في ظل الموقف البريطاني السلبي عموما (الخاضع لتأثير اللوبي الصهيو – أمريكي) حتى تجاه تأييد وقف لإطلاق النار، نَظّم وعقد مركز كيمبريدج لدراسات فلسطين أول ندوة عالمية تُعقد في مجلس اللوردات البريطاني ، وذلك حول حرب الإبادة في قطاع غزة – فلسطين شاركت فيها شخصيات أكاديمية وسياسية ودبلوماسية وناشطين من المجتمع المدني.
وقد غصت القاعة التي عُقدت فيها الندوة بمجلس اللوردات بالحضور للإستماع للبروفيسور في القانون الدولي ريتشارد فولك والذي حضر من الولايات المتحدة خصيصا لمشاركة في هذه الندوة، وللوزيرة البريطانية السابقة كلير شورت والسفير البريطاني بيتر فورد والسفير الفلسطيني المخضرم عفيف اميل صافية والطبيبة الفلسطينية (من غزة) د. حنان ابو كامل والتي قدمت شهادة شخصية حول عدم إستطاعتها التواصل مع عائلتها منذ عدة اسابيع، كما أنها لا تعرف فيما إذا كانوا على قيد الحياة أم لا. إضافة الى تقديمها عرضا مهنيا حول قطاع الصحة شمل العدوان على المستشفيات وقتل أعضاء الطاقم الطبي والحصار والعقوبات المفروضة على كل قطاع الصحة من قبل القوات الإسرائيلية الغازية.
كما تحدث السفير البريطاني المتقاعد (والناشط) بيتر فورد والذي كان قد عمل رئيسا لقسم الشرق الأوسط في الخارجية البريطانية ومندوبا كسفير في البحرين وسورية، حيث أشار السفير فورد إلى إزدواجية المعايير المقيتة التي يتبناها أعضاء العواصم الغربية بما فيها بريطانيا منتقدا أن هذه الدول تتباهى مكررة جملا تركز على حقوق الانسان، بينما هي لا تحمي حقوق الإنسان عندما لا يتناسب مع مصالحها.. أما العلّامة في القانون الدولي والمقرر الأممي السابق للأمم المتحدة في فلسطين المحتلة عام ١٩٦٧ ريتشارد فولك فقد وصف ما يحدث في قطاع غزة بالتحديد بالـ “إبادة الجماعية”، وذلك وفقا للقانون الدولي قائلا أن الجرائم التي ترتكب في قطاع غزة ليس لها مثيل إذ انها تمتحن وعينا البشري لأنها ترتكب على مرأى ومسمع البشر.
أما وزيرة التطوير الدولي البريطانية السابقة (عن حزب العمال) كلير شورت والتي كانت قد قدمت إستقالتها من حكومة توني بلير إبان الحرب على العراق عام ٢٠٠٣ وإحتجاجا عليها، فقد شنت هجوما لاذعا على الحكومة البريطانية الحالية داعية المجتمع البريطاني على وجه التحديد بتكتيف جهوده ضد الإبادة الحاصلة في فلسطين وعدم الكلل عن العمل المضني لأن الضغط ينفع.
أما السفير الفلسطيني المخضرم عفيف صافية إميل فقد تكلم عن إمكانيات تأثير الحرب على قطاع غزة على الساحة الفلسطينية وجهازها السياسي مشير الى أن هذه الحرب قد تتسبب بإضعاف حركة حماس لكنها لن تلغيها أبدا مضيفا إلى أن أي حل سياسي يجب أن يٌفرض على الطرفين من الخارج رغم أنه ممكن ألا يكون مقبولا أصلا على الطرفين.
أما النائب في البرلمان وعضو حزب العمال المعارض روپا حق فقد أشارت إلى الضغط الشديد المتزايد من قبل الجمهور البريطاني على البرلمانيين والذي يطالب بوقف عدوان الإبادة على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وفي مداخلة للسفير الأردني في لندن منار دباس أكد على ضرورة تفعيل المسار القانوني المتمثل بشكل خاص بمحكمة الجنايات لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين وعدم نسيان المسألة السياسية الكبرى وهي القدس وتكاثر الإعتداءات ليس فقط على الحرم القدسي ، وإنما أيضا على الكنائس والأديرة وإهانة رجال الدين المسيحيين والبصق على الراهبات والتنكيل بالحجاج المسيحيين القادمين إلى القدس على وجه التحديد.
وفي مداخلة أخرى للبروفيسور حاييم بريشيت (والذي ينحدر من عائلة يهودية من نجاة المحرقة الألمانية) قال أنه يمثل قطاعا كبيرا من اليهود في العالم والذي يؤمن أن ما قامت به حركه حماس يندرج في إطار المقاومة المشروعة التي تصارع الإحتلال منذ عقود. أما المحامي العربي البريطاني العراقي صباح المختار وبعد إنتقاده للموقف العربي الرسمي المشين المتمثل بعدم إصدار خطوة عملية حاسمة عن القمة العربية والإسلامية فقد إنتقد تخاذل الحكومة البريطانية مع جرائم الإحتلال الإسرائيلي.
أما الناشطة السياسية البريطانية الليدي ميشيل رينوف فقد أشارت إلى أن مخططات التهجير للحركة الصهيونية لم تبدأ مؤخرا وإنما بعد إصدار هرتسيل لكتابه الدولة اليهودية وإنعقاد الكونغرس الصهيوني في عام ١٨٩٧.. وقدإستمعت الندوة إلى العديد من الأسئلة والمداخلات السريعة إذ إستمرت الندوة على نحو ساعتين.
أما مدير مركز كيمبريدج لدراسات فلسطين الأكاديمي الفلسطيني – البريطاني البروفيسور مكرم خُوري – مَخّول، والذي بادر إلى عقد هذه الندوة، فقد أشار أن ندوة مجلس اللوردات هي حلقة من عدة نشاطات تشمل مؤتمرات وورشات عمل وندوات يقيمها المركز (بالتحديد) منذ أن بدأ عدوان الإبادة على قطاع غزة.. هذا ومن المقرر إقامة قريبا ندوة حول التأثير النفسي لحرب الإبادة على الفلسطينيين في فلسطين والعالم ككل.