أجرت الحوار بثينة جبنون مرعي / ناشرة ورئيسة تحرير مجلة ” بثينة “
الدكتور غسان عباس سفير الجمهورية العربية السورية بدولة الإمارات أكاديمي درس القانون والعلاقات الدولية والقانون الجنائي والقانون العام ، حائز على الدكتوارة من جامعة الكمبلوتنسي لمدريد إسبانيا، ودبلوماسي من الطراز الرفيع ، حمل رسالة وهوية سوريا بوطنية وعقيدة من خلال تمثيله لبلده في الخارج .. البداية من وزارة الخارجية بدمشق ، ثم إنتقل إلى إسبانيا ثم إلى البرازيل ففنزويلا وبعدها إلى دولة الإمارات العربية المتحدة حيث إستلم منصبه في ظروف حالكة مرت بها سوريا جراء الحرب التي عاشتها تقريبا إثنى عشر سنة …
في هذا السياق تشرفت بلقاء سعادة السفير الدكتور غسان عباس لإجراء حوارا شاملا إستعرضنا فيه زيارة الرئيس بشار الأسد المفاجئة إلى دولة الإمارات وعن مشاركة سوريا بأكسبو دبي 2020 وعن التمهيد لعودة سوريا للحضن العربي بعد سنوات عجاف من تغييبها عن الجامعة العربية وصفها بالغير قانونية ، وعن المصالحة الوطنية في الداخل ودور الإعلام في نقل المغالطات عَن ما حدث في ميادين الحرب بسوريا …
وهذا نص الحوار :
-في البداية لو نتعرف عن مسيرتكم الدبلوماسية ، وما هي الرسالة التي حملتمونها خلال عملكم وتمثيلكم لسوريا بالخارج ؟؟
قبل أن أكون دبلوماسيا كنت معيدا بجامعة دمشق بكلية القانون ، وكنت أنجزت دبلوم دراسات عليا في القانون الجنائي ودبلوم آخر في القانون العام ليصبح معادلا للماجستير وكانت الخطة الأولى للتسجيل للدكتوراه ، وتم التسجيل وفي نفس الوقت نجحت في مسابقة للمعيدين ليتم إيفاديي إلى إيطاليا .. لكن قبل السفر بأيام قليلة فسح لي المجال لكي أدخل وزارة الخارجية ، وكان هذا أكبر صراع في حياتي الإختيار بين المهنة التي أحبها وهي التدريس لمادة القانون وبين أن أكون دبلوماسيا وأمثل بلدي وهذا شرف عظيم لي ..
حظيت بالعمل لدى البعثة السورية بإسبانيا في التسعينات وهناك قررت أن أجتاز الدكتوراه ، حيث سجلت بجامعة الكمبلوتنسي بمدريد في القانون الدولي العام وأنجزت كورس في العلاقات الدولية المعمقة ، ثم تحصلت على الدكتوراه في القانون الدولي للأنهار .
وبعد ذلك عملت في بعثتها في البرازيل ومن ثم في فنزويلا مرتين متتالتين ، ثم عدت لوزارة الخارجية كمدير للشؤون القانونية ، والآن أنا قائم بالأعمال بالنيابة، سفير للجمهورية العربية السورية بدولة الإمارات العربية المتحدة منذ سنتان ونصف ، منهم ثلاثون سنة بوزارة الخارجية .
