هل أيقظ الطوفان الشيطان ، وهل هذا الشيطان في غفلةٍ أو غفوةٍ كان ..؟؟ أم أن هذا الشيطان كان يقظاً جداً يرى ويسمع كل التراتيل والأجراس والآذان ، وكبيرتان كانت العينتان والأُذنتان.. أما اليدان والعقل والساقان فكانوا يعملون بإتقانٍ ما بعده إتقان ، ويعدّون العدّة والأوزان ، يراقبون ويترقبون ويتأهبون لآنٍ سيأتي ما بعده آن .. أوليس إبليس قاتلاً للحق والحقيقة منذ بداية الأزمان ، أوليس أبليس عدو الإنسانية والإنسان، أوليس إبليس عدو الله والأنبياء والقيم والأديان …نعم نعم إن هذا الشيطان متأهباً قادراً كان وكان وكان ..ومازال حتى الآن … نعم وبالمطلق هو الثعلب والضبع والثعبان هو الذئب الذي تعرفه جيداً القطعان من الزرافات والنعامات والخرفان والغزلان ، هو الوحش الذي لا أمناً معه ولا أمان ، هو القاتل الذي يهوى القتل بإدمان ، هو المجرم الذي يحيا بنزيف دماء فلان وفلان ، وتدمير الأوطان ..هو بدون تردد الطغيان، فمنا من يسمونه ( دولة إسرائيل ) ، ومنا من يسميه الكيان ، ومنا من يسميه بلد أولاد العم من خيبر والأعوان .. أولاد عم والآن جيران ..فلنسميه كما نشاء وحسب المصالح والأهواء ، لكنه سيبقى هو الداء المميت الذي نخجل بوصفه بأية ألوان ، إلا لون الهواء الأصفر أو السرطان .. هو بالمطلق ذاك المولود الذي جاء بعد إغتصابٍ وعهرٍ وكفرٍ وعصيان ..هو ليس إلا عصابات تشكلت من الفسق والطغيان التي أتت من كل أصقاع الأرض محيطاتاً وخلجان ، لتجعل من الباطل والظلم والقهر والقتل عنوانينُ للإجرام في عنوان وبيانات للقتل كلها في بيان …
ما يحدث اليوم يفوق كل خيال ، لكنه حقيقة تراها العين ويرددها اللسان .. هي سياسة الأرض المحروقة لكل شيء من البشر والحجر والحدائق والجنان .. غزة صارت في خبر كان ، فما يقارب ال 100 ألف من الأطفال والنساء والشيوخ والمرضى والعجز صاروا أشلاءً بالأطنان ، والدماء هاهي أنهاراً بلا ضفافٍ ولا شطأن ، والبيوت آلت إلى الأرض حطاماً وخراباً ومأوى للقطط والأفاعي والجرذان .. هي الحياة إنتهت في غزة وأثار المجازر مزروعة في كل مكان ، لتبقى الإبادة الجماعية هي العنوان الذي ما بعده ولا قبله عنوان …
إسناد إسناد تنادوا وصاحوا أهل العماد ، وأياديهم على الزناد فهبوا وضربوا بما إستطاعوا هذا الوحش بكل شيءٍ مضّاد بعناد، بعد أن رأوا ما رأوا بما حلَّ بالبلاد والعباد ، من أقاصي غزة إلى جنوب لبنان جبلاً ووادْ ، وكيف العالم اللا حر يرى ولا يرى كل هذا الظلم وهذا السواد وهذا القتل وهذا الإجرام على أرض الأنبياء والرسل التي قالوا عنها زوراً وبهتاناً بأنها أرض الميعاد ، وحق الدفاع عن النفس هي الشمّاعة وعليها الإعتماد لأنها أرضاً خصّٓ الله فيها أبناء إسحق وداؤود وبعضاً من أحفاد سندباد ، ولا يحق لأحد آخر على العيش فيها حتى ولو الحقيقة التاريخية قالتها والقانون بها ناد ْ.. وبالمقابل هذا العالم اللاحر يؤازر ويسند بكل مالديه من قوة ومال وعتاد هذا الغول النتن مصاص دم وقاتل أحفاد عيسى وموسى ودعد ووداد .. فغزة صارت رماد ، ولبنان هاهو يسير نحو الهلاك بكل ما للهمجية والإبادة الجماعية من إرتداد ..
أما في سورّية فهناك حصارٌ مميتٌ بنار جهنم وقّادٰ ، وكل يوم في إشتدادٍ وإزدياد ، مما يجعل من هذا البلد عاجزاً حتى عن الدفاع عن نفسه إن رغب أو أراد .. ناهيك عن عراقٍ هزيل ويمنٍ عليل ومصرٍ مكللة بالسواد .. هذي هي حال العرب وهذه حالة العروبة والعباد والبلاد …
إلى أين نحن ذاهبون وهذا هو السؤال الكبير .. نعم نحن أمة تحتضر تصغيراً أو تكبير ..نحن أمة مشلولة الأطراف والعقول بأدنى تقدير ..نحن ومن نحن .. إلا أمة تستحق بإمتياز تسميتها أمة التعتير ، والتي مازالت تعيش من أنقاض ماضٍ كله تصفير ..فنحن أصفار في كل شيء من الصناعات والتكنولوجيات والإختراعات والتغيير إلى المؤسسات والحكّام والحكومات والحريات والديموقراطيات والتحرير ..فبالله عليكم هل هناك لحالنا حل وهل هناك لتقاعسنا تبرير …؟؟؟ !!!
أستشهد بقول جبران خليل جبران :
العدل في الأرض يبكي الجن لو سمعوا به *** ويستضحك الأموات وإن نظروا
وأستشهد أيضاً بقول الشابي :
إذا الشعب يوماً أراد الحياة *** فلا بد أن يستجيب القدر
فلنعوذ بالله من الشيطان الرجيم وحسبنا الله رب العالمين البصير الوكيل ..ونبقى على عهدنا مع ضمائرنا يقيناً بأننا طلاب سلام وحق ، وأننا نستحق الحياة كما بقية الأمم أمناً وأمان واستقرار مع الإرادة التي لا تنكسر بأن نكون أو لا نكون .
رياض مرعي