أطلق مركز تريندز للبحوث والاستشارات، الترجمة العربية لكتاب “حرب الأعوام العشرين.. الجهادية ومكافحة الإرهاب في القرن الحادي والعشرين”، والذي يوثق في خمسة فصول الحرب العالمية ضد الإرهاب والتطرف بين 2001 و2021.
وجاء الإطلاق تمهيداً لمشاركة المركز في معرض باريس الدولي للكتاب 2024، ضمن جلسة نظمت في مكتب تريندز – دبي وأدارتها رهف الخزرجي، الباحثة ومديرة قسم النشر العلمي في المركز بمشاركة مؤلفي الكتاب الدكتور مارك هيكر، نائب مدير المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، وإيلي تنينباوم، مدير مركز الدراسات الأمنية بالمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية.
5 فصول
وقالت الخزرجي إن الكتاب الذي ترجمه تريندز من الفرنسية إلى العربية، يناقش تبعات الحرب التي بدأت بعد تفجيرات مركز التجارة العالمي في 11 سبتمبر(أيلول) 2001 وانتهت بإتفاق السلام في الدوحة بين الولايات المتحدة الأمريكية، وحركة طالبان في 29 فبراير (شباط) 2020، ويستعرض موجات عدة للإرهاب عبر خمسة فصول رئيسية هي الموجة الصادمة للإرهاب الفائق 2001 – 2006، وعهد محاربة التمرد 2006 – 2011، والجهاد يقوم بثورته 2011 – 2014، وعودة الخليفة 2014 – 2017، والنصر الغريب 2018 – 2021.
تعطيل المنظمات الجهادية
وأكد الدكتور مارك هيكر، نائب مدير المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، وأحد مؤلفي الكتاب، أن المرحلة الأولى من الحرب من 2001 إلى 2006،شهدت نجاح خلالها القوات الغربية في تدمير الملاذات الآمنة للإرهابيين، وتعطيل المنظمات الجهادية الدولية، عبر مزيج فعال من تبادل المعلومات الاستخبارية، واستراتيجيات المواجهة المشتركة، مضيفاً أنه في أعقاب عصر تغيير الأنظمة، تبين أن الرغبة في بناء ديمقراطيات ليبرالية من الصفر كانت ساذجة، حيث إن التدخل في الشؤون الداخلية لبعض الدول يخلق مشاكل كبيرة لا جدوى منها.
وذكر هيكر أنه بين 2006 و2011، كيفت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها، استراتيجيتهم، بالتحول إلى مكافحة التمرد الإرهابي، بنشر قوات كافية على الأرض، واتباع تكتيكات وتقنيات جديدة للتصدي له، مبيناً أن أمريكا فهمت وقتها أن عليها تغيير عقليتها الحربية بشكل كامل، حيث تركز مركز ثقل الصراع الجديد على السكان المحليين، الذين كانوا في حاجة إلى تأمين، ليتمكنوا من دعم الحكومة الشرعية، وقد نجح الأمر، لكن بعد استثمار أموال ضخمة.
منافسة استراتيجية
وأشار مؤلف الكتاب إلى أنه منذ 2011، بدأ إهتمام أمريكا يتمحور حول آسيا، وهو التعبير الذي استخدمته هيلاري كلينتون للمرة الأولى، معتقدة أن الأولوية الجديدة لأمريكا، هي تحويل تركيزها من الشرق الأوسط إلى المنافسة الاستراتيجية مع الصين في آسيا.
وبين الدكتور مارك هيكر أن التحول الأمريكي تأخر في البداية نتيجة الاضطرابات في بعض الدول العربية في 2011، مضيفاً أن أمريكا لم تكن تتوقع المفاجآت الإستراتيجية التي خلفتها تلك الأحداث في دول عربية، ولم تتوقع عودة الجهاديين لتصدر المشهد، للاستفادة من الاضطرابات، خاصة في ليبيا، وسوريا.
إضعاف الهوية المتطرفة
من جانبه، أوضح المؤلف الثاني للكتاب، إيلي تنينباوم، مدير مركز الدراسات الأمنية بالمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، أن النضال ضد التطرف العنيف كان هدفاً أساسياً للأمن القومي الأمريكي بعد أحداث 11 سبتمبر(أيلول)2001، ومع ذلك، وبعد مرور 20 عاماً، تقترب هذه الدورة الاستراتيجية الآن من نهايتها بعد العديد من النجاحات، حيث أُضعفت الهوية المركزية للجماعات الجهادية المتطرفة بشدة، ما قلل قدرتها على العنف العالمي.
وأضاف تنينباوم أن الحكومات الغربية تعاني من إرهاق الحرب بسبب عجزها عن تحقيق نتائج سياسية مرضية، ولم تشهد الحكومات ظهور شركاء مثاليين من الدول التي أعادت سياسات الحرب على الإرهاب تشكيلها، ولكن الغرب، استخلص درساً مهماً من السنوات العشرين الماضية، فمن الواضح أن الحكومات قللت من أهمية تنظيم القاعدة قبل 11 سبتمبر(أيلول)، ويمكن قول الشيء نفسه عن داعش قبل 2014، في حين أن هذه التنظيمات الإرهابية لا تزال مصممة على الهجوم.
وأكد المؤلف أن على الحكومات الحد من التفاوض مع الإرهابيين، وأن تكون أكثر وعياً عند اضطرارها للتفاوض بخطورة نوايا هذه الجماعات، مبيناً أن على الحكومات أيضاً إعادة تقييم أهمية الحرب ضد الإرهاب، وتقسيمها إلى أولويات أخرى، خاصةً فكرة التنافس بين القوى العظمى.
استراتيجيات المكافحة
وفي ختام الجلسة أكد الدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز، أن هذا الكتاب يعد فهماً متعمقاً ودقيقاً وموضوعياً للحركات والتنظيمات الجهادية حول العالم، ويحتكم إلى قواعد التوثيق الصارمة والمطلوبة في هذا الصنف من الدراسات، ولكنه يتميز أيضاً بتجاوزه مجرد عرض وقائع الإرهاب إلى عرض تطور استراتيجيات التصدي له على كل المستويات.