جرّدت رئيسة بلدية باريس آن هيدالغو الجمعة الرئيس الفلسطيني محمود عباس من أرفع أوسمة العاصمة الفرنسية على خلفية تصريحات أدلى بها حول المحرقة، على ما أفاد مكتب هيدالغو، حيث أوضحت أن عباس لم يعد مؤهلا لحمل وسام غراند فيرميل بعد أن “برر إبادة يهود أوروبا” في الحرب العالمية الثانية.
وبعثت هيدالغو برسالة إلى عباس الخميس قالت فيها “ما أدليت به من تصريحات يتناقض مع قيمنا العالمية والحقيقة التاريخية للمحرقة… وبالتالي لم يعد بإمكانك الإحتفاظ بهذا التكريم”، في إشارة إلى الوسام.
وقد نال عباس هذا التكريم خلال زيارته باريس عام 2015.
وتم نشر نص الرسالة على منصة إكس من جانب يوناثان أرفي رئيس المجلس التمثيلي للمؤسسات الفرنسية اليهودية.
وكتب أرفي معلقا على قرار التجريد من الوسام “هذا القرار المهم يشرّف باريس وإلتزامها المتواصل ضد معاداة السامية”.
وفي 24 آب/أغسطس، قال عباس أمام المجلس الثوري لحركة فتح خلال إجتماع في رام الله بالضفة الغربية المحتلة “يقولون إنّ (أدولف) هتلر قتل اليهود لأنّهم يهود، وإنّ أوروبا كرهت اليهود لأنّهم يهود”.
وأضاف: “هذا ليس صحيحاً”، معتبراً أنّ الأوروبيين “قاتلوا (اليهود) بسبب دورهم الإجتماعي، وبسبب الربا والمال، وليس بسبب دينهم”.
واضافت هيدالغو في رسالتها “لقد بررت إبادة يهود أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية برغبة واضحة في إنكار المحرقة”، مضيفة “أدين بشدة تصريحاتك، فليس هناك ما يبرر التحريف والإنكار”.
وقال متحدث بإسم الاتحاد الأوروبي إن “الخطاب يتضمن تصريحات كاذبة ومضللة بشكل صارخ حول اليهود ومعاداة السامية”.
كما إعتبرت القنصلية الفرنسية في القدس أن هذه التصريحات “غير مقبولة على الإطلاق”.
وهذه ليست المرة الأولى يدلي بها عبّاس بتصريحات مثيرة للجدل حول المحرقة.
وخلال زيارة إلى ألمانيا في آب/أغسطس 2022، قارن عبّاس المحرقة بقتل إسرائيل للفلسطينيين، متّهماً الدولة العبرية بارتكاب “50 مذبحة و50 محرقة” ضدّ الفلسطينيين منذ عام 1947.
وكان الرئيس عباس قال في تصريحاته ان اليهود الاشكناز يتحدرون من آوروبا، وليس الشرق الأوسط، وتعرضوا للقتل خلال الهولوكوست (محرقة النازية) بسبب الكراهية الموجهة ضدهم لدورهم التاريخي كمرابين.
وكتبت هيدالغو معتبرة أن تعليقات عباس “تتعارض مع القيم العالمية والحقيقة التاريخية للمحرقة، ولهذا، لا يستطيع أن يستمر في حمل الوسام الأرفع الذي تمنحه باريس”.
وأضافت “ أدين تعليقاتك بأشد عبارات ممكنة، لا توجد قضية يمكن أن تبرر الرفض والتحريف. كما تعلم، الهولوكوست جزء من تاريخ باريس”.
وتابعت “في مدينتنا، وأثناء الحرب العالمية الثانية، تم تجميع عشرات الآلاف من الاطفال والنساء والرجال من أتباع الديانة اليهودية، وترحيلهم وإبادتهم في معسكرات الموت”.
كما شددت هيدالغو على أن باريس ستظل شريكة لبيت لحم واريحا وجنين، وأن التعاون بين العاصمة الفرنسية والمدن الفلسطينية الذي “يسهم في عملية السلام في الشرق الاوسط” سيستمر.
والخميس، أدان الرئيس الأميركي جو بايدن تصريحات الرئيس عباس معتبرا أنها تنم عن عداء للسامية، وطالب الرئيس الفلسطيني بالإعتذار عنها، كما عبر الإتحاد الأوروبي عن موقف مماثل.
كما إنتقدت بريطانيا يوم الجمعة تصريحات الرئيس عباس بشأن إضطهاد اليهود خلال الحرب العالمية الثانية ومعاداة السامية.
وقال متحدث بإسم وزارة الخارجية في بيان إن “المملكة المتحدة تدين التصريحات المعادية للسامية التي أدلى بها الرئيس عباس مؤخرا، وتابعت “تقف المملكة المتحدة بحزم ضد كل محاولات تشويه المحرقة.. مثل هذه التصريحات لا تدفع الجهود نحو المصالحة إلى الأمام”.
وقد ردت الرئاسة الفلسطينية على الإنتقادات موضحة أن الرئيس عباس كان يقتبس من كتابات لمؤرخين وكتاب من بينهم يهود وأميركيون.
وشددت الرئاسة الفلسطينية على لسان المتحدث بإسمها نبيل ابو ردينة على أن ما صدر عن عباس لا يعتبر إنكارا بأي شكل من الأشكال للهولوكوست، منددا في السياق بـ”الحملة المسعورة” التي يتم شنها عليه على خلفية تلك الاقتباسات.