ضمن دراساته حول إتجاهات الإسلام السياسي ، أصدر مركز تريندز للبحوث والإستشارات كتابًا جديدًا تحت عنوان « تسييس الخطاب الديني والفكري في أفق خدمة الإسلاموية »، تطــرق إلى ظاهــرة ميــزت المشهد الفكــري والدينــي في المنطقة العربيــة خـلال العقد الماضي، وهــي معضلــة تســييس الخطــاب الدينــي والفكــري بطريقــة تخــدم المشروع الإسلاموي تحديــدًا، وليــس مشروع الدولــة الوطنيـة الحديثـة، أو بالأحرى مشروع الوحـدة العربيـة.. وبيَّن أن أحداث 25 يناير عام 2011 في مصر وما تلاها لم تكن مفاجأة من حيث التطورات السياسية والأمنية والمجتمعية التي صاحبتها فحسب، وإنما كانت مفاجأة في المجالين الفكري والديني أيضًا.
وذكر الكتاب، الذي أعده منتصر حمادة الباحث المتخصص في دراسات الإسلام السياسي، أن الأحداث نفسها كشفت عن ظواهر فكرية ودينية عدة لم تكن متوقعة من قِبَل المتتبعين، ومنها ظاهرة تسييس الخطاب الديني والفكري عند مجموعة من الأسماء الفكرية والدينية، موضحًا أنه تمت ملاحظة هذه الظاهرة مع مجموعة من الأسماء الفكرية والدينية، ومن أشهر هذه الأسماء يوسف القرضاوي، والمفكر التونسي أبو يعرب المرزوقي، والمفكر المغربي طه عبد الرحمن.
وذكر الكتاب أنه في حالة يوسف القرضاوي كانت المفاجأة متمثلة في إنتقاله من مقام يحظى فيه بإحترام شعوب المنطقة العربية وأنظمتها، إلى مقام تصفية الحسابات مع أنظمة، أو ممارسة الإزدواجية في قراءة الأحداث نفسها.. فيما تورط أبو يعرب المرزوقي، وبالرغم من إنفصاله التنظيمي عن الإسلاموية السياسية في نسختها التونسية، في تأييد الإسلاموية الجهادية في نسختها السورية.
أما في حالة طه عبد الرحمن، فبيَّن الكتاب أن المفاجأة تتمثل في أن خطابه الإصلاحي -ذا المرجعية الصوفية – لم يقف عائقًا لكي ينشر كتابًا يروِّج فيه آراءً سياسية أيديولوجية، تميز ما يصدر عن الإسلاموية السياسية والجهادية.
وأشار إلى أنه بسبب الثقل الرمزي – الديني والفكري – لهذه الأسماء، لم تترددالإسلاموية السياسية، وبشكل خاص الأقلام الإخوانية، في توظيف هذه التحولات في المواقف، إمّا لأغراض أيديولوجية، أو لأغراض سياسية أو غيرها، موضحة أن من نتائج هذه التطورات أن هذه الأسماء أساءت إلى نفسها، لأنها تورطت في ترويج خطاب نظري إختزالي؛ بما قد يُفَسِّر – بشكل أو بآخر – تراجع شعبيتها لدى شعوب المنطقة العربية وأنظمتها.
وقال الكتاب إن الوجه الآخر لهذه التطورات هو أن تلك المواقف كانت تصب في مصلحة الإسلاموية، وليس في مصلحة مشروع الدولة الوطنية الحديثة، بسبب إصرار الأسماء المعنية على الانقلاب في الخطاب السياسي، حيث كشفت هذه التحولات أيضًا عن إستفادة بعض دول المنطقة من هذه المواقف، والإنتقال من مقام الدفاع عن المصالح المشتركة لدول المنطقة، نحو خدمة مشاريع إحداث فتن وصراعات وأزمات ما تزال قائمة.