يترقب السوريون والعالم كيفية تنفيذ الحكومة الانتقالية، برئاسة محمد البشير، خطتها لإدارة شؤون البلاد والعمل على استقرارها سياسيا وأمنيا واقتصاديا، بعد سقوط حكم عائلة الأسد الذي استمر لأكثر من خمسة عقود.
أولويات البشير
كان البشير كشف أولويات حكومته التي ستستمر حتى مارس/ آذار المقبل، وملامح سياستها الخارجية المرتقبة، داعيا ملايين السوريين في الخارج إلى العودة لوطنهم.
وقال البشير في حوار نشرته صحيفة “كورييري ديلا سيرا” الإيطالية الأربعاء 11 ديسمبر/ كانون الأول، إن المرحلة الجديدة ستشهد “ضمان حقوق جميع الطوائف” في البلاد، محددا أولويات حكومته بـ”إعادة الاستقرار والأمن، وإعادة ملايين المواطنين إلى البلاد، وبسط سلطة الدولة، وتوفير الخدمات الأساسية للسوريين”.
وأشار البشير إلى أن حكومته ترث “إدارة ضخمة مبتلاة بالفساد، حيث كان الناس يعيشون حياة سيئة”، مستطردا: “لا نمتلك إلا ليرات سورية لا تساوي إلا القليل أو لا شيء.. لا نمتلك احتياطيا نقديا أجنبيا، وبالتالي فإننا في وضع مالي سيء للغاية”.
السياسة الخارجية
وقال البشير، ردا على سؤال بشأن السياسة الخارجية، إن القيادة السورية الجديدة توجهت إلى العراق والصين وجهات أخرى لتوضيح رؤيتها وهدفها المتمثل في “تحرير السوريين من بشار الأسد، ولذلك لا مشكلة لدينا مع أي شخص أو دولة أو حزب أو طائفة ممن ظلوا بعيدين عن نظام الأسد المتعطش للدماء”.
وضع اقتصادي صعب
يستحق الانتباه نهاية
ترك نظام بشار الأسد في سوريا خلفه تحديات اقتصادية كبيرة، مع انهيار شبه كامل للبنية الاقتصادية نتيجة السياسات التي نفذها هذا النظام على مدى أعوام طويلة لا سيما مع بدء الحرب الأهلية عام 2011.
وتشير بيانات البنك الدولي والأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 85 بالمئة منذ 2011 إلى 2023، لينخفض إلى 9 مليارات دولار، في حين من المتوقع أن ينكمش الاقتصاد السوري 1.5 بالمئة أخرى هذا العام.
وتسبب نظام الأسد بسياساته، في انخفاض إنتاج الطاقة على الرغم من امتلاكه موارد كبيرة لها.
وانخفض إنتاج النفط يوميا في البلاد من 383 ألف برميل قبل الحرب الأهلية إلى 90 ألف برميل العام الماضي.
وتحولت سوريا، التي كانت ذات يوم أكبر مصدر للنفط في شرق البحر الأبيض المتوسط، إلى مستورد له بسبب الانخفاض الحاد في إنتاجه منذ بداية الصراع.
أما على صعيد الزراعة، فانخفضت الأراضي المزروعة في البلاد 25 بالمئة مقارنة بما كانت عليه قبل الحرب الأهلية.
وبالنظر إلى بيانات التجارة الخارجية السورية، فإن صادرات البلاد انخفضت 89 بالمئة مقارنة بما كانت عليه قبل الصراعات، لتبلغ أقل من مليار دولار، فيما هبطت الواردات 81 بالمئة إلى 3.2 مليارات دولار.
وفقدت الليرة السورية قيمتها مقابل الدولار الأمريكي بمقدار 270 ضعفا بين عامي 2011 و2023، وهو ما أدى إلى زيادة التضخم في البلاد.
وبحسب دراسات مختلفة، تقدر ثروة عائلة الأسد من مليار إلى ملياري دولار، في حين يعاني الشعب السوري من فقر كبير.
ويشكل إعادة إعمار سوريا مهمة ضخمة بعد حرب أهلية استمرت ثلاثة عشر عاما، وأودت بحياة مئات الآلاف وتعرضت خلالها مدن للقصف حتى أصبحت كومة من الركام، وهجر السكان مساحات شاسعة من المناطق الريفية، وتضرر الاقتصاد بسبب العقوبات الدولية.
وتسلمت حكومة البشير بشكل رسمي، الثلاثاء 10 ديسمبر/ كانون الأول، إدارة البلاد في المرحلة الانتقالية، وقالت إنه سيتم حل الأجهزة الأمنية، وإلغاء قوانين الإرهاب.