الأحداث تتسارع في سوريا الجديدة في ظل حكم الشرع الذي يترأس حكومة الأمر الواقع التي ما تزال تصدر البيانات ولا تطبقها على الأرض، وتعقد الصفقات مع من يمنحها الحماية والدعم ، وترسل رسائل طمأنة للخارج قبل الداخل بأنهم سينفذون شروطهم الثمانية ولن تشكل سوريا خطرا على دول الجوار وخاصة على اسرائيل … وهذا متوقع طبعا ، فما يهم الشرع هو الجلوس بقصر الشعب والحكم لخمس سنوات أو للأبد ، حتى لو قدم كل التنازلات !!!!!
لا تخلو سوريا من ملفات داخلية وخارجية معقدة جداااا .. بداية من ملف المليشيات المتطرفة المسلحة من عدة جنسيات التي تشكل خطرا على الداخل وعلى دول الجوار .. أيضا ملف خطير ينعكس على الجغرافيا السورية مع توغل اسرائيل في التراب السوري .. شروط خارجية مطلوبة تبدو تعجيزية للاعتراف بحكام سوريا الجديدة ..الوضع الإقتصادي الذي بلغ مستويات غير مسبوقة من التدهور وأدى إلى العجز في دفع رواتب الموظفين .. ملف التنظيم الإخواني وما يمثله من تحالفات خارجية أصبحت جوهر التدخل في الشأن الداخلي بسوريا .. ملف الأكراد والطائفة الدرزية والعلويين الذين أصبحوا يطالبون بالاستقلالية بعدما ثبت أن الحكومة الجديدة لن توفر الحماية للأقليات ، والذي سيؤدي إلى تقسيم سوريا .. ملف الانفلات الأمني الذي يعكس الوضع الخطير ويتجسد في عمليات الاغتيالات والممارسات الانتقامية بعيدا عن مسار العدالة الانتقالية الذي لم تنتهجه الحكومة .. وضع دامي ومجازر مروعة في الساحل السوري ، مع الحساسيات الطائفية والعرقية ، الذي بات يهدد عرش الشرع ويهدد ما تبقى من تماسك ووحدة سوريا …
فمنذ يوم 6 آذار (مارس) 2025 وحتى الآن، تتعرض الطائفة العلوية في اللاذقية وطرطوس وريفها لهجمات دموية وحملة إبادة جماعية ممنهجة تقودها ميليشيات الشرع الإرهابية تحت غطاء ما يسمى بقوات الأمن العام ، تعتبر جرائم ضد الانسانية وتطهير عرقي مكتملة الأركان …
بالمطلق لم تكن هذه مجرد عملية عسكرية على فلول النظام السابق، بل هي حملة تطهير عرقي شاملة ، وسط تخاذل دولي مخزٍ بل وحتى دعم ضمني لهذه الجرائم .. هذا يشكل وصمة عار على جبين الإنسانية وفي تاريخ الجمهورية العربية السورية التي اختطفت من طرف حركة جهادية سلفية لها سجل حافل في الإرهاب الدولي والقتل وقطع الرؤوس …
الهجوم الإرهابي على القرى العلوية لم يكن مجرد اجتياح عسكري، بل كان مجزرة مروعة ارتُكبت بحق السكان الأبرياء حيث تم قتل عائلات بأكملها، بمن فيهم الأطفال والنساء والشيوخ دون تمييز. وتم تنفيذ إعدامات جماعية وحرق الجثث في محاولة لإخفاء الأدلة ورميها في مياه الساحل .. وكذلك نهب المنازل والمحلات التجارية وحرق البيوت لتهجير السكان، حيث شارك في العملية الجهاديون من الإيغور والتركستان والقوقاز ومن كل بقاع الأرض، بكل وحشية وهمجية، ويحملون أعلام داعش، وهو موثق من طرفهم بالصوت والصورة .. وهذا لا يمكن أن يحصل بدون إذن الحاكم الفعلي والمسمى ب”رئيس القوات المسلحة “…
ورغم أنَّ المنظمات والجهات الحقوقية وثّقت أعداد القتلى بالمئات، وربما بالآلاف، لا يزال العالم صامتاً بل ومشاركاً في الجريمة.. فبدلاً من إدانة هذه المجازر، أرسلت بعض الدول العربية رسائل دعم إلى الجولاني وميليشياته، واستقبلته تحت بند ” فخامة الرئيس” معلنةً وقوفها معه تحت ذريعة “أنه الوحيد القادر على السيطرة على الجماعات الإرهابية “، مما يزيد من تعقيد الوضع ويعكس ازدواجية المعايير في التعامل مع الأزمات الإنسانية.
ما وعدت به حكومة الشرع في سياق إحداث لجنة تقصي الحقائق بات واضحا وجليا أنها وعود واهية، حيث تم تمديد عملها إلى ثلاثة أشهر بدون أي تحقيقات جدية .. لذلك يجب أن تُفتح تحقيقات دولية مستقلة، بما أن هناك دول عظمى رصدت عبر الأقمار الاصطناعية الجرائم وتم توثيقها .. كما يجب أن يكون هناك تحرك دولي جاد لحماية العلويين وغيرهم من الأقليات من أي إبادة مستقبلية.
ما يحدث بالساحل السوري هو ليس مجرد مجازر إبادة جماعية ، هذه أحداث تمثل خطراً على التعايش والسلم الأهلي واستقرار سوريا ..فما يحدث منذ 7 آذار (مارس) إلى يومنا هذا لا ولن يُنسى من كل من عايش هذه المآسي .. هو مخطط ممنهج تنتهجه حكومة الشرع بدعم خارجي واضح وجلي …
وإن الصمت الدولي هو مشاركة مباشرة في الجريمة، ولن يُمحى هذا العار أبداً ما لم يُتخذ موقف حازم لوقف هذه المجازر المروعة .. لذا، يجب على المجتمع الدولي والمنظمات الدولية التحرك لحماية المدنيين الأبرياء العزل بالساحل السوري .
لا يمكن أن تبنى سوريا الجديدة بهذه الممارسات والأحقاد والطائفية .. هذه “المنظومة” تفتقر إلى بعد وطني وغير مؤهلة لبناء وإدارة دولة لأن أغلب أعضاؤها يحملون أفكار سلفية جهادية ، رغم طبيعة التحولات الجارية والدعم الخارجي الذي منح لهم بدون قيد وشرط .. الأهم أن الجميع صفق وهلل لسقوط بشار الأسد ، وفي الحقيقة لم يدركوا أن سوريا بتاريخها وحضارتها وسيادتها وأرضها هي التي سقطت ، والإنفجار ، أن وقع ، لن يبقي ولن يذر !