إعتبر الخبير العسكري في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية عاموس هارئيل، الأربعاء، أن المعارك في قطاع غزة “أكثر تعقيدا” من الصورة التي يرسمها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وفضّل هارئيل، في مقاله التحليلي اليومي، “عدم الإنجرار إلى التفاؤل المفرط” الذي يبديه القادة العسكريون والسياسيون الإسرائيليون، بشأن سير العملية البرية في شمالي قطاع غزة، والتي راح ضحيتها منذ إتساع نطاقها في 27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، 33 جنديا إسرائيليا.
وطرح عدة تساؤلات عن الأداء العسكري لحركة “حماس”، ومدى رغبتها الحقيقة في القتال في الوقت الحالي، مستندا إلى روايات الجنود الإسرائيليين في ميدان المعركة.
وقال هارئيل، إن “المحادثات مع قادة الجيش الإسرائيلي، وأولئك الذين يقودون القتال في قطاع غزة، وينتمون للرتب العليا في الجيش تكشف أن الصورة أكثر تعقيدا إلى حد ما”، على خلفية طبيعة الأداء العسكري الحالي لمقاتلي حركة “حماس”.
وأضاف: “شهد الاثنين الماضي، حوادث قليلة (في إشارة إلى نطاق المعارك البرية)، مع الأخذ في الإعتبار أن قوات الجيش الإسرائيلي تطوق مدينة غزة، وتنشط بالفعل في ضواحيها الجنوبية والغربية، لذا يبقى السؤال الذي يثير القلق هو إلى أي مدى ترغب حماس في القتال الآن”.
ووفقا لهارئيل، فإن “سعادة الجيش الإسرائيلي بالمستوى المهني للقوات البرية في الأسبوع الثاني من المناورة البرية في غزة، يقابلها إنطباع بأن قيادات حماس لا ينظرون إلى أن وضع الحركة الآن حرج”.
وأوضح “كان القتال يوم الثلاثاء، أكثر ضراوة، ولكن لا يزال هناك إنطباع بأن حماس تفضل في بعض الأماكن ترك أفرادها المقاتلين في الأنفاق تحت الأرض، وإرسال فرق صغيرة فقط ضد قوات الجيش الإسرائيلي، مع التركيز على إطلاق النار المضاد للدبابات من مسافة قريبة ومحاولات زرع عبوات ناسفة في الدبابات وناقلات الجنود”.
وإعتبر المحلل العسكري الإسرائيلي، أن “حماس من خلال خطتها القتالية الحالية تحاول ربما الإحتفاظ بمعظم قواتها بهذه الطريقة”.. وإستدرك “حقيقة أن المنظمة (حماس) ترفض أي مفاوضات حقيقية بشأن إطلاق سراح الرهائن على نطاق واسع، قد تشير إلى أن قيادتها لا تنظر إلى وضعها الآن على أنه حرج”.
وفي هذا الصدد، تحدث هارئيل، عن “تراجع (حماس) في نطاق إطلاق الصواريخ على وسط البلاد (إسرائيل) الإثنين والثلاثاء”، لعاملين أساسين. مرتبطان بالعملية البرية.
وأردف: “يبدو أن هناك عاملين مؤثرين هنا: الصعوبة التي تواجهها حماس في إطلاق الصواريخ من شمال القطاع بسبب هجوم الجيش الإسرائيلي، والرغبة في ترك ما يكفي من الصواريخ متوسطة المدى للمراحل التالية من الحرب”.
وعليه، أشار هارئيل، إلى أن “مدة الحرب، بحسب العدد الحالي للقوات (الإسرائيلية)، لن تكون إلى أجل غير مسمى”.
وفي السياق، كشف الخبير الإسرائيلي، عن مساعي مشتركة من الولايات المتحدة وإسرائيل لتعديل شكل القتال في الفترة المقبلة، بعد الكشف عن إحتياج القيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي “أشهرا طويلة لإكمال المهمة، لإلحاق الضرر بحماس في شمال القطاع بشكل رئيسي، وتمشيط المناطق بشكل شامل من أجل ضرب المسلحين وجمع الذخائر”.
ورجح أنه سيتم “سحب معظم القوات الإسرائيلية من القطاع، والتحول إلى أسلوب الغارات الدقيقة على منشآت حماس، في شمال القطاع وربما في أماكن أخرى أيضًا”.
ومضى قائلا: “قوة حماس العسكرية والتنظيمية يمكن تفكيكها، وليس تدميرها بالكامل، كما لا يمكن تدمير الأيديولوجية”.
وبيّن أن القادة العسكريين الإسرائيليين وعلى عكس أوساط نتنياهو، “لا يتحدثون عن إمكانية إستئصال حماس”… وإعتبر هارئيل، أن “الجزء الأساسي من تحقيق الإنتصار ضد حماس قائم على مسألة الأنفاق”.
وأشار إلى أن مصادر إستخباراتية في الغرب وفي إسرائيل تعتقد بأن “قيادة التنظيم (حماس) وجناحه العسكري بنوا قدرات الأنفاق بما يسمح البقاء داخلها لأشهر طويلة”.
وقال: “يتعلم الجيش الإسرائيلي تدريجيا أن كل ما عرفته المخابرات الإسرائيلية عن مجموعة الأنفاق الدفاعية التي حفرتها حماس تحت أرض غزة، لا يخدش سطح نطاق المشروع وتعقيده، والذي قد يكون الأكبر من نوعه في العالم”.
وتابع “إذا تم تحقيق إختراق يسمح بتدمير الأنفاق على نطاق أوسع، فقد يفقد التنظيم التفوق النسبي للمنظمة، وقد يضطر إلى مواجهة الجيش الإسرائيلي في ظروف أقل ملاءمة”.
ورأى هارئيل، أن الوصول إلى تلك المرحلة في المعارك ربما يكون “السيناريو المتفائل، والخطوة الفاصلة التي تسعى إليها إسرائيل”.
وشكك في جدوى الإعتقاد السائد بأن إستمرار الهجمات الواسعة النطاق على حماس “سيؤدي في النهاية إلى تغيير يعزز ترتيبا مستقبليا تشارك فيه قوى عربية ودولية، مع إخراج حماس من اللعبة السياسية على الساحة الفلسطينية”.
وقال المحلل الإسرائيلي، إن ذلك الإعتقاد “خطة غامضة إلى حد ما، مليئة بالثغرات بشأن الطريقة التي تحاول بها (إسرائيل) وصف ما سيأتي بعد ذلك”.
وكان نتنياهو أعلن، مساء الإثنين، في مقابلة تليفزيونية، عن نية تل أبيب تولي “المسؤولية الأمنية الشاملة لفترة غير محددة” على قطاع غزة عقب الحرب.
ومنذ 33 يوما، يشن الجيش الإسرائيلي حربا على غزة دمر خلالها أحياء سكنية على رؤوس ساكنيها، وإستشهد فيها أكثر من 10 آلاف و569 فلسطينيا، بينهم 4324 طفلا و2823 سيدة، وأصاب 26 ألفا و475، كما إستشهد 163 فلسطينيا وإعتقل 2280 في الضفة الغربية، بحسب مصادر رسمية.
وكانت حركة “حماس” وفصائل فلسطينية أطلقت فجر 7 أكتوبر/تشرين الأول عملية “طوفان الأقصى” ضد المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، ردا على “الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته”.