يبدو أن موقف السلطة الفلسطينية الذي وصفه الجميع بأنه “ضعيف” تجاه هول وفجاعة الأحداث الدامية داخل قطاع غزة، والحرب الإسرائيلية المستمرة منذ أكثر من 31 يومًا ولم ترحم بشرًا ولا شجرًا ولا حجرًا، بدأت تُغضب قيادات وعناصر داخل حركة “فتح” في الضفة الغربية المحتلة.
ورغم أن المسيرات الغاضبة التي خرجت بمدن الضفة للتنديد بالجرائم الإسرائيلية التي تُرتكب أمام أعين العالم أجمع في قطاع غزة، ليست على المستوى المطلوب، إلا أن الغريب كان في الأمر هو غياب العنصر الفتحاوي القوي على المستوى الشعبي وحتى القيادي، الأمر الذي جعل العديد يتساءل.. أين حركة “فتح”؟
وسائل إعلام بدأت تتناقل عن وجود خلافات داخل الحركة بسبب موقفها وموقف السلطة الذي وصف بـ”ضعيف” تجاه حرب غزة، في ظل ترجيحات عن تعرض السلطة والحركة معًا لضغوطات داخلية وخارجية تجبرهم على “محدودية” التعامل مع أحداث قطاع غزة.
وعلى المستوى السياسي لم تخرج دائرة التصريحات الرسمية عن الدائرة المسموح بها، من تنديد وتهديد وتحذير ومناشدة العالم بالتحرك لإنقاذ غزة، في ظل مساعي أمريكي وإسرائيلي لدحرجة كرة اللهب ومحاولة فتح ملف إعادة سيطرة السلطة على القطاع بعد “القضاء على حكم حماس”.
وفي بيان صحفي مفاجئ وغريب، أمهل أفراد ينتمون للأجهزة الأمنية الفلسطينية، الرئيس الفلسطيني محمود عباس، 24 ساعة لإعلان المواجهة الشاملة مع الإحتلال في الضفة الغربية المحتلة، بفعل إستمرار مجازر الإحتلال في غزة.
جاء هذا في بيان يحمل رقم (1) نشر على وسائل التواصل الإجتماعي ويحمل توقيع “أبناء الأجهزة الامنية- أبناء الفتح”، مشيرا إلى إنه إذا لم يعلن “الأخ أبو مازن” موقفا واضحا يتبنى فيه المواجهة الشاملة مع الإحتلال، وإذا لم يتبرأ من تصريحات “المجرم بلينكن” (وزير الخارجية الأمريكي)، “فلا طاعة لأحد، ولا تعليمات تنفذ، ولا ولاء لأي جهاز”.
وأضاف البيان أن عشرات من أفراد الأجهزة الأمنية سيعلنون غدا تمردهم على الأجهزة الأمنية، وسيكشفون عن أسمائهم، إن لم يصدر قرار واضح من محمود عباس بشأن المواجهة الشاملة مع الإحتلال.
وفي إطار الغضب المتصاعد على مواقف السلطة الفلسطينية،إنتقد القيادي في حركة “حماس” سامي أبو زهري، موقف الرئيس عباس من العدوان الإسرائيلي البربري على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة.
وقد إلتقى عباس خلال إستقباله وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن في مدينة رام الله يوم الأحد.. وخلال زيارة الوزير الأمريكي، نظمت فصائل ونقابات وفعاليات شعبية مسيرة في مدينة رام الله إحتجاجا على مواقف الولايات المتحدة الأمريكية تجاه حرب الإبادة الإسرائيلية ضد قطاع غزة، ورفع المشاركون شعارات مكتوبة منددة بالموقف الأمريكي ورفضا لزيارة بلينكن.
كما أبدى موسى أبومرزوق عضو المكتب السياسي لحركة “حماس” إندهاشه من الموقف المخزي للسلطة الفلسطينية في رام الله، حيث قال “كنا ننتظر الكثير من إخواننا في الضفة لكننا مندهشون من الموقف المخزي لإخواننا في السلطة” مضيفا أن “هناك أصواتا جيدة بين مسؤولي السلطة، لكن بقية الأصوات تدّعي كثيرا”.
وذكر أن هناك الكثير من “الأجانب” أبلغوه بأن أعضاء في السلطة الفلسطينية وبعض الدول العربية يطالبون الغرب سرا بالقضاء على حماس.
كما يأتي إنتقاد حركة “حماس” للسلطة الفلسطينية بسبب تنصل رئيسها عباس من الحركة وهجومها الذي شنته على مستوطنات غلاف غزة في السابع من أكتوبر الماضي.
وكان الرئيس عباس قد قال إن : “أفعال حماس لا تمثل الشعب الفلسطيني”، قبل أن يتم التراجع عن هذا التصريح وتعديل الخبر في تقرير لوكالة الانباء الفلسطينية “وفا”، ليثير الكثير من الغضب ليس في قطاع غزة وحدها ولكن في الضفة الغربية كذلك.
وفي دلالة على حجم الانقسام داخل السلطة الفلسطينية وحركة “فتح”، قال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عباس زكي، انه يؤيد هجوم حماس وعملية طوفان الأقصى ليواجه بأنتقادات من داخل منظمة التحرير الفلسطينية.
ونشر النشطاء عشرات المنشورات التي إنتقدت موقف السلطة الفلسطينية، وتساءلوا عن دورها في ظل إستمرار العدوان بشكل متصاعد دون خطاب مباشر من قبل الرئيس إلى الفلسطينيين، ولم تخلُ أي فعالية أو مسيرة في شوارع الضفة من مطالبات مستمرة للقيادة بأخذ دورها والالتحام مع الشعب في مواجهة ما يتعرض له في كل مناطق وجوده.
ويبقى هنا التساؤل المتشعب الذي يبحث عن إجابات.. أين هي حركة “فتح”؟ ولماذا هذا الموقف الخجول من الرئيس عباس؟ وهل بات القضاء على “حماس” والمقاومة مصلحة للجميع؟