صرح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون خلال الأسبوع الحالي بأن بلاده مرتاحة في مباحثاتها مع الدول الأوروبية في موضوع إستعادة الأموال المهربة إبان حقبة عبد العزيز بوتفليقة وتعد بمليارات الدولارات.
وجاءت تصريحات الرئيس تبون في إجتماع مع وزراء حكومته، وإستعرض الإجراءات والمباحثات مع الأوروبيين، وتوظيف هذه الأموال في وكالة خاصة ستستثمرها لصالح البلاد، وكشفت السلطات الجزائرية إستعادة قصور وعقارات أخرى من فرنسا، وإتهم الرئيس تبون شركات أوروبية بتضخيم الفواتير الخاصة بالخدمات والتصدير لإختلاس الأموال.
وتبدو تصريحات تبون عادية، بينما تحمل في العمق معان كبيرة من الناحية الاقتصادية والسياسية، وتعرضت البلاد خلال حقبة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ما بين 1999 إلى 2019 لعملية إختلاس كبرى، شملت مليارات الدولارات، ولا تتوفر لدى السلطات الجزائرية أرقام محددة، ويجري الحديث عن إختلاسات لا تقل عن 20 مليار دولار.
وكانت الخطوة الأولى هي إعتقال عدد من المسؤولين الفاسدين على رأسهم وزيرين أولين وهما أويحيى وسلال وعدد من قادة الجيش والإستخبارات والوزراء ورجال الأعمال وسعيد بوتفليقة شقيق الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، وتلتها خطوة البحث عن الأموال في الداخل والخارج، حيث قامت الجزائر بإرسال أكثر من 250 طلبا قضائيا للخارج لإستعادة الأموال المهربة والمطالبة بتسليمها فارين من العدالة، حيث إستقرت أغلب الأموال المهربة في الدول الأوروبية ثم الخليج العربي والولايات المتحدة.
ومنذ ثلاث سنوات، تخوض السلطات الجزائرية مباحثات شاقة مع الأوروبيين لإستعادة هذه الأموال المهربة، ونجحت في الدفع بدول مثل إسبانيا وفرنسا وإيطاليا وسويسرا للرد إيجابا على مطالب الجزائر حول إستعادة الأموال، وبهذا تكون الجزائر أول دولة عربية تنجح في إقناع وإجبار الأوروبيين على تلبية طلبها عكس ما حدث مع دول مثل مصر وتونس وبالخصوص ليبيا، حيث توجد مليارات الدولارات المفقودة في بنوك غربية بأسماء مستعارة أو سطت عليها دول غربية.
وتعد الجزائر الدولة الوحيدة حتى الآن التي جعلت من إستعادة الأموال المهربة نقطة رئيسية في علاقاتها الخارجية عكس دول عربية أخرى التي ترفض خوض هذه الملفات.
وتوظف الجزائر ورقة حاجة الدول الأوروبية للغاز الجزائري لكي تجبرها على الرد على المطالب القضائية بالتعاون في مجال إستعادة الأموال، وتهدد بورقة تقليص التبادل التجاري والحرمان من الصفقات الخاصة بالبنيات التحتية في حالة رفض التعاون.