شنّت صحيفة “جويش كرونيكال” التي تُعتبر من أضخم الصحف اليهودية في العالم، ومعروفة بدعمها لدولة إسرائيل، هُجومًا شَرِسًا على الكاتب والسياسي ورئيس تحرير صحيفة “رأي اليوم” العربيّة عبد الباري عطوان وهدّدت بمُلاحقته قانونيًّا بتُهمة دعم “الإرهاب”، وذلك بعد بثّه شريط فيديو على قناته الخاصّة على “اليوتيوب”مؤخرا تحدّث فيه عن العمليّات الفدائيّة الأربع التي هزّت “إسرائيل” في فترةٍ لم تتجاوز الأسبوعين، وأدّت إلى مقتل 14 شخصًا وإصابة العشرات.
وقال جوناثان ساكيردوتي المحرّر بالصحيفة، إن “مقطع فيديو على يوتيوب يحتفل بمقتل ثلاثة إسرائيليين في تل أبيب الأسبوع الماضي بإعتباره “مُعجزة” قد يكون “خرقًا لقانون مُكافحة التشجيع على الإرهاب” في بريطانيا”.
وإنتقد الصحافي اليهودي وصف عبد الباري عطوان منفّذ عمليّة تل أبيب بـ “الشهيد” و“البطل”، وطالب بمُحاكمته، مثلما إنتقد شراسة إدارة “اليوتيوب” التي سمحت بنشر فيديوهاته، وقال “تم حذف الفيديو بعد أن إتصلت الصحيفة اليهودية بعملاق الويب المملوك لشركة Google – ولكن فقط بعد أن إستمر لمدّة أربعة أيام وشُوهد أكثر من نصف مليون مرّة”.
ومارست الصحيفة اليهوديّة، حسب إعتراف كاتب المقال، الكثير من الضّغوط على اليوتيوب لحذف الشريط وأشرطة أخرى لمؤسّسات إعلامية فلسطينية وعربية تحدّثت أو قامت بتغطية العمليات ضد إسرائيل، وأشار إلى أنه وبعد ضغوط من هذه الصحيفة (جويش كرونيكل)، أزالت الشركة مقاطع فيديو لخرق قواعدها بشأن التحريض على العُنف ودعم الإرهاب ..كما ألغى موقع يوتيوب مؤخرًا الحسابات التي تستضيف خطابات إثنين من دعاة الكراهية.
ونقلت الصحيفة عن اللورد كارلايل التي قالت إنه مُتخصّص في تشريعات مُكافحة الارهاب قوله “إن تصريحات عطوان المليئة بالعاطفة الهستيرية هو تصريح خطير يجب فحصه من قبل الشرطة لإحتمال إنتهاكه المادة 1 من قانون الإرهاب”.
ووصف كاتب المقال عبد الباري عطوان بأنه صحافي “بريطاني فلسطيني” معروف عالميًّا ويظهر على عدّة قنوات بريطانية وعالمية باللغتين العربية والإنكليزية، وشبّه الإسرائيليين بالفئران، وقال إن القتلى والجرحى في عمليّة تل أبيب الأخيرة مُعظمهم ليسوا مدنيين وإنما من العسكريين ورجال أمن، حاليين أو مُتقاعدين (احتياط)، وإنتقد عطوان الرئيس محمود عباس لأنه أدان العمليات “الإرهابية”.
واتّهم عبد الباري عطوان نقلاً عن موقع “كاميرا أرابيك” بأنه يملك سجلّاً يمتد لعقود لموقفه الداعم لـ”الإرهاب” ضد إسرائيل، وهناك أكثر من 750 ألف مشترك في قناته، ويتلقّى آلاف التعليقات المُؤيّدة، وهذه الحملات على السيد عطوان، ومن قبل الصحيفة نفسها، والعديد من الصحف والمواقع اليهودية في بريطانيا وأمريكا وألمانيا ودول أخرى ليست جديدة لأنه يتحدّث دائمًا في مُقابلاته التلفزيونية والصحافية عن المجازر وجرائم الحرب التي ترتكبها “إسرائيل” في حقّ الشعبين الفلسطيني واللبناني، ويُدافع عن حق الشعب الفلسطيني المشروع في مقاومة الإحتلال وجرائمه، وحماية مقدّساته في القدس المحتلة.
ويُوصف عطوان بأنه من أكثر الأصوات المؤثرة في العالم العربي والغربي والإسلامي بسب تحليلاته لأوضاع الشرق الاوسط وتطوّراتها، وكان يظهر بإستمرار على قنوات عالمية مثل “سي بي سي” و”بي بي سي” و”فرانس 24″ و”سي إن إن”، ومُعظم القنوات العربية والقائمة تطول، قبل أن تنجح ضُغوط إسرائيلية وعربية في تقليص حُضوره، ومنعه من الظّهور كُليًّا في بعض الحالات.
محام بريطاني اطّلع على هذه الحملة، قال إنها مُحاولة شرسة لتكميم صوت السيّد عطوان، وكل الأصوات الاخرى المُنتقدة للجرائم الإسرائيلية، مثلما تُشكّل إنتهاكًا لحرية التعبير بما قد يؤدّي إلى تصعيد التطرّف في أوساط الجاليات العربيّة والإسلاميّة في الغرب في الحاضر والمستقبل، محطة “بي بي سي” البريطانية الناطقة باللغة العربية لم ترضخ لهذه الضغوط والحملات الشّرسة من قبل الصحيفة اليهودية نفسها التي إنتقدتها كثيرًا لإستضافة عبد الباري عطوان، وإستمرّت في إستضافته، وأرسلت ردًّا أكّدت فيه أنها تستضيف كُل الآراء.
ما زال من غير المعروف كيف ستتطوّر هذه الحملة ضد عبد الباري عطوان، وكيف سيكون ردّ السلطات البريطانية الأمنية عليها، والاتّهامات التي وردت فيها، وما إذا إنتهك قانون الإرهاب فعلاً بمُمارسة حقّه في التعبير، والتصدّي لفضح الجرائم الإسرائيلية في حق الشعب الفلسطيني، حيث تصل العقوبة إلى 15 عامًا سجنًا إذا ما جرى تقديمه للمُحاكمة بالتّهم المذكورة آنفًا وإدانته.
ويُذكر أن عبد الباري عطوان من مواليد مخيم دير البلح للاجئين في قطاع غزة حيث جرى تشريد عائلته من بلدة أسدود الساحلية في المناطق المحتلة عام 1948، وتعيش عائلته حاليًّا في مخيم رفح.