اعتبرت حركة حماس، الخميس، أن هجوم إسرائيل على قادتها بالعاصمة القطرية الدوحة “جريمة مكتملة الأركان”، وقالت إن ذلك “لم يكن مجرد محاولة اغتيال للوفد، بل قصف واغتيال لمسار التفاوض برمته”.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي للقيادي في الحركة فوزي برهوم، نقلته قناة “الأقصى” الفضائية، تعليقا على هجوم شنته إسرائيل على مقر سكني بالدوحة لقادة في “حماس”، الثلاثاء، أسفر عن نجاة الوفد المفاوض، ومقتل نجل رئيس الوفد خليل الحية، ومدير مكتبه جهاد لبد، و3 مرافقين إضافة إلى عنصر أمني قطري.
وفي المؤتمر الصحفي، قال برهوم: “هذه الجريمة لم تكن مجرد محاولة اغتيال للوفد، بل هي قصف واغتيال لمسار التفاوض برمته، واستهداف مقصود لدور الإخوة الوسطاء في قطر ومصر”.
وأوضح أن الهجوم “تأكيد فج من (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو وعصابته الإجرامية على رفضهم التوصل إلى أي اتفاق، وإصرارهم على إفشال كل المساعي والجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى وقف الإبادة والتجويع وإنهاء الحرب ضد أهلنا في غزة”.
وشدد على أن الهجوم “يثبت بجلاء أن نتنياهو وحكومته المتطرفة يتحملون وحدهم المسؤولية الكاملة عن إفشال وتعطيل جميع محطات التفاوض السابقة”.
والثلاثاء، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه شن هجوما جويا على قيادة حركة حماس بالدوحة، ما أثار إدانات إقليمية وعالمية واسعة ودعوات لإقرار مسار رد جماعي لردع إسرائيل.
وأدانت قطر الهجوم الإسرائيلي، واصفة إياه بأنه “إرهاب دولة”، ومؤكدة احتفاظها بحق الرد على هذا العدوان الذي أسفر عن مقتل عنصر من قوى الأمن الداخلي.
وقال برهوم إن “الدماء الطاهرة التي امتزجت بأرض قطر الشقيقة، تؤكد بكل وضوح أن المعركة مع الكيان الصهيوني ليست معركة غزة ولا حماس ولا فلسطين فحسب، بل هي معركة الأمة بأسرها”.
تابع: “إننا أمام جريمة مكتملة الأركان، لا تستهدف فقط سيادة دولة عربية، بل تستهدف كل ما تمثله قطر من قيم العروبة والإسلام ونصرة المستضعفين والمظلومين”.
وأردف أن “الجريمة التي ارتكبها الكيان الصهيوني في العاصمة القطرية ليست اعتداء صارخا على سيادة وأمن واستقرار دولة قطر فحسب، وإنما اعتداء همجي وإعلان حرب مفتوحة على كل دولنا العربية والإسلامية، وتهديد لأمن واستقرار المنطقة بأسرها”.
وأضاف: “يؤكد هذا السلوك أن الاحتلال يعرض الأمن الإقليمي والدولي برمته للخطر، وأن على قادة العالم أن يختاروا بوضوح بين شريعة الغاب التي تفرضها إسرائيل بجرائمها، وبين القانون الدولي والإنساني الذي يجرم هذه الأفعال ويلزم بمحاسبة مرتكبيها”.
وأعرب برهوم عن تضامن حركة حماس “المطلق مع دولة قطر الشقيقة، أميرا وحكومة وشعبا”.
وزاد: “نثمّن كل المواقف المتضامنة مع قطر والرافضة للعدوان الصهيوني، وندعو إلى مزيد من المواقف والإجراءات العملية الرادعة للغطرسة الصهيونية، التي تهدد أمن واستقرار دولنا العربية والإسلامية”.
ودعا برهوم “قادة الدول العربية والإسلامية إلى الوقوف بقوة أمام هذه الغطرسة الصهيونية، واستخدام كل عناصر القوة وأدوات الضغط والتأثير السياسي والدبلوماسي والاقتصادي والقانوني لتدفيع نتنياهو وحكومته الفاشية ثمن جرائمهم، والعمل الجاد على وقف العدوان وحرب الإبادة والتهجير والتجويع لشعبنا في قطاع غزة”.
