في وقت أرسلت فيه العديد من الدول وفودا رسمية إلى دمشق لعقد اجتماعات مع الإدارة السورية الجديدة، تقف القاهرة كـ”مترقب” للتطورات يعلن دعمه لوحدة سوريا وطلبه بإدارة منتخبة للبلاد .. فحتى الآن لم تعلن مصر عن أي تواصل رسمي تم بينها وبين دمشق منذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر كانون الأول الجاري، ما يثير العديد من التساؤلات عن الموقف المصري من الإدارة السورية الجديدة.
وخلال الأسبوعين الماضيين، أجرى وزير الخارجية المصري اتصالات مكثفة لمناقشة الأوضاع في سوريا، مع مختلف الأطراف الدولية والإقليمية، خلال هذه الاتصالات دائما ما تؤكد مصر على دعم استقرار سوريا ووحدة وسلامة أراضيها، ورفض المساس بسيادتها أو تقسيمها، ولم تصدر القاهرة تعليقا واضحا بشأن الاتصال بالإدارة السورية الجديدة أو مستقبل التعاون معها.
لكن على الجانب الآخر، تهاجم العديد من الوجوه الإعلامية المصرية المعروفة بقربها من الحكومة في مصر الإدارة السورية الجديدة، وقائدها أحمد الشرع، الذي عرف سابقا باسم “أبو محمد الجولاني”، ويتزعم هيئة تحرير الشام المصنفة كتنظيم إرهابي في عدة دول.
إلى جانب الاتصالات المستمرة منذ سقوط نظام الأسد، شاركت مصر في 14 ديسمبر في اجتماعات لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي عقدت بمدينة العقبة الأردنية، وخلال تلك الاجتماعات استعرض الوزير عبد العاطي محددات الموقف المصري من التطورات في سوريا التي تستند إلى ضرورة دعم الدولة السورية واحترام سيادتها ووحدة وسلامة أراضيها.
كما شددت مصر خلال هذه الاجتماعات على أهمية تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لاستعادة الاستقرار على كامل الأراضي السورية، وأهمية تدشين عملية سياسية شاملة بملكية سورية تضم كل مكونات المجتمع وأطيافه لتحقيق مصالحة وطنية وضمان نجاح العملية الانتقالية، بحسب بيان للخارجية المصرية.
صورة صادمة أثارت تخوفات مصرية
بعد أيام من تولي أحمد الشرع قيادة الحكم في سوريا انتشرت له على مواقع التواصل الاجتماعي بمصر صورة تجمعه مع المصري محمود فتحي، -المطلوب أمنيا في مصر، وياسين أقطاي مستشار الرئيس التركي رجب طيب أروغان.
هذه الصورة أثارت جدلا كبيرا خاصة وأن فتحي، الذي حصل على الجنسية التركية لاحقا حسب تقارير عدة، مدرج على قائمة الكيانات الإرهابية التي أصدرتها مصر مؤخرا، ومدان في عدة قضايا تتعلق بأنشطة إرهابية، ومحكوم عليه بالإعدام غيابيا في قضية مقتل النائب العام المصري هشام بركات، وبحسب القائمة فإن نشاطه “الإرهابي” ضد مصر مازال مستمراً من الخارج حتى العام الحالي 2024.
الصورة اُعتبرت “عدائية” لدى الكثير من مؤيدي النظام في مصر، حيث قال البرلماني والكاتب الصحفي المصري مصطفى بكري إن “النظام الجديد في سوريا أظهر لغة عدائية ضد مصر باستقباله فتحي أحد قتلة النائب العام المصري السابق هشام بركات”، مضيفا “هذا الاستقبال أثار قلق كل المصريين”.
كما أشار مصطفى بكري إلى هناك أمر مقلق آخر متعلق بالإدارة السورية الجديدة، وهو “الأعداد الكبيرة من المصريين الموجودين ضمن عناصر هيئة تحرير الشام، وكان لهم دورهم بالتأكيد مع التنظيمات الإرهابية، ومصر وضعت أسماء الكثيرين منهم على قوائم ترقب الوصول”.
ولا يوجد إحصاء عن عدد المصريين الذين انخرطوا في القتال في سوريا، لكن خلال الأعوام ظهر العديد من الأشخاص المطلوبين أمنيا لدى الحكومة المصرية، أو التابعين لجماعات تصنفها مصر إرهابية، خلال معارك جبهة النصرة في سوريا قبل سنوات، والتي انبثقت عنها لاحقا هيئة تحرير الشام.
وأضاف بكري أن مصر لها “مواقفها الثابتة” التي تنطلق من قرارات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية فيما يتعلق بالإرهاب، وتابع “القاهرة منذ البداية أكدت وتؤكد أنها مع الدولة السورية والشعب السوري، وبالتأكيد فالقاهرة لديها المعلومات الكافية التي تجعلها تتخذ القرار المناسب في اللحظة المناسبة”.