائري نشأ في المهجر لتحقيق غاياتها العدائية، غير أنه كان أكثر وعيا بالنشاط العدائي الذي كان وما زال يحاك ضد وطنه الجزائر”.
المخطط
وبث التلفزيون الجزائري وقناة الجزائر الدولية الحكومية وثائقيا يتناول اعترافات الشاب محمد أمين عيساوي، عن محاولة المخابرات الفرنسية تجنيده لصالحها.
وحسب تصريحات عيساوي في الوثائقي، فقد استغلت المخابرات الفرنسية التجربة المرّة التي عاشها في وقت سابق بعدما تم استدراجه ليلتحق من أوروبا حيث نشأ وترعرع رفقة أهله بتنظيم الدولة في سوريا والعراق قبل أن يتم اعتقاله وينقل إلى تركيا، ثم يرحل إلى الجزائر ويقضي محكومية 3 سنوات سجنا انقضت سنة 2019 ليعود بعدها تدريجيا إلى حياته الطبيعية.
وقال إنه تلقى سنة 2022 اتصالا هاتفيا يدعي مساعدته لتدارك تصنيف ملفه لدى وزارة الدفاع الفرنسية ضمن الملفات السوداء مما يسمح بعودته إلى أوروبا، من قبل جمعية “أرتميس” التي سبق لها أن قامت بعمليات تقرب من جزائريين أصحاب قضايا ذات طابع إرهابي مقيمين في فرنسا.
وأورد الوثائقي أن كل ما كان يحدث مع أمين كان محل مراقبة، حيث رصدت الصور الملتقطة اللقاء الأول الذي جمعه بمصالح الاستخبارات الفرنسية تحت غطاء جمعية “أرتميس” في أبريل/نيسان 2023 بالجزائر العاصمة وكان الشخص الذي التقاه موظفا تابعا للمديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسية ويشغل منصب سكرتير أول على مستوى السفارة الفرنسية بالجزائر.
وقال إن العميل الفرنسي اصطحبه مباشرة إلى المركز الثقافي الفرنسي، حيث جرت بينهما محادثة مطولة قبل أن يكشف له أنه عنصر من المخابرات الفرنسية.
وتواصلت مصالح الأمن الوطني مع الشاب وزودته بتعليمات لمواصلة العمل مع الجهات الفرنسية وإعلامها بكل الاتصالات والرسائل المتبادلة عبر تطبيق الواتساب.
وأكد المعني أنهم أرادوا إرساله إلى النيجر، كما طلبوا منه التقرب من المتطرفين في الجزائر العاصمة وكسب ثقتهم قصد إنشاء جماعة إرهابية يترأسها دون الكشف عمن يقف وراءها، متعهدة بتزويدهم بالأسلحة الضرورية في نشاطهم من خارج الجزائر، كما طلبوا منه تحديد أماكن وجود كاميرات المراقبة ودوريات الشرطة بالزي المدني وغيرها.