وأشادت حركة حماس بـ”كل المواقف الرسمية والشعبية المعبرة عن تضامنها مع دولة قطر الشقيقة ومع شعبنا وحركتنا ومقاومتنا”.
وأكمل برهوم أن “الأمر يتطلب تحركا عربيا وإسلاميا ودوليا قويا وفاعلا لعزل هذا الكيان المجرم ومعاقبته ومواجهة مشاريعه ومخططاته”.
وأكد أن “المحاولة الفاشلة للكيان الصهيوني في اغتيال وفد الحركة المفاوض في الدوحة، واستمرار تهديده بتنفيذ اغتيالات لقيادة الحركة في الخارج، يعكس بحثه عن صور نصر وهمية، بعد عجزه عن تحقيق أهدافه ومخططاته العدوانية في قطاع غزة على مدار 23 شهرا، حيث يمارس كل أعمال القتل والتدمير والتجويع والإبادة الجماعية”.
وشدد على أن “دماء قادة الحركة ليست أغلى من دماء أطفال ونساء غزة والقدس والضفة وفلسطين، وأن جرائم الاحتلال باستهداف قادة الحركة في أي مكان، لن تُفلح في كسر إرادتها وصمودها، ولن تنجح في التأثير على مواقف الحركة وقراراتها ونهجها المقاوم”.
برهوم قال إن “تصعيد حكومة الاحتلال الفاشية عدوانها ضد ما يقارب المليون إنسان محاصر في مدينة غزة، من خلال التهديد بالإخلاء على وقع القصف والتدمير الهمجي والمجازر المروعة؛ يمثّل جريمة حرب مكتملة الأركان، وانتقاما وحشيا من شعبنا الصامد المرابط المتمسك بأرضه”.
وأضاف: “إننا نُحيّي بكل فخر وإجلال أهلنا في مدينة غزة، الذين يسطرون أروع ملاحم الصمود الأسطوري، ويؤكدون برفضهم القاطع دعوات الإخلاء والنزوح عن مدينتهم، تمسكهم الثابت بحقِّهم في الحياة والحرية فوق أرضِهم”.
ومضى قائلا إن “محاولة اغتيال” وفد الحركة المفاوض في الدوحة “جاء بعد يوم واحد فقط” من لقائهم رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن، موضحا أن الأخير “سلّمهم المقترح الجديد” خلال اللقاء.
وذكر برهوم: “في لحظة الهجوم الإرهابي كان الوفد المفاوض يناقش الرد على هذا المقترح، في استهداف شنيع ووقح لدور الوسيط القطري المقدَّر”.
وتابع: “وقع القصف على منزل رئيس الوفد المفاوض، حيث كانت تتواجد عائلته، فأصيبت زوجته، وأصيبت كذلك زوجة ابنه الشهيد همام، وأحفاده”، دون ذكر عددهم.
وعقب الهجوم الثلاثاء، أعلنت حماس نجاة وفدها المفاوض بقيادة رئيسها بغزة خليل الحية، من محاولة الاغتيال، ومقتل مدير مكتبه جهاد لبد، ونجله همام الحية، و3 مرافقين هم عبد الله عبد الواحد، ومؤمن حسونة، وأحمد المملوك.
واعتبر برهوم أن “الإدارة الأمريكية شريك كامل في هذه الجريمة، لتحمّلها المسؤولية السياسية والأخلاقية عبر توفير الغطاء والدعم المتواصل لعدوان الاحتلال وجرائمه المستمرة ضد شعبنا”.
وجدد التأكيد أن هجوم الدوحة “جريمة نكراء”، قائلا إنها “لن تُفلح في تغيير مواقفنا الراسخة ومطالبنا الواضحة في وقف العدوان على شعبنا، والانسحاب الكامل لجيش الاحتلال من قطاع غزة، وتبادل أسرى حقيقي، وإغاثة شعبنا وإعادة الإعمار”.
وجاء الهجوم على قطر رغم قيامها بدور وساطة إلى جانب مصر، وبمشاركة أمريكية، في مفاوضات غير مباشرة بين حماس وإسرائيل، للتوصل إلى اتفاق لتبادل أسرى ووقف إطلاق النار بقطاع غزة.
وتقدر تل أبيب وجود 48 أسيرا إسرائيليا بغزة، منهم 20 أحياء، بينما يقبع بسجونها أكثر من 10 آلاف و800 فلسطيني يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، قتل العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.