سقط القناع عن القناع ..ولعن الله من إشترى ومن باع ..فالوطن ليس للكفر مشاع ..ولا للفسق متاع ..ولا للظلم والظلام أداة ترويعٍ لراعْ ..ولا للقتل سيفاً مسموماً لقبضةٍ وذراع ..ولا للتفرقة والفتنة والهدم مِقلاع …
الوطن لمن يصونه ويحميه حتى بروحه إن إستطاع ..الوطن لمن يجعله للعلم والحضارة نبراساً ونوراً وإشعاع ..الوطن للذي يصنع من العدل جنّةً عصيّة على الذئاب والضباع ..الوطن ليس مزرعةً لشخصٍ أو لمجموعةٍ أو لعرقٍ أو لطائفةٍ أو لأتباع …
الوطن هو المواطنة التي تبنى عليها الألفة والمحبة بإجماع ، مابعده إجماع ..الوطن أرضاً مقدسةً يؤمن بقدسيتها من بعد الله إن تداعى داعْ ..الوطن حضن أم ومعراج ضم ، ما ضاق إلا في إتساع …الوطن هو الكرامة والفخر والعزة بكل روابيه والأصقاع…
من غشنّا ليس منّا ..لا شكلاً ولا مضمون ..اللعنة ثم اللعنة لمن يخون ..فالخائن مذموم بفعلته كائناً من يكون ..كان قد جاءنا هذا الشبل لذاك الأسد بعيداً عن كل الظنون ..جاءنا هذا الشبل وكأنه الأب والأخ والإبن الحنون ..جاء وكأنه بالوطن والمواطنة حاملاً لراية العدل والأخاء ، بكل مافيها من قيمٍ وشجون ..جاءنا كالعاشق لوطنه وخدمة أبناء وطنه ومستقبل وطنه كالمغرم والعاشق المفتون …
جاءنا أسدٌ بما يحمل الأسد من صفات الرجولة والهيبة والقدرة والقوة والحكمة ، وكيف لأرضه يحمي ويصون ..جاءنا هذا الأسد المصون كطبيبٍ مبدعٍ للعيون ..جاءنا يحمل المبضع والفكر والرؤية للذين لا يبصرون ..جاءنا عربياً مؤمناً بقوميته وبشعبه ، فهاهو تارةً يبدو كخالد بن الوليد ، وتارةً أخرى كصلاح الدين ، وتارةً كما الإمام المأمنون ..جاءنا وبوصلة القدس في يمينه ، محرراً للمقدسات وللأرض والنفوس ، مهما عظمت الحواجز والسدود وما يجمعون ..جاءنا وكيفما جاءنا .. فقد سقط القناع عن القناع ..وما حدث ضرباً من الخيال بل ضرباً من جنون ..أوليس عجباً أن نرى بالصدفة أسداً من كرتون …؟؟؟
ورب ضارة نافعة ..ورب صدمة تكون هي الرافعة ..فما رأينا ومازلنا نرى هي الواقعة .. فالقانون الدولي
لا وجود له في حياة الأمم ، لا اللامعة ولا الدامعة ولا الخاشعة ..فهاهي إسرائيل تسرح وتمرح، لا تعرف في الإنسانية شفقة ولا شافعة ، تقتل من طاب لها قتله ، حتى ولو كان طفلاً في الرابعة أو أمٍ فقدت كل أبنائها بنيران حقدٍ حمقاء لا حدود لها تلتهم هذه الأرض الواسعة .. غزة صارت قي خبر كان بلا رجعة ، غزة صارت من دمار ورماد وعظام بأهلها وديارها وشجرها وحجرها .. هاهي مجرد ذكريات من إبادة جماعية جامعة للإنسان والإنسانية ، واضحة كما الشمس الساطعة ..وفي نفس السياق نذهب للبنان وجبهة المساندة التي فتحها حزب الله بقلوبٍ مؤمنة صادقة ، من القلب نابعة ..لتأتيهم إسرائيل وتنقض عليهم كما الصاعقة القارعة ، وما أدراك ما القارعة ..مستعملة لذلك تقنيات الذكاء الإصطناعي وكل ما للأمريكي من قنابل أخطر من النووي ، لا نجاة من هولها حتى في أعماق الأرض المانعة ..وليستشهد بذلك رأس المقاومة والممانعة ..وتُدمّر القرى بما فيها من حياة وبشر وحجر وشجر ، كانت بالأمس يافعة يانعة .. وعند الفصل وإعلان وقف القتال على حلبة المصارعة …والتي ظننا بأن الأمور إنتهت هنا ..لكنها للأسف حدثت الفاجعة …
