أحد عشر عاما مرت على ال14 من يناير2011 وسقوط منظومة الرئيس الراحل زين العابدين بن علي .. هذا التاريخ الذي أصبح مفصليا في المشهد السياسي بتونس وسمي ب”ثورة الياسمين “، طالب من خلالها الشعب بالحرية والكرامة والتشغيل وحصل فيها إنتقالا ديمقراطيا مازال هشا ولم يكتمل المسار، هذه الذكرى التي لم تعد من إهتمامات الشعب الذي يعاني من الفقر والخصاصة والوباء …
بعد أحد عشر عاما ورغم تتالي الخيبات وتعالي الأصوات الناقمة على الثورة التي صفق لها العالم ، في أول تجربة ديمقراطية في الوطن العربي .. فماذا تحقق بتونس وماذا كسب الشعب ؟؟؟؟؟؟
الحصيلة ( أصفار إنجازات ) جعلت من تونس دولة في مهب الريح ، في ظل تغيرات جيوسياسية خطيرة تشهدها منطقة الشرق الأوسط .
فقد زاد الوضع ترديا على كل المستويات السياسية ، الإقتصادية ، الإجتماعية والتنموية ، وبحال أفضل الأمنية ، حيث شهدت تونس في السنوات الأخيرة إستقرارا أمنيا نسبيا ، وبالتالي أصبحت الحلول فيها تتوجب عصا سحرية لإنقاذ البلاد والعباد …!!!!!
في هذه الظروف القاتمة أصبح معظم التونسيون يشعرون بخيبة أمل كبيرة من حصيلة هذه السنوات العجاف ، التي سرقت منهم ثورتهم وآمالهم والتي إستغلتها طبقة سياسية وصلت بالصدفة وظروف هذا الزمن الرديء ، والتي أعادت تونس للمرتبة الأدنى على مستوى التصنيف العالمي ونسبة النمو …
الإشكال يكمن اليوم في فشل الحكومات المتعاقبة في إدارة البلاد وإيجاد الحلول لإنقاذها من المديونية وصعوبات المعيشة التي أصبحت تفتقر إلى ضروريات الحياة .. وبالتالي فإن الأمور ستبقى معقدة أكثر والحلول حتما ستكون بعيدة المنال ، بعدما كانت آمال الشعب التغيير الشامل والجذري وليس الهدف الإصلاح التدريجي المتعثر مع كل الحكومات والوعود الواهية …
حتما الملف السياسي أصبح المعضلة الكبرى وذلك بسبب الخلافات وإحتدام الصراعات وعدم التوافق الذي تعيشه البلاد في ظل حكم قيس سعيد الذي عجز عن تحقيق الحد الأدنى من التوافق السياسي وإجراء الإصلاحات المطلوبة منه ضمن صلاحياته الدستورية ، والتي وعد بها في سياق إجراءات إستثنائية إتخذها يوم ٢٥ يوليو الماضي والتي شكلت منعطفا جديدا في تاريخ البلاد .. أيضا مازال الملف الإجتماعي والإقتصادي هما عنوان الفشل الكبير لكل الحكومات المتعاقبة، ومن هذا المنطلق أرقام الفقر المدقع والبطالة وغلاء الأسعار ما فتأت تتصاعد بشكل مخيف مع إستمرار تهميش مناطق كاملة داخلية وتراجع الخدمات الأساسية .. الكارثة في أن كل هذا يسير بالتوازي مع مفارقتين أساسيتين وهما تراجع أداء العاملين في كل المجالات من جراء الإنتدابات العشوائية التي ساهمت فيه حزب النهضة خلال حكمها في فترة الترويكا وزيادة الرواتب في ظل إفلاس الدولة ، دون أن ننسى زيادة ظاهرة الفساد المستشري في البلاد، وأيضاً غياب الدعم الدولي الإقتصادي لتونس من طرف المؤسسات الدولية المانحة التي تراقب وتفرض في شروطها التعجيزية ، علاوة على ضبابية المشهد أمام وضع جديد ينذر بعدة سيناريوهات خطيرة ممكنة …!!!!
من جهة أخرى ، أن تكون هناك إحتجاجات تطالب بالتنمية والتشغيل والعيش بكرامة فهذا مشروع وشرعي، ولكن أن تستغل تلك الإحتجاجات لإثارة الفتنة وتوظيفها من بعض الأحزاب والسياسيين الذين يريدون إعادة التموقع في ظل التدابير الإستثنائية التي إتخذها الرئيس قيس سعيد والتي تجسدت في تجميد أعمال البرلمان وإيقاف العمل بالدستور، من خلال إرسال رسائل مغلوطة إلى الخارج والإتصال بالسفارات الأجنبية بتونس من أجل التدخل في الشأن الداخلي .. فهذا غير مقبول ولن يسامح فيه ولن يغفر له !!!!!!!
فقد قامت بعض القوى السياسية بتوظيف تلك التدابير التي إتخذها الرئيس لزعزعة الأمن القومي وتحريض المحتجين على النزول إلى الشوارع والتصعيد بإسم ” الإنقلاب على الدستور والخوف عن الديمقراطية والمس من الحريات “، أيضا ساهمت فيها بعض المؤسسات الإعلامية العربية ببث الفتنة وإستغلال ذلك لضرب إستقرار تونس ، وهذا كان جليا من خلال حملاتهم الإعلامية المحرضة والمغرضة عبر تغطيتهم الغير موضوعية ، والتي لا تمت بأي صلة لميثاق الشرف الإعلامي .. هدفه واضحا إسقاط الدولة وإدخالها في فوضى عارمة !!!!!
الشعب التونسي لن يسمح لأي أحد ولأي جهة المساس بأمن بلده وسيادته ولأي تدخلات أجنبية في شأننا الداخلي .. فنحن عانينا ومازلنا من عشرية سوداء ساد فيها الإرهاب والإغتيالات السياسية وعدم الإستقرار ومديونية الدولة .. ولهذا لن نقبل بالعودة للوراء مهما كلفنا ذلك ..لأن لنا وطنا واحدا وهذا شأننا جميعا ولن نتآمر عليه مع الخونة والمرتزقة ، حتى ولو كان الوطن رصيفا ننام عليه بأمان …
تونس بلدنا وعزتنا وأرضنا وشموخنا وبها نحيا وبها نعيش وإليها نعود وفيها سيعيش أجيالنا بعزة و كرامة .. كما قال الشاعر :” بلادي وإن جارت علي عزيزة “
وتحيا تونس حرة منيعة رغم كيد المتآمرين