اختتم مهرجان قرطاج السينمائي، السبت، فعاليات دورته الأخيرة بتكريم خاص للمخرجة التونسية كوثر بن هنية، احتفاءً بفيلمها الإنساني المؤثر «صوت هند رجب»، الذي نجح في تحويل مأساة طفلة فلسطينية من غزة إلى عمل سينمائي هزّ الوجدان داخل قاعات العرض وخارجها.
وخلال هذا التكريم، شددت بن هنية على أن السينما ليست مجرد أداة فنية، بل يمكن أن تتحول إلى فعل مقاومة إنسانية، مؤكدة أن صوت طفلة من غزة قادر على تجاوز الحدود الجغرافية والسياسية، وتحويل الألم إلى ذاكرة جماعية لا تزول.
وتعود قصة الفيلم إلى نحو عامين، حين تابع العالم بذهول نداءات الاستغاثة التي أطلقتها الطفلة هند رجب، ذات الست سنوات، عبر الهاتف، بعدما تعرضت سيارة عائلتها لقصف مباشر أودى بحياة جميع من كانوا معها.
ولساعات طويلة، ظل صوتها مسجّلًا وهي تصف الخطر الذي يحيط بها وتترجى النجدة، قبل أن ينقطع الاتصال فجأة.
وبعد أيام من الانتظار والترقب، تبيّن أن هند، رفقة المسعفين أحمد ويوسف اللذين توجها لمحاولة إنقاذها، قد استشهدوا جميعهم، في حادثة صدمت الرأي العام وأثارت موجة واسعة من التعاطف والغضب.
وكانت التسجيلات الصوتية التي نشرها الهلال الأحمر الفلسطيني الشرارة الأولى لولادة فيلم «صوت هند رجب». وتوضح كوثر بن هنية أن هذا الصوت “يستحيل نسيانه”، مضيفة أنها شعرت بمسؤولية أخلاقية عميقة لتحويل تلك الوثيقة الإنسانية إلى عمل سينمائي يضمن بقاء القصة حية في الذاكرة الجماعية.
ويعتمد الفيلم على مزج ذكي بين تسجيلات صوتية حقيقية ومشاهد تمثيلية، لإعادة بناء اللحظات الأخيرة للطفلة والمسعفين، في معالجة إنسانية مؤثرة تضع المشاهد في قلب المأساة، دون افتعال أو خطاب مباشر.
وقد لقي الفيلم تفاعلًا لافتًا بعد عرضه في الدورة الأخيرة لمهرجان فينيسيا السينمائي، حيث قوبل بتصفيق حار استمر لأكثر من 23 دقيقة، في مشهد نادر عكس عمق الأثر العاطفي الذي تركه العمل لدى الجمهور والنقاد على حد سواء.