رسالة سوريا عبر التاريخ هي رسالة محبة وسلام وإنسانية التي تعكسها رسالة السيد المسيح ، نحن شعب مسالم لم نعتد على أحد وكنا دائماً موطنا وملجأ عبر العصور لكل من قصدنا.. فقد عانت سوريا منذ ألآف السنين تاريخيا من الحروب والغزوات الخارجية التي شهدتها المنطقة منذ الحرب العالمية الثانية، ومنذ فجر التاريخ وإتقافيات السلام الأولى التي عقدت عام 1258 قبل ميلاد السيد المسيح كان فيه صراع بين الفراعنة والحثيين سكان الجبال للسيطرة على سوريا ، ثم جاءوا الرومان والفرس تصارعوا على سوريا ، واليوم هذا الصراع لا ينفصل عن التاريخ لأن سوريا تحتل مركزا جغرافيا مميزا وهي صلة الوصل بين ثلاث قارات ومهد الحضارات ، ورغم أنهم قطعوا وصال الدولة العريقة مازالت الدولة تصارع من أجل السلام والحفاظ على الهوية والسيادة …
فقد قصد سوريا منذ قبل الحرب العالمية الثانية شعوب مختلفة الأعراق للجوء والإستيطان وطلب الأمان ، منهم الأرمن وشعوب من آسيا وحتى من أوروبا الطشقند والبشناق ( البوسنيين ) ، ثم أتت القضية الفلسطينية التي نعتبرها القضية المركزية لنا وصارت سوريا موطنا للفلسطينيين ، ومنذ بداية الحرب بلبنان في السبعينات وحتى في الوقت القريب إستقبلنا مئات الآلاف من اللبنانيين والعراقيين وحتى الصوماليين ، ولكن للأسف لما تعرضنا للأزمة عاملوننا بطريقة مختلفة وغير مناسبة عاش من خلالها شعبنا مظلمة لم يعرفها تاريخ الإنسانية .
الدكتور غسان عباس : موقف الأشقاء بدولة الامارات كان متوازنا مقارنة بالدول العربية الآخرى والعلاقات رجعت تدريجيا بعد مبادرة فتح السفارة بدمشق وزيارة وزير الخارجية سمو الشيخ عبد الله بن زايد وعدة إتصالات مع ولي العهد سمو الشيخ محمد بن زايد
–لو تحدثنا عن الزيارة المفاجأة للسيد الرئيس بشار الأسد إلى دولة الامارات وما تعنيه من أهمية لتعزيز العلاقات بين الجمهورية العربية ودولة الامارات العربية المتحدة ، هذه الزيارة التي سبقتها زيارة وزير الخارجية والتعاون الدولي سمو الشيخ عبد الله بن زايد إلى دمشق وعدة إتصالات هاتفية بين سمو ولي العهد الشيخ محمد بن زايد والرئيس بشار الأسد وأيضاً مبادرات طيبة تمثلت في مساعدات إنسانية للشعب السوري خلال جائحة كورونا .. في أي إطار تندرج هذه الزيارة خاصة في ظل الظروف الخطيرة التي تمر بها المنطقة والعالم ؟؟
الزيارة مهمة جداً في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة ، تم العمل عليها بهدوء من خلال القنوات الرسمية الدبلوماسية ولم تكن مفاجأة .. سبقها إفتتاح السفارة الإماراتية بدمشق في ديسمبر 2018 وزيارة سمو الشيخ محمد بن زايد وزير الخارجية إلى دمشق وعدة إتصالات بين الرئيس بشار الأسد وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد ومبادراته الكريمة من خلال مساعدات دولة الإمارات للشعب السوري خلال جائحة كورونا ، في سياق برنامج عمل يحتاج إلى لقاءات على مستويات رفيعة …
في الحقيقة موقف دولة الإمارات الشقيقة كان متوازنا يختلف عن باقي الأشقاء العرب طيلة اغلب الأزمة ، قد يكون كان لها موقفا في البداية بسبب الضغوطات الخارجية الكبيرة ، لكن كانت دائماً التصريحات الرسمية تطالب أن يكون لدينا مقاربة آخرى للتعامل مع سوريا وكانت تدعو للحوار ولحل سياسي توج بفتح السفارة ، ومن ثم بدأت العلاقات تتحسن تدريجيا من خلال تقديم المساعدات الإنسانية لسوريا ومن خلال مقاربات آخرى …
حتما الظروف الطارئة التي تمر بها المنطقة والعالم في ظل التغييرات الجيوسياسية تفرض مقاربات جديدة بالمنطقة ، والأشقاء بدولة الأمارات لديهم وجهة نظر لتعزيز الحوار السوري – السوري وأن يكون فيه حلّ سياسي سوري – سوري بدون تدخل خارجي ، يعود بالفائدة على الأمن والإستقرار بالمنطقة وخلق توافق .. لا يمكن أن تعيش المنطقة بسلام بدون إستقرار سوريا الذي ينعكس على إستقرار كل دول الشرق الأوسط وكل المنطقة .
