انطلقت مساء يوم الخميس على مسرح شاطئ الراحة بأبوظبي، أولى حلقات البث المباشر للموسم الحادي عشر من برنامج «أمير الشعراء» الذي تنظمه هيئة أبوظبي للتراث، ويعد واحداً من أهم البرامج التلفزيونيَّة في العالم العربي التي تستلهم التراث الشعري العربي.
حضر الحلقة التي بثت عبر قناتي «أبوظبي» و«بينونة»، معالي اللواء ركن طيار فارس خلف المزروعي قائد عام شرطة أبوظبي رئيس هيئة أبوظبي للتراث، وسعادة عبدالله مبارك المهيري مدير عام الهيئة بالإنابة، والمديرون التنفيذيون للقطاعات في الهيئة، وأعضاء اللجنة الاستشارية للبرنامج المكونة من الدكتور محمد أبو الفضل بدران، والدكتور عماد خلف، والشاعر رعد بندر، وكوكبة من الشعراء والإعلاميين والأدباء والمثقفين، وجمهور من محبي الشعر العربي الفصيح.
واستهلت الحلقة الافتتاحية بتقديم أوبريت شعري بعنوان «الشعر يجمعنا» من تأليف الشاعرة المتوجة بلقب الموسم الماضي من «أمير الشعراء» عائشة السيفي، والشاعرة الحاصلة على المركز الثاني في الموسم نفسه نجاة الظاهري، ألحان محمد الأحمد، ومشاركة طلاب وطالبات مدارس الإمارات الوطنية بأبوظبي، واحتفت كلمات الأوبريت بالشعر العربي وما يحمله من قيم سامية ودوره في جمع أبناء لغة الضاد حوله، منوهاً بدولة الإمارات وأبوظبي في رعاية الشعر والاهتمام به.
وتحدث في بداية الحلقة أعضاء لجنة تحكيم البرنامج، حيث أعرب الدكتور علي بن تميم عن سعادته بمجيء البرنامج في موسمه الحادي عشر في سياق احتفالات دولة الإمارات بعيد الاتحاد الثالث والخمسين، مشيراً إلى أن البرنامج يسعى إلى استرجاع الأمجاد الشعرية العربية، مضيفاً أنه استطاع أن يعيد رسم خريطة الشعر العربي، وأكد أن هذا الموسم يشهد دوراً رائداً للمرأة وصوتها الشعري.
فيما أبدى الدكتور وهب رومية سعادته بالانضمام إلى لجنة تحكيم البرنامج، وحيا الشعراء المشاركين، الذين وصفهم بأنهم «ملوك الكلام» وأن عليهم يكون الاعتماد لتجديد اللغة، وقال إنه وجد ثراء شعرياً يستحق الرعاية في قصائد شعراء الموسم الجديد من البرنامج، ووجد صوتاً قوياً للمرأة أعرب عن أمله في أن يكسب مكانة متقدمة.
من جهته أوضح الدكتور محمد حجو أن حضور الشعراء في المقابلات أظهر أن شعراء البرنامج متنوعو التجارب في أفكارهم وقضاياهم وهمومهم، وقال إن هناك جمالاً يثير الإعجاب بهم، فهم يتنافسون بمحبة وأخوة وسماحة، مما يدل على أن الشعر يجمعنا بالمحبة والجمال.
وألقى الشعراء الأربعة المشاركون في الحلقة قصائدهم أمام لجنة التحكيم، وكانت أولى المشاركات الشاعرة سمية دويفي من الجزائر وقصيدتها «رِسالَةٌ مَنْسِيَّةٌ في دُرجِ الكَوْنِ». وفي تعليق لجنة التحكيم على قصيدتها قال الدكتور علي بن تميم إن القصيدة تطرح الهم الوجودي المصاحب للإنسان، ووافقه الدكتور محمد حجو بأن في القصيدة بحثاً عن الوجود وإثبات الذات، ووصف الدكتور وهب رومية القصيدة بأنها رسالة بوح متدفق حزين عذب بلغة رقيقة، وقال إن السمة المميزة للقصيدة هي بروز الذات الفردية.
وجاءت قصيدة الشاعر عبدالواحد عمران من اليمن بعنوان «ظَبْيٌ يُهَذِّبُ صَيَّادَهُ»، قال عنها الدكتور محمد حجو إنها احتوت كثيراً من الجمال، وقدم عدداً من الملاحظات النقدية حول أبياتها، فيما أوضح الدكتور وهب رومية أن القصيدة مناجاة لأبوظبي وتصوير لعلاقة الشاعر بها بلغة متوهجة وصور مبتكرة، وقال الدكتور علي بن تميم إن الشاعر يحاول في القصيدة الانفلات من ذكريات مؤلمة إلى مكان جديد يمنحه أفقاً أوسع، وأبوظبي لديه ليست مجرد مبان وأشجار وطبيعة، بل هي طريقة لاكتشاف ذاته.
الشاعر الثالث في الأمسية محمد إدريس من العراق ألقى قصيدته «لاقِطُ الفِطْرِ» التي أشاد بها الدكتور على بن تميم لكنه أبدى ملاحظات على تعقيد صور بعض أبياتها، ناصحاً إياه بالسعي لتكوين لغته الخاصة به، فيما وصفه الدكتور وهب رومية بأنه شاعر محتفل ببهجة الطبيعة ويقوّي الإحساس بالجمال ليحقق وظيفة الشعر، وقال إن القصيدة نموذج لجماليات القصيدة الحديثة بالبحث عن المعنى فيها، وتثير قضية الغموض في الشعر. وتوقف الدكتور محمد حجو عند بعض المواضع في القصيدة التي رأى حاجتها إلى إعادة النظر، ووصف القصيدة بأن فيها تدفقاً شعرياً يدل على قريحة شعرية جميلة.
