وضعت بي بي سي نيوز عربي، وهي جزء من خدمة بي بي سي العالمية، الخطوات الأولى في خططها لتصبح خدمة رقمية في المقام الأول بهدف تعزيز تفاعلها مع جمهورها في جميع أنحاء العالم العربي.
وبينما تتوقف إذاعة بي بي سي نيوز عربي عن البث في الساعة 13:00 بتوقيت غرينتش يوم الجمعة 27 يناير/كانون الثاني 2023، ستذاع بعض البرامج الإذاعية المختارة على موقع bbc.com/arabic.
ففي 3 من يناير 1938 خرجت إذاعة “القسم العربي” في بي بي سي إلى الوجود. ومع توالي السنوات والعقود تألق نجمها في سماء الإعلام العربي المسموع، ودخلت ملايين البيوت العربية، بفضل رصانة برامجها الإخبارية والثقافية والترفيهية، سهرت على إعدادها نخبة من أفضل الصحفيين والمنتجين والمذيعين، ذاع صيت العديد منهم، في الوطن العربي شرقا وغربا.
سيدة المشهد ومدرسة يحتذى بإعلامها
وسرعان ما تطورت خدمة القسم العربي في النصف الثاني من القرن الماضي، حتى أصبحت سيدة المشهد ومدرسة يحتذى بدقة خط تحرير صحافييها في نقل وتحليل وتقديم الخبر في الإعلام الناطق بالعربية.
وبعد سنوات معدودة على إنطلاقها أضافت بي بي سي عربي لصوتها، الذي أضحى يصدح في كل مكان، مجلات مكتوبة إتسع إنتشارها عبر الوطن العربي مثل “المستمع العربي” و”هنا لندن” و”المشاهد السياسي”.. ولا يزال عشرات، وربما مئات، من مستمعيها يكتنزون نسخا منها حتى اليوم.
وظل القسم العربي في بي بي سي رائدا في مجال الإعلام المسموع حتى بداية القرن الحادي والعشرين عندما بدأ التقدم التكنولوجي – الذي أتاح إنتشار إستخدامات الكمبيوتر والانترنت، ومتابعة الأخبار عبر القنوات الفضائية التلفزيونية، والتفاعل معها عبر الهواتف النقالة ووسائل التواصل الاجتماعي – يزحف رويدا رويدا لمزاحمة الإعلام المكتوب والمسموع التقليدي وإزاحتهما عن الصدارة.
زحف تكنولوجي يقصم ظهر الإعلام التقليدي
ولقي هذا الزحف التكنولوجي تجاوبا من فئات عريضة من جمهور القراء والمستمعين والمشاهدين حول العالم، وطرأت تغيرات كبيرة على إحتياجاتهم وتنوعت خياراتهم في المنتوج الإعلامي المتاح.
ومع توالي السنوات تحول المزيد من مستهلكي المواد الإعلامية صوب المنصات الإخبارية الرقمية، وتم كل ذلك بفضل التقدم التكنولوجي لكن على حساب الإعلام التقليدي المكتوب والمسموع.
وواكبت بي بي سي عربي هذا التحول وإنتقلت إلى عصر الوسائط المتعددة، وأصبح موقعها الإلكتروني جريدة إلكترونية غنية تنقل محتوى بي بي سي نصاً وصورة وبالفيديو والصوت .. كما غدت موادها حاضرة في مواقع التواصل الاجتماعي، يتفاعل معها جمهور عريض عبر الأجهزة الحديثة بأشكالها.
مؤسسات الإعلام تخوض معركة كسر العظام
وفيما تحول التنافس بين الإعلام التقليدي والإعلام الجديد إلى ما يشبه معركة كسر العظام للظفر بأكبر عدد من المتابعين، وجدت العديد من المؤسسات الإعلامية الحكومية والخاصة عبر العالم نفسها أمام تحديات مالية إضطرها إلى الخيار بين إحتلال مراتب متدنية من حيث عدد المتابعين أو مواكبة الإنتقال الذي أملته تكنولوجيا الإعلام.
قيود ترشيد النفقات
وهذا بالذات هو الوضع الذي وجدت الخدمة العالمية لبي بي سي نفسها فيه خلال السنوات القليلة الماضية.. فقد دفع إرتفاع معدلات التضخم وزيادة كلفة التسوية الخاصة برسوم البث المسؤولين إلى خيارات صعبة طالت معظم خدماتها حول العالم، إذ بات يتعين على الخدمة العالمية لبي بي سي توفير 28.5 مليون جنيه إسترليني، كجزء من 500 مليون جنيه إسترليني من النفقات السنوية.. وتبين أن ذلك لن يتأتى إلا بإغلاق عدد من إذاعات البث بلغات مختلفة وتقليص عدد الصحفيين والموظفين عبر مختلف أقسام المؤسسة وإعادة إستثمار أرصدتها والتوجه بها صوب الرقمية.
خطة تعزيز المحتوى الرقمي
وتجاوبا مع هذه الضغوط وحفاظا على مكانتها بين جمهورها عبر العالم، وسط تنافس إعلامي حاد، وضعت خدمة بي بي سي العالمية خطة أعلنت عنها في سبتمبر الماضي. وقضت الخطة بتسريع وتيرة تحولها صوب المحتوى الرقمي تحت قيادة رقمية جديدة تطور ما تقدمه من محتوى لمتابعيها.
وشملت خطط خدمة بي بي سي العالمية إغلاق البث الإذاعي باللغات العربية والفارسية والقرغيزية والهندية والبنغالية والصينية والإندونيسية والتاميلية والأردية ، وتحويل سبع لغات أخرى إلى المحتوى الرقمي فقط.. وبذلك سيقتصر حوالي نصف عدد الخدمات الـ 41 التابعة لبي بي سي على تقديم محتوى رقمي، علما أن نسبة مشاهدات المحتوى الرقمي للغات الخدمة العالمية تضاعفت وإنتقلت من 19% عام 2018 إلى 43% اليوم.
وستكون هناك صفحة إلكترونية “هنا لندن”، التي يمكن الوصول إليها من خلال الموقع الإلكتروني، المساحة المخصصة للمحتوى الصوتي.
وتعد خطط بي بي سي عربي جزءا من إستراتيجية خدمة بي بي سي العالمية التي أُعلن عنها العام الماضي، والتي تركز على تقديم محتوى رقمي لزيادة التفاعل مع الجماهير في جميع أنحاء العالم.