بلا شك زيارة سيادة الرئيس بشار الأسد إلى دولة الأمارات الشقيقة أتت في إطار تعزيز التضامن العربي وإعادة النظر في عدة قضايا خطيرة تمر بها المنطقة .. نحن أمام ظروف إستثنائية تطال الجميع ، والأزمة السورية ليست الوحيدة التي تشغل الحكام العرب وزعماء العالم ، بل هناك عدة أزمات في المنطقة العربية قد تصل إلى حرب طاحنة ، لذلك يستوجب علينا كعرب تقريب وجهات النظر لنصل إلى حل يلبي مصالح الأمن العربي المشترك وتطلعات الشعوب .
–الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون صرح مؤخرا أن كل الدول العربية ستكون حاضرة في القمة العربية التي ستنعقد بالجزائر، وقد إشترط حضور سوريا لإنعقاد القمة التي تأجلت بسبب عدم التوافق بين الدول العربية وقد بذلت الجزائر جهود كبيرة في محاولة إعادة سوريا للجامعة العربية .. هل هذا يعني حضور الرئيس بشار الأسد القمة وعودة سوريا للحضن العربي ؟؟
لا يمكنني أن أتحدث بإسم الحكومة السورية ..حتما أمل مشاركة بلدي في القمة العربية التي ستنعقد بالجزائر ويتم التوافق من أجل التضامن والعمل العربي المشترك .
في الحقيقة لا نخفي سراً أن نقول أن سوريا لها تحفظات جدية على الجامعة العربية ، لكن هذا لا يمنع من المشاركة لأن فيه الحد الأدنى للعمل العربي المشترك ، فلا يمكن الإطاحة بهذا الحد الأدنى بدون أن يكون هناك منظور وبنية آخرى جيدة .. لذلك أحيي المجهودات التي قامت بها الجزائر الشقيقة التي تعمل أن تكون القمة القادمة جامعة لكل الدول العربية ، ونأمل أن يكون الإجتماع القادم لترتيب البيت الداخلي وإصلاح دور الجامعة العربية .. حقيقة التحديات الموجودة تفرض علينا كعرب إعادة العمل للتضامن العربي المشترك وتفرض علينا مقاربات جديدة ، وزيارة السيد الرئيس إلى دولة الإمارات كانت في نفس الإتجاه أن نعيد الحسابات من جديد ..وللحديث عن إصلاح الجامعة العربية يقابله إصلاح مجلس الأمن لتعزيز القانون الدولي في العالم .
صدقا المظلمة كبيرة والشرخ عميق فيما يخص ما تعرضت له سوريا بإخراجها من الجامعة العربية بشكل مهين وغير قانوني ، حيث خرج القرار من مستوى أقل من الرؤساء ويفترض أن يخرج على مستوى القمة من وزراء الخارجية وتم بدون قاعدة الإجماع ، وهو قرار باطل .. حيث نعتبر هذا الإجراء باطل وظالم تم إتخاذه بشكل إنفعالي ومسيس وبدفع من القوى الدولية .. لذلك عودة سوريا إلى الجامعة تتطلب جهد عربي صادق لإنصاف الجمهورية العربية السورية التي سلطت عليها حربا كونية لم يشهدها تاريخ الإنسانية، ساهمت في دمار البلاد والعباد وتشتيت الملايين في الداخل والخارج …
-مشاركة سوريا في أكسبو دبي 2020 كانت فعالة وملفتة وقد حصل الجناح السوري على الجائزة الذهبية التي تسلمتمونها لقطاع التنمية بتجسيد أفضل مضمون في معرض إكسبو للأجنحة المستأجرة ، لقدرة الجناح على تطبيق مفهوم التنمية أحد المفاهيم الاساسية التي وضعتها إدارة إكسبو كأساس لتنظيم الحدث العالمي .. لو تحدثنا عن ذلك ؟؟
الحقيقة كانت تجربة فريدة ورائعة وأشكر الله أنه كان لي دورا في ذلك ، لأن مشاركتنا كانت مهددة بعدم قدرتنا على إنجازها نظرا للظروف التي تمر بها الدولة ، والفضل يعود للدعم الكبير اللامحدود الذي حظينا به وقدمته لنا القيادة والأشقاء بدولة الإمارات ، لأن قبل ثلاثة أشهر لم نكن نعرف هل سنشارك أم لا …!!!!
