يقول أستاذ دراسات السلام في جامعة برادفور، بول روجرز، إن إسرائيل تخسر الحرب ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته لن يعترفا بذلك أبدا.
ويشير إلى أن الرواية الرسمية الإسرائيلية هي أن حماس ضعفت، لكن الواقع، حسب رأيه، هو أن عقيدة الجيش الإسرائيلي المتمثلة في القوة الهائلة هي التي تخفق.
وأشار روجرز، في مقال بصحيفة الغارديان، إلى أنه حتى وقت قريب، كانت رواية الحرب على غزة خاضعة إلى حد كبير لسيطرة الجيش الإسرائيلي ووزارة الدفاع.
وتابع، أن سمعة إسرائيل الدولية ربما تكون قد تراجعت مع مقتل 20 ألف فلسطيني وجرح أكثر من 50 ألفا، وتدمير جزء كبير من قطاع غزة، لكن لا يزال بإمكان الجيش الإسرائيلي الترويج لسرد مقبول عن ضعف حماس الشديد، حتى إنه يدعي أن الحرب في شمال غزة إكتملت إلى حد كبير، وسيتبع ذلك عما قريب النجاح في جنوبها.
ويرى الباحث أن ما ساعد هذا السرد هو الصعوبات الشديدة التي يواجهها عدد قليل من الصحفيين الذين ما زالوا يعملون في غزة، بينما كانت هيئة الصحافة الدولية عالقة في القدس، وتعتمد على مصادر الجيش الإسرائيلي في كثير من معلوماتها.
وقال، إن هذا الأمر قد تغير عندما بدأت صورة مختلفة في الظهور.. فقد كان هناك نقص في الأدلة الداعمة لزعم الجيش الإسرائيلي بوجود مقر لحماس تحت مستشفى الشفاء، ثم لم يتمكن من تحديد موقع المحتجزين الإسرائيليين، رغم إمتلاكه بعضا من أكثر المعلومات الإستخباراتية تقدما في العالم.
وأشار إلى وجود مؤشرات أخرى أوسع تدل على مشكلات الجيش الإسرائيلي، كما ذكرت معلومات نشرتها صحيفة يديعوت أحرونوت حصلت عليها من إدارة إعادة التأهيل التابعة لوزارة الدفاع، تشير إلى أن عدد إصابات الإسرائيليين أكثر من 5 آلاف، مع تصنيف 58% منها إصابات خطيرة، وأكثر من 2000 شخص صُنفوا رسميا معاقين، وذلك مقارنة بالأرقام الرسمية التي تحدثت عن مقتل 460 عسكريا فقط في غزة وإسرائيل والضفة الغربية، وإصابة نحو 1900 آخرين.
وأضاف أنه كان هناك -أيضا- عدد من الضحايا بالنيران الصديقة، بلغت حسب صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” 20 حالة وفاة من أصل 105 بسبب القتال.
وقد إنتقد روجرز قادة الجيش الإسرائيلي قائلا، إنه رغم الضغوط الهائلة التي يتعرضون لها لتحقيق النجاح، فإن العديد منهم على قدر كبير من الذكاء، وسوف يدركون الآن أنه رغم كل سرد نتنياهو، فإن حماس، أو على الأقل أفكارها، لا يمكن هزيمتها بالقوة العسكرية.
وهم يعلمون -كذلك- أنه في الوقت الذي تتعطل فيه المحادثات، فإن الضغط من عائلات المحتجزين قد يؤدي قريبا إلى هدنة إنسانية أخرى. ولذلك فإن هدفهم سيكون إلحاق الضرر بحماس بقدر ما يستطيعون، وبأسرع ما يمكن، وفي الوقت نفسه، مهما كان الثمن الذي سيتحمله الفلسطينيون، والدليل على ذلك الغارات الجوية المكثفة هذا الأسبوع.
ويرى الباحث أن إسرائيل لا تخاطر بالتحول إلى دولة منبوذة فحسب، حتى بين حلفائها، بل ستؤجج جيلا من المعارضة المتطرفة من حماس المُعاد تشكيلها أو خليفتها الحتمية.
وختم مقاله بأن إسرائيل تحتاج إلى إنقاذ نفسها من نفسها، لكن هذا سيعتمد أكثر من أي شيء آخر على (الرئيس الأميركي) جو بايدن ومن حوله. وربما بدافع المزاج العام المتغير بسرعة في أوروبا الغربية، سيتعين عليهم إدراك دورهم في وضع نهاية فورية لهذا الصراع.