لن يحكم التاريخ على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باعتباره محاربا صالحا يقود الغرب في حرب يعتبرها مقدسة على ما يصفها بالفاشية الإسلامية كما يرى نفسه، بل سينظر إليه التاريخ على أنه السياسي الأحمق الذي قاد إسرائيل بشكل أعمى إلى أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 وكل الكوارث التي أعقبت ذلك.
وبهذه المقدمة افتتحت صحيفة هآرتس -مقالا للدبلوماسي ألون بينكاس- قال فيه إن السابع من أكتوبر/تشرين الأول كان بلا شك أسوأ يوم في تاريخ إسرائيل، ثم تحول إلى أسوأ عام وترك ندوبا في النفس الإسرائيلية بعمق يصعب فهمه وتقديره بالكامل.
وذكر الكاتب بالهجوم الذي شنته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وبالحرب التي تلته ولا تزال مستعرة في غزة، وبتخلي حكومة إسرائيل عن 100 أسير في أنفاق حماس وتوسع الحرب إلى لبنان، ثم مواجهة مباشرة محتملة مع إيران، مشيرا إلى نجاحات تكتيكية مثيرة للإعجاب ضد قادة حزب الله ولكن دون فوائد إستراتيجية.
وفي الذكرى السنوية الأولى عندما كان الإسرائيليون في حالة من الاضطراب واليأس والحزن الشديد -كما يقول الكاتب- كان كل ما قاله رئيس الوزراء في اجتماع الحكومة أنه يقترح تغيير اسم الحرب من “السيوف الحديدية” إلى “حرب كوميميوت” أي حرب الاستقلال.
وأشار الكاتب إلى أن العديد من الإستراتيجيين والمستشرقين مصابون الآن بحماس بالغ عند التفكير في توجيه إسرائيل ضربة إلى إيران، وهم يزعمون أن القضاء على حزب الله، وتوجيه ضربة عسكرية مدمرة ومستحقة لإيران، من شأنها أن تغير المشهد الإستراتيجي في المنطقة بشكل إيجابي، وستكون لها عواقب عظيمة تتمثل في شرق أوسط جديد، وإعادة تشكيل إيجابي للديناميكيات السلبية بالمنطقة، وتغيير مسارها المشؤوم حتى الآن.
ولئن بدا الهجوم على حزب الله والضربة الوقائية على إيران أنهما قابلان للتبرير، فإن ما يشكك فيه هو الغباء المتكرر المتمثل في الاعتقاد بأنه من الممكن إعادة تشكيل المنطقة وموقف إسرائيل فيها دون أي إشارة أو اعتبار للفلسطينيين والصراع الإسرائيلي الفلسطيني الدائم الذي لم يتم حله.
ومن دون الخوض في إمكانية نجاح تدمير حزب الله وإظهار أن إيران مجرد “نمر من ورق” فإن ذلك يمكن أن يتم دون حرب مع إيران، ولكن نفس الشخص المهووس بالعظمة الذي قال أمام الكونغرس عام 2002 إن غزو العراق سيغير الشرق الأوسط، وستكون له “انعكاسات إيجابية هائلة” وسيعجل بسقوط النظام الإيراني، أصبح الآن مقتنعا بأنه قادر على تفكيك المنطقة وإعادة بنائها على الفور عسكريا، لأنه عندما يكون كل ما لديك هو مطرقة فإن كل قضية وكل تحدٍ يبدو وكأنه مسمار.
وخلص الكاتب إلى أن إسرائيل لا تريد الاستماع إلى مثل كلمات وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي الذي قال في الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي “نحن هنا أعضاء لجنة إسلامية عربية بتفويض من 57 دولة عربية وإسلامية، وأستطيع القول بكل وضوح إننا جميعا على استعداد لضمان أمن إسرائيل في سياق إنهاء الاحتلال والسماح بقيام دولة فلسطينية” ولكن نتنياهو ببساطة لا يريد حل الدولتين، وبالتالي فغاية المسؤولين الإسرائيليين ليست سوى الحروب والحروب ثم الحروب.
وختم المقال بأن نتنياهو لا يرسم إستراتيجية بل يرسم ذاته، ولن يتذكره التاريخ إلا بكارثة السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وبالتالي على الإسرائيليين في هذه اللحظة القاتمة والمؤلمة من التأمل الذاتي أن يتذكروا أن إسرائيل ستخرج من هذه الأزمة بمستقبل أكثر إشراقا، وأنه لم يكن هناك شخص في التاريخ مسؤول عن تدمير العلامة التجارية لدولته أكثر من نتنياهو.