وقبل أشهر قليلة جهزنا فريق عريض من المتطوعين المغتربين بدولة الإمارات ومن مؤسسات الدولة وعليه قبلت منصب المفوض العام لجناح سوريا ، وحرصنا أن تكون مشاركة سوريا مشاركة فعالة وحقيقية وأن تكون نافذة أمل لكل السوريين ورسالة إلى العالم أن سوريا حاضرة وموجودة بتاريخها وحضارتها وبتراثها العريق ، ووضعنا مجموعة من العناصر الحضارية المهمة إبتداء من الأبجدية الأولى والموسيقى الأولى إلى مشاركة الألاف السوريين، وكان هدفنا أن يكون جناح سوريا أكثر تميز ويدخل موسوعة غينيس، ونقول: الحمد لله نجحنا في ذلك .. وكانت رسالتنا التي سوقناها للعالم أن السوريين قادرون إعادة بناء وإعمار بلدهم كما أبدعوا في بناء هذا الجناح .
وفوجئنا بزيارة آلاف من الشخصيات البارزة والمهمة الذين أثنوا على الجناح لما يحمله من مضمون حضاري ثقافي ، وإستطعنا أن نكسب تعاطف حتى من كانوا يعادوننا ومن كانوا ينظرون لنا بصورة سيئة نتيجة الصورة التي سوق لها الإعلام بالخارج .. وكانت هذه الصورة التي نفتخر بها والتي أردنا إرسالها للعالم .
وقد كانت لنا مشاركات غنية مستقلة خارج نطاق الجناح من خلال أنشطة متنوعة منها فنية وثقافية وندوات فكرية تعجز حتى دول كبيرة على تنظيمها ، فأقمنا الرصد السوري الذي يلخص تاريخ الغناء والموسيقى حضره آلاف السوريين والزائرين من المقيمين العرب وحتى الأجانب ، تم ترويجه وتداوله على اليوتيوب .
وقد حصل الجناح السوري في معرض إكسبو دبي 2020 على الجائزة الذهبية، حيث تم إختياره من بين 112 جناح، بعد تقييمه من قبل لجنة مكونة من لجنة تحكيم دولية مكونة من تسعة خبراء في مجموعة من المجالات ذات الصلة.. وقررت اللجنة الدولية للمَعارض التابعة لمنظمة اليونسكو بالإجماع منح الجناح السوري الجائزة الذهبية لقدرة الجناح على تطبيق مفهوم التنمية، كأحد المفاهيم الأساسية التي وضعتها إدارة إكسبو كأساسيات لتنظيم هذا الحدث العالمي.
عانينا من الإعلام الأجنبي الذي لعب دورا قذرا في الحرب على سوريا وساهم في تأجيج الحرب والتسويق للأخبار المغلوطة وتزييف الحقيقة …!!!
– سوريا عاشت حربا إعلامية شعواء قادها الإعلام الغربي والعربي ، لكنها نجحت من خلال إعلامها الداخلي في تفنيد الأخبار المغلوطة ونقل الواقع .. كيف تقيمون دور الإعلام السوري خلال الحرب ؟؟
الإعلام كما يشبهه الكثيرون كان له دورا كدور المدفعية أو القصف المدفعي التمهيدي في الحروب ، ومع الأسف كان إستخدام الإعلام كأداة للتنكيل وإثارة الفتنة ونقل المغالطات للرأي العام العالمي ، لذلك في الحروب أول الضحايا هي الحقيقة ومن يملك الحقيقة يمتلك الواقع .. والمعروف أن الإعلام موجه تسيطر عليه رؤوس الأموال ، وبالتالي هو من يصنع الحدث والخبر حسب أجنداته وإستطاع أن يخلق حقيقة إفتراضية ويسوقها بدون موضوعية ومهنية وخاصة بعيدة كل البعد عن أخلاقيات المهنة التي تتطلب المصداقية والأمانة .