الشاعر الرابع في الأمسية يزن عيسى من سوريا ألقى قصيدته «الشَّهْقَةُ الأُولَى» التي قال الدكتور وهب رومية إنها تكشف عن رؤية شاملة للحياة الإنسانية ومفارقاتها، فيما وصفها الدكتور محمد حجو بأنها قصيدة تحتفل ببذرة الوجود، وقال إنها مبنية على ثنائيات جميلة، فيما أشاد الدكتور علي بن تميم بالقصيدة وقال إن النص يمس علاقات الإنسان بالعالم، مشيداً بتماهي الشاعر مع الطفل في القصيدة.
وقررت لجنة تحكيم البرنامج تأهيل الشاعرين يزن عيسى من سوريا بحصوله على 45 درجة من 50، وعبدالواحد عمران من اليمن بحصوله على 42 درجة من 50 إلى المرحلة التالية من المنافسة، فيما حصلت سمية دويفي من الجزائر على 40 درجة، ومحمد إدريس من العراق على 35 درجة، بانتظار تأهل أحدهما إلى المرحلة التالية بتصويت الجمهور خلال هذا الأسبوع.
وعرضت الحلقة الافتتاحية تقريراً مصوراً عرّف المشاهدين بالشعراء العشرين المتأهلين إلى الحلقات المباشرة وهم: المختار عبدالله صلاحي من موريتانيا، وأحمد إمام، وأحمد نناوي، وسرى علوش من مصر، وأسماء الحمادي، وعبدالرحمن الحميري من الإمارات، وجبريل آدم جبريل من تشاد، وحسين علي آل عمار من السعودية، وسمية دويفي، ونجوى عبيدات من الجزائر، وعبدالسلام سعيد أبو حجر من ليبيا، وعبدالواحد عمران من اليمن، وعثمان الهيشو قرابشي من المغرب، وعلا خضارو من لبنان، وعماد أبو أحمد من ألمانيا، وفارس صالح من فلسطين، ومحمد إدريس من العراق، ومحمد زياد شودب، ومي عيسى رومية، ويزن عيسى من سوريا.
كما عرضت الحلقة تقريراً يوضح آلية التنافس في الموسم الحادي عشر من برنامج «أمير الشعراء» التي تشمل عدة مراحل للوصول إلى إمارة الشعر، حيث تتكون المرحلة الأولى من خمس حلقات، يتنافس في كل منها أربعة شعراء تمنحهم لجنة التحكيم الدرجات بنسبة 50%، وتؤهل اللجنة شاعراً واحداً أو شاعرين مباشرةً إلى المرحلة التالية من المنافسة، وللمشاهدين أحقية التصويت بنسبة 50% التي تخوّلهم اختيار شعرائهم المفضّلين من المتبقين في كل أمسية، وفي الحلقة التالية يتأهل شاعر أو اثنان بأعلى نسبة تصويت من المشاهدين، وفي نهاية هذه المرحلة يتأهل خمسة عشر شاعراً.
أما المرحلة الثانية فتتكون من ثلاث حلقات يتنافس خلالها في كل أمسية خمسة شعراء، وتكون نسبة اللجنة في هذه المرحلة 50% مثل سابقتها، وتؤهل شاعراً واحداً مباشرة إلى المرحلة المقبلة، بينما تكون نسبة تصويت الجمهور 50%، ويتنافس الشعراء الأربعة الباقون على تصويت المشاهدين طيلة أيام الأسبوع للحصول على فرصة التأهل، وفي الحلقة التي تليها يتأهل الشاعر الحاصل على أعلى نسبة تصويت من المشاهدين، مضافة إلى نسبة لجنة التحكيم.
وفي المرحلة الثالثة قبل النهائية، يتنافس الشعراء الستة المتأهلون من المرحلة السابقة، وتضع لجنة التحكيم الدرجات بنسبة 60%، تقسم إلى 30% تُمنح في هذه الحلقة، والثلاثين في المئة الأخرى تُمنح في الحلقة النهائية، في حين يجري التصويت لهم مع نهاية الأمسية ولمدة أسبوع من قبل المشاهدين الذين لهم التصويت بنسبة 40% من الدرجات.
وفي المرحلة النهائية يواصل ستة الشعراء التنافس للظفر باللقب، وتمنح اللجنة الشعراءَ نسبة الـ 30% المتبقية من الدرجات، ويتم في نهاية الحلقة جمع درجات اللجنة مع درجات التصويت، لتعلن النتائج النهائية، وتحدد المراكز من السادس وصولاً إلى المركز الأول، وهو الفائز بـ مليون درهم، و«بردة الشعر»، وحامل لقب «أمير الشعراء» للموسم الحادي عشر.
وركزت الفقرات من كواليس البرنامج في لقاءات مع الشعراء على تجاربهم ومحطاتهم الشعرية، ومشاعرهم وآرائهم قبل وبعد إلقاء قصائدهم أمام اللجنة، كما تحدث الشعراء عن الطموح وما يعنيه بالنسبة لهم.
قدم الحلقة الإعلامي نيشان، وواكبت الشعراء في الكواليس الإعلامية فاطمة بنت ظافر الأحبابي.