أثار قرار السلطات العسكرية البريطانية توجيه طائرات خاصة بالمراقبة غير مسلحة تحلق بإرتفاعات كبيرة فوق سماء قطاع غزة وبالقرب من القطاع على سواحل المتوسط إستغراب المجتمع الدبلوماسي والإستخباراتي في عدة عواصم دولية ، خصوصا وأن الحاجة لطائرات بريطانية خاصة في إطار المراقبة الجوية لا تبدو ملحة أو واضحة الأهداف بسبب وجود عدد كبير من الطائرات الإسرائيلية والأمريكية أصلا في نفس المنطقة والأجواء.
ويتعاظم الإنطباع بأن الهدف المعلن لهذه الطائرات قد لا يكون دقيقا أو صحيحا وهو حسب السلطات البريطانية التوثق من الأماكن التي يوجد فيها من تصفهم بالمختطفين ، علما بأن المقاومة الفلسطينية سبق أن أطلقت سراح عشرات المدنيين في الهدنة الأخيرة و من تبقى من الموصوفين بالمختطفين هم أسرى غالبيتهم من العسكريين الاسرائيليين .
بكل حال مصدر دبلوماسي مطلع إعتبر أن تحليق الطائرات متقدمة في مجال المراقبة من جهة بريطانيا هو خطوة متفق عليها.
لكن مهمتها قد تكون مرتبطة بترتيب مع وزارة الدفاع الامريكية وليس مع الجيش الإسرائيلي ، والإعتقاد سائد وسط الخبراء بأن مهمة غامضة اخرى لهذه الطائرات قد لا تكون مرتبطة بالبحث عن المفقودين لأن الطائرات الإسرائيلية الخاصة بالمراقبة والأمريكية موجودة بكثافة لهذا الغرض منذ عدة أسابيع فوق سماء قطاع غزة.
وتحمل الطائرات البريطانية معها سرا بالغ الأهمية على الأرجح ، وتقدر خبرات عسكرية بأن ما يمكن أن تلتقطه تلك الطائرات من صور توثيقات قد يتجاوز مسألة المخطوفين وأماكن وجودهم ، بمعنى أن هذه الطائرات يمكنها أيضا مراقبة حركة قوات كتائب القسام وفصائل المقاومة الفلسطينية وبنفس الوقت مراقبة حركة الآليات العسكرية الاسرائيلية وتحديد مهامها ودورها في الجغرافيا وتوثيق عملياتها العسكرية في المكان في إطار مهمة يبدو أنها قد تتعلق لاحقا بمراقبة مقدار إلتزام الجيش الاسرائيلي بالتوجهات الأمريكية الخاصة بتقليص عدد الضحايا المدنيين تحديدا في قطاع غزة ضمن ما يسمى بعمليات الجنوب.
وكانت مسالة مراقبة القصف الإسرائيلي وأماكنه ومواقعه في جنوب غزة قد اثيرت وسط الدوائر الأمريكية المغلقة حسب مصادر خاصة من واشنطن على أكثر نطاق ممكن مع الإسرائيليين ، وبرزت إنتقادات مساء الاثنين من جهة وزارة الدفاع الأمريكية لعمليات القصف التي يبدو أنها لم تطبق المعايير الأمريكية والتي بدورها بالرغم من تصريحات وزارة الخارجية الأمريكية مساء الاثنين خالفت ما إفترضه الامريكيون عند إضفاء الشرعية على المزيد من العمليات العسكرية الاسرائيلية في جنوبي قطاع غزة.
وفي نفس السياق كانت قد برزت ملاحظات للخبراء العسكريين الأمريكيين حول الخطط العسكرية الميدانية من حيث الاقتحامات في جنوب قطاع غزة .
و ملاحظات أخرى لها علاقه بالقصف العنيف الذي وصفه مصدر أمريكي عسكري بأنه لم يكن متفق عليه للمدنيين أو حتى لمقرات الأمم المتحدة في قلب ومحيط مدينة خانيونس و بعض الأحياء المحيطة بها .
وهذا يعني أن لدى الحلفاء الأمريكيون والبريطانيون توجهات متحفظة إزاء عودة القصف الاسرائيلي لميكانزيمات تقصف بغلاظة وقسوة وخشونة المواقع المدنية وتتسبب بكارثة إنسانية كما حصل في شمالي قطاع غزة.
والإعتقاد سائد وقد أرسلت ادارة البنتاجون ملاحظات لوزارة الدفاع الاسرائيلية بالسياق بأن القصف العنيف في جنوب غزة وتدمير مساحة واسعة من الأبنية والأحياء مؤشر يؤدي إلى إغضاب الحليف المصري ودفعه لإتخاذ قرارات أو خطوات قد لا تكون متناسبة مع المصالح الاسرائيلية ، لأن قصف من هذا النوع وخصوصا للمستشفيات و مستودعات منظمة الصحة العالمية قد يوحي بأن الجيش الاسرائيلي يخطط لحالة نزوح سكانية أو تهجير سكانية وديمغرافية ضخمة.. وهو أمر أيضا يعتبر من المسائل غير المتفق عليها مع الأمريكيين والبريطانيين.