في حين أن الإعلام السوري نجح في مهمته الوطنية بايصال الحقيقة في أحلك الظروف وخاطب المواطن السوري ونقل بأمانة ما يجري على الأرض لحرب خطط لها بدقة منذ سنوات ، وهذا ليس سراً فقد ذكره كبار السياسيين والمحللين من العالم منهم وزير خارجية فرنسا الأسبق رولان دوما أن هناك أجندة مطلوبة لإسقاط الدولة السورية …
هناك مصالح وطنية عندما يضحى فيها تفقد الدولة أي معنى لوجودها ونفقد قيمة الإنتماء ، ولذلك لو سوريا سلمت بالمطالب التي كان يطلب منها أن تلبيها قبل الحرب لفقدنا أي محتوى لوجودنا الذي نعتز به قبل آلاف السنوات من ميلاد السيد المسيح .. لذلك حاربوننا لأننا لم نستسلم ولم نتخلى عن شبر من أرضنا وهويتنا وعروبتنا وتاريخنا المجيد وقيمنا الإنسانية .. وهذه معجزة الوجود السوري ، لذلك لا يمكن أن نضحي بوجودنا الإنساني الحضاري .
الحقيقة عانينا من الأخبار المزيفة من الإعلام “المرتزق” .. للعودة إلى الأحداث نستذكر كيف كانوا يتحدثون عن الثورة الهجينة التي بدأت بدرعا من خلال تقليع أظافر الأطفال .. من هم الأطفال .. هؤلاء أبنائنا هل يعقل ؟؟؟؟؟!!!!!
أيضاً أستذكر كيف تم الترويج لإستخدام السلطات السورية للأسلحة الكيمياوية .. يعني كيف يمكن تصديق مثل هذه الأخبار المفبركة .. نحن لم نستخدمها ضد العدو كيف يمكن أن تستخدمها السلطات ضد شعبنا ؟؟؟؟؟!!!!!!!!
هنا أستذكر أن السلطات السورية كانت أول من إشتكت إلى الأمم المتحدة وطالبت التحقيق في إستخدام الأسلحة الكيمياوية في اذار 2013 بحلب ، ولكن فوجئنا أنهم تجاهلوا شكوى الدولة السورية وصاغوا ملف للضغط على الدولة السورية ، وفي آب/ أغسطس من العام نفسه أتوا للتحقيق وفجأة حصل الهجوم المزعوم في الغوطة في آب 2013 وغيرها من الأحداث والأخبار الأليمة … يعني كانت هناك مجموعة من الملفات المسيسة ولعب الإعلام دورا مشبوه في التسويق للأخبار المزيفة .. فعلا عشنا حرب إعلامية شعواء ممنهجة لتزوير الحقيقة …!!!!
-الآن بعد نهاية الحرب السورية التي قادها الجيش السوري بعقيدة ووطنية والرئيس السوري بحكمة وثبات والشعب السوري بصبر وتضحيات والتي أسهمت في دمار البلاد وتشريد الملايين وإستشهاد الأبرياء … كيف يمكن لسوريا أن تتعالى على جراحها وآلامها وتسامح ، وتنتهج المصالحة الوطنية في الداخل وأيضاً المصالحة العربية ؟؟
كما سبق ذكره في بداية حورانا رسالة سوريا هي المحبة والسلام ، ولذلك الكثيرون لم يفهموا معنى هذه الرسالة .. نحن لا نعامل الناس بالمثل بالإنتقام والكراهية والثأر، وهذا ليس ضعفا، نحن نعامل الأشقاءالعرب كأخوة لأن سوريا موطن للعروبة وأحد مصادرها الأساسية وإذا نتعامل بقصر نظر ستكون كارثة .. وكما إعتمدنا سياسة المصالحة الوطنية في الداخل سنعتمد كذلك المصالحة في الخارج بالتعالي عن الجراح وطي صفحة الماضي المؤلمة …
سوريا لا تبنى بالإنتقام والرد بالثأر ، طبعا مع إستثناءات قليلة لأن هناك دول عربية أساءت كثيراً ومازالت مستمرة في غيها للدولة السورية وللشعب السوري ، وعليها أن تبرهن أنها غيرت في سلوكها وهذا يعود إلى مصالح الدولة العليا لكي تقرر عودة تطبيع العلاقات أم لا .. فنحن دائماً نفصل بين الحكومات والشعوب العربية ، هم إخواننا في الإنسانية بعض النظر عن الموقف السياسي والرسمي لدولهم.
