بشكل متزايد، اعتمدت قيادة الجيش السوري منذ بدء الحرب في 2011، على القوات الإيرانية والفصائل اللبنانية والعراقية التي تمولها طهران، ويبدو أن ذلك أتى في النهاية بنتائج عكسية: انهيار الجيش وسقوط نظام الأسد.
وحسبما قالت مصادر لوكالة “رويترز”، فإن معظم هيكل القيادة العملياتية للجيش السوري كان يديره مستشارون عسكريون إيرانيون وحلفاؤهم من الميليشيات.
الضربة الأولى.. مغادرة القوى الإيرانية
لكن العديد من المستشارين العسكريين الإيرانيين غادروا بعد الغارات الجوية الإسرائيلية على دمشق، أما الباقون فقد رحلوا الأسبوع الماضي، حسبما قال قادة الميليشيات العراقية الذين عملوا معهم.
وذكر مصدر مطلع على تحركات حزب الله لـ”رويترز”، أن معظم مقاتلي الحزب وقادته غادر بالفعل في أكتوبر الماضي، للتركيز على الحرب المتصاعدة التي شنتها إسرائيل على لبنان.
ولم يعد مركز القيادة والسيطرة المركزي للجيش السوري يعمل بشكل فعال، بعد مغادرة الضباط الإيرانيين وقادة حزب الله، وافتقار الجيش إلى استراتيجية دفاعية، خاصة بالنسبة لحلب ثاني أكبر مدينة في سوريا، وفقا لمصادر أمنية سورية.
وعلى النقيض من ذلك، فإن المسلحين في الشمال الغربي، الذين يعتبرون على الورق أضعف بكثير من الجيش، أمضوا سنوات في توحيد صفوفهم تحت غرفة عمليات واحدة تنسق مجموعاتهم ووحداتهم في المعركة، حسبما ذكر تقرير لمجموعة الأزمات الدولية بعد سقوط حلب.
وقال أحمد الشرع الملقب بأبو محمد بالجولاني قائد هيئة تحرير الشام التي قادت التحركات العسكرية الأخيرة، لـ”رويترز، الأربعاء، إنه سيحل قوات الأمن .
هجوم حلب
وقال مصدران أمنيان سوريان إنه “مع تعرض حلب لهجوم في أواخر نوفمبر، لم تحصل وحدات الجيش على خطة واضحة، لكن طلب منها أن تعدها بنفسها أو أن تعود إلى مدينة حمص الاستراتيجية لمحاولة إعادة تجميع صفوفها”.
وقال 3 ضباط سوريين كبار إن حلب سقطت دون قتال عنيف في 29 نوفمبر، بعد يومين فقط من بدء هجوم فصائل المعارضة، مما أدى إلى حدوث “صدمة” في صفوف الجيش.
أما ما بقي على الأرض فهو جيش سوري يفتقر بشدة إلى التماسك، حسبما ذكرت جميع المصادر، واصفة وحدات متعددة كانت تعاني نقصا في العدد لأن الضباط كانوا يقبلون الرشاوى للسماح للجنود بالخروج من الخدمة، أو أنهم طلبوا من الجنود العودة إلى منازلهم وكانوا يقبضون رواتبهم بأنفسهم.
فساد وسخط الضباط
قال اثنان من الضباط وواحد متقاعد حديثا ورابع منشق، إن العديد من القادة ذوي الرتب المتوسطة تزايد غضبهم في السنوات الأخيرة لأن تضحيات الجيش ونجاحاته خلال الحرب لم تنعكس في تحسين الأجور والظروف والموارد.
وفي عام 2020، وقعت روسيا وتركيا على اتفاق أدى إلى تجميد الخطوط الأمامية، بعد أن استعاد القوات السورية جميع المدن الكبرى والطريق السريع الرئيسي الذي يربط دمشق بحلب، مما أدى إلى مزيد من تقسيم الدولة التي قسمتها أيضا المناطق التي يسيطر عليها الأكراد.
لعنة الاعتماد على الحلفاء
ولصد انتفاضة المعارضة السابقة التي بدأت باحتجاجات في عام 2011، اعتمد الأسد على الحلفاء، إذ أرسلت روسيا طائرات قصفت مواقع المسلحين، وأرسلت إيران مستشارين عسكريين ومقاتلين من حزب الله. كما جاءت فصائل عراقية مدعومة من إيران ومجموعة أخرى شكلتها من مقاتلين أفغان.
لكن قدراتهم القتالية كانت تتناقض بسبب تراجع أعداد الجنود السوريين، وقال قائد ميليشيا عراقية يخدم قرب حلب، إنه يعرف بوجود فصيلة سورية من المفترض أن تتكون من 30 جنديا، ولم يكن بها سوى 8.
وقال القائد إن الميليشيا كثيرا ما تدعو هؤلاء الجنود لتناول الطعام معهم، شفقة على سوء حالة حصصهم الغذائية.
وأضاف أن حزب الله والميليشيات المتحالفة معه “لا ينظرون إلى القوات السورية النظامية إلا بازدراء”.
وأوضحت مصادر أنه القوات الأجنبية “لم تثق بالجنود السوريين في العمليات المهمة، وفي كثير من الأحيان لم تقاتل إلى جانبهم”.
كل هذه العوامل، أدت إلى الانهيار التام للجيش السوري، وسيطرة المسلحين على سوريا في فترة قياسية، ونهاية حقبة حكم عائلة الأسد للبلاد.