اعتبر الرئيس السوري بشار الأسد الثلاثاء أنّ العلاقة “السليمة” مع الرياض هي “الحالة الطبيعية”، وذلك خلال لقائه وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان الذي قام بأول زيارة رسمية سعودية إلى دمشق منذ القطيعة بين الدولتين مع بدء النزاع في سوريا، حيث بحثا المسؤولان، وفق الخارجية السعودية، “تسوية سياسية شاملة” لإنهاء الحرب في سوريا.
وتتوّج هذه الزيارة إستئناف العلاقات السورية-السعودية والانفتاح العربي الذي تضاعف خلال الأسابيع الماضية تجاه دمشق التي قاطعتها دول عربية عدة وأبعدتها عن جامعة الدول العربية منذ نحو 12 عاماً.
ويأتي الإنفتاح السعودي على سوريا في خضمّ تحرّكات دبلوماسية إقليمية يتغيّر معها المشهد السياسي في المنطقة منذ إتفاق الرياض وطهران، حليفة دمشق، على إستئناف علاقاتهما الشهر الماضي.
وقد إعتبر الرئيس السوري بشار الأسد خلال اللقاء مع الوزير السعودي أنّ “العلاقات السليمة بين سورية والمملكة هي الحالة الطبيعية التي يجب أن تكون، وهذه العلاقات لا تشكّل مصلحة للبلدين فقط، وإنما تعكس مصلحة عربية وإقليمية أيضاً”.
وأضاف أنّ “الأخوّة التي تجمع العرب تبقى الأعمق والأكثر تعبيراً عن الروابط بين الدول العربية”، معتبراً أنّ “السياسات المنفتحة والواقعية التي تنتهجها السعودية تصبّ لصالح الدول العربية والمنطقة”.
وشدّد الأسد على أنّ “الدور العربي الأخوي ضروري في دعم الشعب السوري لتجاوز كافة تداعيات الحرب على سوريا”.
وأعلنت وزارة الخارجية السعودية في بيان أنّ المسؤولَين بحثا “الخطوات اللازمة لتحقيق تسوية سياسية شاملة للأزمة السورية تنهي كافة تداعياتها وتساهم في عودة سوريا إلى محيطها العربي، وإستئناف دورها الطبيعي في الوطن العربي”.
وأكّد الوزير السعودي، وفق البيان، للرئيس الأسد “أهمية توفير البيئة المناسبة لوصول المساعدات لجميع المناطق في سوريا، وتهيئة الظروف المناسبة لعودة اللاجئين والنازحين” و”إتخاذ المزيد من الإجراءات التي من شأنها المساهمة في إستقرار الأوضاع في كامل الأراضي السورية”.
وإثر إندلاع الاحتجاجات في سوريا التي ما لبثت أن تحولت إلى نزاع دام في 2011، قطعت دول عربية عدة على رأسها السعودية علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق.
وقدّمت السعودية، التي أغلقت سفارتها في دمشق في آذار/مارس 2012، خلال سنوات النزاع الأولى خصوصاً دعماً للمعارضة السورية، وإستقبلت شخصيات منها على أراضيها.
وظهر الانفتاح السعودي تجاه دمشق للمرة الأولى بعد الزلزال مع هبوط طائرات مساعدات سعودية في مناطق سيطرة الحكومة، كانت الأولى منذ قطع الرياض علاقاتها مع دمشق.
وما هي سوى أسابيع قليلة حتى أعلنت الرياض الشهر الماضي أنّها تجري مباحثات مع دمشق حول إستئناف الخدمات القنصلية.
ومنذ بداية الشهر الحالي، يجري وزير الخارجية السوري جولة عربية. وقد زار القاهرة في الأول من الشهر الحالي في زيارة هي الأولى لمسؤول سوري على هذا المستوى منذ بدء النزاع.
وفي 12 نيسان/أبريل، إلتقى المقداد ببن فرحان في مدينة جدة في أول زيارة رسمية إلى السعودية منذ القطيعة، ثم توجه لاحقاً إلى الجزائر، إحدى الدول العربية التي حافظت على علاقاتها مع دمشق.
كما إلتقي المقداد اليوم في تونس الرئيس قيس سعيد الذي أعلن الشهر الحالي إستئناف العلاقات مع سوريا.
والجمعة، إستضافت السعودية إجتماعاً لدول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن والعراق لبحث عودة دمشق إلى محيطها العربي.
ولم يصدر المجتمعون قراراً يقضي بعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، التي علّقت عضويتها فيها في 2011، لكنّهم أكّدوا على “أهمّية أن يكون هناك دور قيادي عربي في الجهود الرامية لإنهاء الأزمة” في سوريا، وعلى “تكثيف التشاور بين الدول العربيّة بما يكفل نجاح هذه الجهود”.
ويبدو أنّ قطر لا تزال تعارض عودة سوريا إلى الجامعة العربية، إذ اعتبر رئيس الوزراء الشيخ محمّد بن عبد الرحمن آل ثاني الأسبوع الماضي أن أسباب تعليق عضويّتها لا تزال قائمة.
لكن في مقابلة مع قناة روسيا اليوم الشهر الماضي، قال الأسد “لن نعود إلا اذا كان هناك توافق”، معتبراً أنّ “العودة الى الجامعة العربية ليست هدفاً بحدّ ذاته، الهدف هو العمل العربي المشترك”.