بالنسبة للمصالحة الوطنية على الصعيد الداخلي ، منذ بداية الأزمة تم إعتماد العفو الشامل حيث أصدر سيادة الرئيس بشار الأسد أكثر من 20 مرسوم عفو عام إستفاد منه مئات الآف من المواطنين الذين غرر بهم وإرتكبوا جرائم لا ترتقي إلى أراقة الدماء ، لكن لا تشمل من إرتكب جرائم إرهابية وضد الإنسانية التي تتطلب محاكمة وتطبيق القانون ..
نحن مازلنا نعمل بقوة على إعادة اللحمة الوطنية وهناك إرادة سياسية للمضي في المصالحة الوطنية من أجل الإستقرار ، رغم أن الحرب مازالت مسلطة علينا من خلال وسائل العقوبات الجائرة والحصار الظالم الذي طال الشعب في قوته ولقمة عيشه وحياته ومستقبله ، وبما أنهم لم يستطيعوا أن يفرضوا أجندتهم السياسية من خلال الحرب لذلك يحاولون فرض حرب إقتصادية على الشعب السوري .
-تعتبر الجالية السورية من أكبر الجاليات العربية المقيمة بدولة الامارات والتي تزايدت بعد الحرب .. كم يبلغ عدد الجالية وكيف تقوم السفارة برعاية هذا العدد الكبير نسبيا ؟؟
الجالية السورية تبلغ نصف مليون وهو رقم كبير بالنسبة للعدد الصغير للطاقم القنصلي .. لكن أهم شيء أنهم يشعرون أن السفارة هو بيت لكل سوري ويشعرون بالأمان وليس فقط مكان لإجراء المعاملات القنصلية وإنما أن يعتز كل مغترب سوري لما يرى علم بلده يرفرف فوق للسفارة ، وتبادل المشاعر الطيبة بين الجالية والسفارة هو جزء لإعادة بناء اللحمة الوطنية .. وقد شاركنا في عدة مناسبات مع الجالية وكان أهمها العام الماضي لما فتحت السفارة للإستحقاقات الانتخابية ، حيث حصلنا من الأشقاء الإماراتيين قبل أيام قليلة على الترخيص بإجراء الإنتخابات ، وكان عرس وطني بإمتياز حيث شارك عشرات الآلاف رغم الفترة القصيرة ، وتم تمديده عدة ساعات تلبية لرغبة الجالية في ممارسة حقهم الإنتخابي ومراعاة لتنقلهم من عدة إمارات في الدولة .
آخر إصدارتي : ” رواية جديدة عن الحرب القذرة على سورية “
– سعادة السفير تابعت إصداركم الأخير بعنوان “رواية جديدة عن الحرب القذرة على سوريا ” لو تحدثنا عن محتواه ، وهل لديكم إسهامات كتابية ؟؟
نعم عندي بعض المساهمات والمشاركات من خلال مقالات سياسية في بعض الصحف السورية في الداخل ، وأصدرت مؤخرا كتاب بعنوان ” رواية جديدة عن الحرب القذرة على سورية .. السياسات التدخلية والدفاع المزعوم عن حقوق الإنسان ” تطرقت فيه عن خفايا الحرب الكونية على سورية ومحاولة تنفيذ مشروع لتفتيت المنطقة وتحويلها إلى دول صغيرة طائفية ، من خلال إستخدام إرهاب ما سمي بدولة الخلافة “داعش ” التي تقوم على خدمة المصالح الإستعمارية الجديدة للإمبراطورية الأنغلوأمريكية .. هذه الحرب التي لا تهدف إلى بناء الديمقراطية والسلام وإنما هي غزو وعدوان على بلدي لإسقاط الدولة السورية بكل مؤسساتها قام به تحالف عربي – أطلسي بالإعتماد على المرتزقة والإرهابيين .