قال تعالى :
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ . ( صدق الله العظيم )
إنه الزلزال الكبير ..الذي لم يفرق بين مسلم ومسيحي ولا بوذي ويهودي ، ولا بين عربي وعجمي ولا بين أوروبي وأسيوي ولا بين أمريكي وإفريقي ، ولا بين مسنٍ كبير وطفلٍ صغير ولا بين طويلٍ أو قصير ..ولا بين غني وفقير ولا بين عبدٍ وأمير …
نعم إنه اللغز الذي لا هوية له ولا دين .. ولا ينتمي لعرق ولا لمجموعة ولا لقبيلة ولا لأمة ولا يعرف السياسة ولا الإقتصاد ولا قوانين البشرية والمجتمعات .. لكنه يعرّف نفسه بأنه العبرة لمن يعتبر ، وبأنه بتداعياته يوقظ الضمائر النائمة ويجعل من الإنسانية هدفاً تنشده البشرية وأن العطاء من أهم قوانين الحياة .. كما المثل القائل : إعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً وإعمل لآخرتك كأنك تموت غداً …
رب ضارةٍ نافعة .. ورب ضارةٍ رافعة .. وكما القارعة وما أدراك ما القارعة حيث القيامة التي عندها لا ينفعك لا مال ولا جاه ولا سلطة ولا أيةُ شافعة …
الصورة كما هي .. مفزعة لكنها معبرّة ومحزنة في آن .. حيث شاهدنا فيها المعجزات والموت والجرافات ودمار البيوت والأبراج والبنايات .. شاهدنا الأموات والناجين والناجيات ..وشاهدنا الإنسانية كيف سمت وإرتفعت كما الجبال الشاهقات ، حيث تجلت بمشاهد لا تُنسى عندما الإنسان يساعد أخيه الإنسان بمحنته .. فرأينا كيف تسارعت بعض الدول التي مازالت تؤمن بالإنسان والإنسانية ، حيث قاموا بإرسال المساعدات والفرق الإنقاذية وتقديم الإعانات ، حتى ولو كانت فوق الإمكانيات .. ورأينا أشخاص كثيرون كيف تبرعوا بما لديهم من أموال وحاجات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه .. فقصرت المسافات وتوحدت بالإنسانية روح العطاء بلا شروط ولا مقدمات .. وفي المقلب الآخر شاهدنا أيضاً العهر والحقد والكيل بمكيالين أو أكثر بمرات ، والذي تمثل في شخصيات وحكومات ودول يقولون عنها بأنها تمثل العدالة الإجتماعية في أرقى المجتمعات ، وبأنهم أم الإنسانية والحريات والديموقراطيات .. نعم وبالمطلق سقطت أوراق التوت عن الجميع وبانت بفصاحة لكنها فاضحة هي العورات ..فها نحن وبالعين المجردة نرى ونجد أمريكا ومعها هذا الغرب الذي مازال يعيش من وعلى قوت هذه الشعوب المظلومة بكل الطرق وأساليبه الإستعمارية ، والتي يسمونها بآلاف التسميات والمسميات فقط لإخفاء الباطانات الغير الظاهرات …
نعم أنه هذا الغرب ، الذي ولولا هذه الثروات …والتي إنما هي المسروقة منّا ومن شعوبنا في كل الإتجاهات وعلى كل المستويات .. نعم هذا الغرب الذي ما كان بمقدوره أن يملك ..لا التكنولوجيات ولا يتمتع برفاهية الحياة ، إلا السرقة والإحتيال على كل المستويات ..السياسية منها والإجتماعية وصناعة القرارات …
هذه هي أمريكا والغرب ومعها في هذا الكرت بعض من الدويلات العربية الهالكة بإذنه تعالى ، وكأنهم شواهد زور لكل ما للإنسانية من إحداثيات .. حتى كلمة عزاء لم يقولونها هـؤلاء العاهات ، وكأن هذا الحدث الجلل ليس إلا عابراً كما المنسيات …
هـؤلاء ما همتهم هكذا نكبات .. فهم اللذين قاموا بالموبقات ..هـؤلاء العاهات الذين جمعوا وإجتمعوا لقتل الإنسان بسيوف أرهابيو العالم أجمع ومن كل الجنسيات ، فأنفقوا على ذلك من الأموال بالمليارات ..وغايتهم إنما القتل والإرهاب والفتنة في كل المحطات .. من القدس لبيروت فدمشق وبغداد وكل من قال لهم اللاءات ..لا للظلم .. لا للظلمات ..لا للتبعية ..لا للإستعمار ..لا للمؤامرات.. لا لخذلان .. لا للعبودية ..لا للركوع .. لا للذل .. ولا لدوس الكرامات …
المثل الأكبر عن هذه المفارقات هاهو قد تجلى في المشهد السوري حيث الحصار القاتل منذ سنوات ، عاش من خلاله السوريين والسوريات كما الداعس على الجمرات .. فراشهم القهر ووسادتهم الحرمان ، وقوتهم الذي أضحى من الأمنيات .. وتحت كل هذه الظروف جاء هذا الزلزال الذي دمر البشر والحجر والشجر .. وهنا العبرة وهنا يمكننا أن نرى كيف يتجلى الإنسان والإنسانية في الدول والحكومات ، والتي منها الكثر الذين سارعوا رغم القطيعة بأخذ المبادرة وتصنيعها لمبادرات .. رفع الظلم عن هذا البلد العظيم الذي عاش النكبات والمكيدات والنائبات ..وأنوه بالذكر بدول صديقة وشقيقة كثيرة كانت في المقدمة وأخص هنا بجزيل الشكر والإمتنان لدولة الإمارات وكل من كان لها من مثيلات …
الإنسانية هي القيمة الأولى في الحياة .. فلنعتنقها بكل ما لدينا من يقين وإيمان ، وبكل ما نملك من أمكانيات وقدرات ..هكذا نعيش بسلام ..هكذا بسلام تهون المماة .
رياض مرعي