فسورية أضحت هي الحدث ، والتطورات المتلاحقة المتسارعة …لنسمع بوضوح أصوات الرعب العالية والهادرة للخوف صانعة ..والآتية من إدلب وتركيا، بصوت مٓنْ هُمْ بالإرهاب والتطرف للجريمة بأياديهم علامات واضحة في اللون فاقعة ..يقود جحافلهم هذا الذي تاريخه يشهد له ، بأنه صاحب الحجة والبجة بالمقاسات المطلوبة في الظروف القابعة .. أبو محمد الجولاني الذي رأيناه بالعبائات المختلفة، بتفصيلاتٍ تارةً ضيقة عليه وتارةً واسعة ..وهاهو اليوم نراه بربطة عنق وبذلة بالخزي والعار تبدو لائقة عليه رائعة ..الجولاني الذي ما كانت لثورته لتكون ،ولا لثوّاره حضور ووجود لولا الرعاية الإمريكية الإسرائيلية التركية، المتجانسة سراً وجهاراً للمبايعة .. حيث يمكننا القول بأن ما حدث ما كان ليكون، لولا موافقة على مضض روسية -إيرانية خانعة ، وذلك لحساباتهم الخاصة ومصالحهم المائعة من صمود وقيم، فيما يُعرف بمحور الممانعة …
هكذا هي الحكاية بحذافيرها ، إنما هي لإسقاط منظومة الأسد بكل مافيها وبيعها بأثمانٍ لا نعرف قيمتها في هذه الأيام الضائعة ..لقد بِيعت سورّية بتاريخها ومستقبلها وخيراتها ببخس للوبي الصهيوني العالمي الذي كل حكومات الدنيا عُظْمَى أو صُغرى ، تُأمر بإمرتها هذه الأدواتٌ الخاضعة لها والراكعة …
لقد سقط القناع عن القناع فالأسد ومنظومته، بُنيت على الظلم والظلام والفساد والرعاع .. أما من أتى والذي يُسمى بقائد العمليات الشجاع ، ليس إلا أداةً ومطيّة كما تُشترى ببخس تُباع ..للحقيقة والأمانة نقول بأن ليس هناك ثورة ولا ثوّار ولا محرومين ومظلومين وجياع ..بل إنما هـؤلاء الفاتحين إنما هم عصابات سُلِّموا بارتياح ما بعده إرتياح مفاتيح المدن والخزائن والقلاع …
هاهي سورّية اليوم عارية تماماً لا جيش فيها ولا سلاح ، وإسرائيل تقضم أراضيها بشراهةٍ وإجتياح ما شابهه إجتياح ..وهاهم الملثمون الثوار يجوبون الشوارع والمدن ، ويفرضون قوانينهم وشرائعهم بنشوة الثأر والإنتقام بكل أريحية ونجاح ..إن رائحة الدم فوّاحة كلما وكيفما إنقضى الليل والصبح بفجره لاح ..هكذا تبدو سورّية اليوم بعد سقوط النظام ، بلداً تحكمه العصابات والأشباح …
المشهد السوري اليوم وللأسف نرى فيه أصحاب الذقون صاروا أصحاب الفخامة والمعالي ، أما ارهابيو الماضي قُطّاع الرؤوس وأكلة الأكباد هاهم يعتلون المناصب بالعلالي ، وأولياء الكُفرْ والعهر والتطرف صاروا حُكام المدن والقرى بنهاراتها والليالي …
فليعلم القاصي والداني بأن سوريتنا منيعة إن حاولوا تطبيق الشريعة التي بالمطلق لن يرضاها شعبها الذي ما كان يوماً يكون للتخلف رضيعة ..سورّية ستكون مدنية، فيها الدين لله والوطن للجميع ، أمانة ووديعة …
وأختم برسالة الإله بعل 5000 عام قبل الميلاد، والتي وُجدتْ في أوغاريت باللاذقية ، وتعتبر من أقدم ما كتب في التراث الأدبي السوري العظيم « حطم سيفك وتناول معولك ..وإتبعني لنزرع السلام والمحبة في كبد الأرض»
كل عام وأنتم بخير .. نعيش بالأمل لغدٍ أفضل .. ومن يتوكل على الله لا بد بأنه المنتصر ، شاء من شاء وأبى من أبى .