دعا المؤتمر الإفريقي حول الهجرة غير الشرعية، الذي انعقد في مدينة بنغازي يومي 29 و 30 يناير الماضي ، إلى تفاهمات جديدة مع الدول الأوروبية بخصوص المهاجرين، كما أكد المشاركون في المؤتمر رفضهم لعب دور «الشرطي» للقارة الأوروبية.
وطالب المشاركون في المؤتمر، في البيان الختامي الذي حمل إسم «إعلان بنغازي»، بعقد قمة أفريقية عاجلة لوضع استراتيجية موحدة بخصوص ملف المهاجرين غير الشرعيين، مشددين على ضرورة تجنب التوظيف السياسي لهم.
وهذا نص البيان الختامي:-
نحن المشاركون في المؤتمر الإفريقي حول الهجرة المنعقد في مدينة بنغازي الليبية في الفترة من 29 إلى 30 يناير 2024 بدعوة كريمة من الحكومة الليبية برئاسة د. أسامة حماد وتنظيم مشترك بين وزارة الخارجية والتعاون الدولي ووزارة الدولة لشؤون الهجرة شهد هذا المؤتمر حضوراً كبيراً من الشخصيات الليبية والإفريقية وعلى رأسهم فخامة المستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي، وفخامة رئيس البرلمان الإفريقي فورتشن شارومبيرا ومعالي رئيس مجلس الوزراء بالحكومة الليبية د. أسامة حماد، ووزير الخارجية والتعاون الدولي الدكتور عبد الهادي الحويج، ووزيري الخارجية والداخلية بجمهورية النيجر ، والسادة المشاركين النواب والحكوميين والخبراء ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص من 30 دولة إفريقية بالإضافة إلى الأفارقة المقيمين بالمهجر من عدة دول أوروبية.
وبعد مناقشة مستفيضة استحضرنا مختلف المواثيق العالمية المعنية بحقوق الإنسان بصفة عامة والهجرة بصفة خاصة وفي مقدمتها الميثاق العالمي لحقوق الإنسان والبروتوكولات الخاصة ذات الصلة:
أخذنا بعين الإعتبار الميثاق التأسيسي للإتحاد الأفريقي والإعلان الافريقي لحقوق الشعوب والميثاق العالمي بشأن الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية الصادر في مدينة مراكش المغربية في العام 2018، بالإضافة إلى الأجندة الإفريقية للهجرة ، وإعلان القمة الأوروبية الإفريقية المنعقدة في فاليتا بمالطا في العام (2015)، وكذلك إعلان نيويورك للاجئين والمهاجرين.
توحيد المواقف الأفريقية حيال ملف الهجرة
نؤكد عزمنا على تنسيق المواقف وتوحيد الجهود الأفريقية مجتمعة من أجل الدفاع عن سياسة دولية للهجرة تقدم حلولا مبتكرة تحول حركة الهجرة غير النظامية والنظامية إلى فرص تنمية تقوم على المنفعة التنموية لهذه الدول واحترام سيادتها الوطنية، مما يعزز الاستقرار لمواطنيها ويدفع باتجاه تنمية الشراكة المتبادلة بين بلدن الاستقبال والعبور ودول المنشأ.
نثمن جهود الحكومة الليبية والقيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية وكافة الأجهزة الأمنية من أجل حماية وتوفير الرعاية للمهاجرين من خلال إقامة مراكز إيواء وفقاً للمعايير الإنسانية والمواثيق الدولية.
ندعو إلى تنسيق موقف مشترك في الحوار مع دول الإستقبال خاصة الدول الأوروبية مما يسهم بشكل فعال في معالجة مسألة الهجرة بين الدول الأفريقية ذاتها، والتأكيد على أن المقاربة الأمنية قد أثبتت فشلها، ونعبر عن رفضنا لأن نكون شرطيا لأوروبا، وندعو إلى مواءمة تنموية في دول المصدر تأخذ بعين الإعتبار التعويض العادل عن فترة استعمارها.
رفض التوظيف السياسي لملف الهجرة
نأسف لإرتفاع منسوب التوظيف السياسي لقضية الهجرة داخل دول الإستقبال من خلال صعود تيارات الكراهية التي تشكل عائقاً إضافياً لإيجاد حلول عقلانية للتحديات والتي تطرحها حركة انتقال القوى العاملة دولياً وتزيد من منسوب المقاربة الأمنية المحضة لمسألة اقتصادية وإنسانية بالأساس.
إننا نعتقد أن العالم بحاجة لحلول مبتكرة لمسألة الهجرة تكون إضافة للمقاربة الشاملة القائمة على مبدأ العرض والطلب المتسق مع التحولات الاقتصادية الدولية الجارية بالإضافة إلى المتغيرات الديموغرافية والمناخية.
كما ندعو لمعالجة الأسباب العميقة لتدفقات الهجرة غير النظامية وتسوية الأوضاع القانونية للمهاجرين مما سيمكن من الإقامة دون متابعة والتغلب على الأنشطة الإجرامية للمتاجرين بالبشر وتجنيدهم في النزاعات وبؤر التطرف.
نشدد على ضرورة الإحاطة بالمهاجرين الأفارقة الذين يمثلون سفراء لقارتهم ومساعدتهم على الدفاع عن حقوق المهاجرين في بلدان الاستقبال .
دعوة إلى قمة أفريقية عاجلة لوضع استراتيجية لمعالجة قضايا الهجرة
نوجه نداءً للقادة الأفارقة إلى التعجيل بعقد قمة إفريقية حول الهجرة لتتفق الدول الأفريقية فيما بينها على استراتيجية موحدة لمعالجة قضايا الهجرة داخل إفريقيا ذاتها وتنفيذ الأجندة الإفريقية للهجرة، وتوحيد المواقف في التفاوض مع دول إستقبال المهاجرين في الشمال بشكل مشترك.
نفوض الحكومة الليبية للتباحث والتشاور مع الجانب الأوروبي لوضع آليات وتدابير جديدة لمعالجة مسألة الهجرة، وعقد اللقاءات اللازمة نحو حل شامل ومقاربة تشاركية لتنفيذ مخرجات إعلان بنغازي 2024.
وأخيرا، إذا أردنا البدء الحقيقي في معالجة قضية المهاجرين يجب على الدول الاقتصادية الكبرى إعادة صياغة نهجها تجاه الدول الأفريقية والتخلص من ثقافة الإحتكار والتبعية والمستعمرات التاريخية التي تنتهجها بعض الدول تجاه دول وشعوب القارة ومعالجة آثار الماضي والعمل على وضع خطط التنمية في كل أوجه الحياة حتى نترجم حقاً شعار «الكرامة والحرية والعدالة للجميع» الذي جعلته الأمم المتحدة شعارها للعام 2024.
لقد كانت الهجرة جزءًا من التجربة الإنسانية عبر التاريخ وعاملا من عوامل التقارب بين الشعوب والحضارات ومصدرا للازدهار والابتكار والتنمية المستدامة في سياق العولمة.