مع بدء تداول صور على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر عددا من الممثلين السوريين المعروفين أثناء تصوير مسلسل اسمه “قيصر”، انهمرت تعليقات غاضبة ومستاءة من هذا العمل الفنّي من قبل كثير من السوريين.
لم يستمر الأمر طويلا حتى تصاعدت الأحداث (حول المسلسل وتصويره وليس أحداث المسلسل ذاته)، إذ علّق على الموضوع شخص على فيسبوك يعتقد أنه صاحب لقب “قيصر” الحقيقي، المصوّر العسكري السوري فريد المذهان، كما تداولت مواقع إخباريّة سوريّة محليّة “قرار” إيقاف تصوير المسلسل، الذي يدور حول سجن صيدنايا سيء السمعة – المعروف بـ”المسلخ البشري”.
كل هذا حدث قبل يوم أو اثنين من بداية شهر رمضان، الذي تتنافس فيه عادة الدراما السوريّة مسلسلات كثيرة من إنتاج دول عربيّة عدّة.
تنتج شركة باور بروداكشن “Power Production” المسلسل، ويخرجه صفوان مصطفى نعمو، ويضمّ ثلاثين حلقة، وفق ما جاء في مواقع تناولت خبر انطلاق مرحلة التصوير.
شارك في كتابة السيناريو عدد من الكتّاب السوريين، مثل نجيب نصير وعدنان عودة وزهير الملا ومؤيد النابلسي.
وقيصر هو الإسم المستعار لمنفذ عمليات تسريب وثائق كشفت عن ممارسة التعذيب في السجون السورية.
قرر المصوّر العسكري فريد المذهان الانشقاق عام 2013، وخلال سنوات من العمل السري، سرّب آلاف الصور التي أصبحت أدلة دامغة على جرائم نظام الأسد، وبعد مغادرته البلد حصل على لقب “قيصر” لحمايته.
ورُّوج لمسلسل “قيصر” على أنه أول عمل درامي سوري بعد سقوط نظام الأسد، لكنّ كثيرين وصفوا المسلسل بأنه “متاجرة بالمعاناة السورية”.
وأثار الإعلان عن بدء تصوير مسلسل “قيصر”، الذي يحاكي قصص التعذيب في سجون الأسد، انتقادات عديدة، أولاً بسبب سرعة إعداد سيناريو يتناول واقعا عانى السوريون منه طويلاً، وثانياً بسبب مشاركة الممثل السوري غسان مسعود المعروف بمواقفه المدافعة عن النظام السابق.
وكانت لمشاركة غسان مسعود نصيب كبير من الانتقاد، إذ تداول كثيرون فيديو لمقابلة قديمة معها، وهو يدافع عن النظام السوري السابق وعن دور الجيش السوري، ووصفه كثيرون بالفنان “المكوّع” – أي الذي غيّر مواقفه بعد سقوط بشار الأسد.
ويبدو أن العمل لم يكتب من قبل كتّاب اجتمعوا في ورشة واحدة، فقد صرح الكاتب السوري نجيب نصير عن مشاركته في العمل، قائلاً إنه وافق على المشاركة لأنه كان قد كتب في السابق 15 حلقة، فكثّفها في ثلاث حلقات وقدّمها، قائلا إنه لم يكن يعلم أن اسم المسلسل “قيصر”.
وقال إنّ ما عالجه هو “الناحية القانونية أو الشرعية لمسألة السجن السياسي، ووضع السجين وتفاعله مع العائلة والمجتمع بعد خروجه من السجن”.
وقال نصير إنه يؤيد وجهة النظر التي انتقدت تحويل الواقع إلى المسلسلات، وقال إنه يؤمن بأنه “لا يمكن كتابة عمل فني يتناول حدثاً جرى أمس أو منذ عام، لأن المدة غير كافية”.
وأوضح أن ما كتبه “لا يصب في ذات الاتجاه”، أي توثيق يوميات أو تجربة المعتقل السياسي، بل يذهب إلى مناقشة السؤال القانوني عن الاعتقال السياسي من جهة، والحالة النفسية والاجتماعية للسجين بعد خروجه من المعتقل، أي تأثير التعذيب وليس التعذيب بحد ذاته، وقال إنه ليس مهتماً بتأريخ المرحلة الحالية.
وأشار أن القصة التي قدمها في المسلسل تنتهي أحداثها عام 2008 – أي قبل ثلاث سنوات من اندلاع الانتفاضة ضد النظام السوري.
أما بالنسبة للاعتراض على غسان مسعود، قال نصير إنه “ضد إقصاء أحد، وإنه من السهل توجيه الاتهام بشأن مواقف الأشخاص السابقة”، معلّقا: “هذا مواطن عليك احترام كامل حقوقه وإن كان مخطئاً”.. ولفت إلى أن هذا الكلام “لا يفيد بل يزيد من شعور الانتقام ولا يساهم في بناء المجتمع”.