إتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الغرب اليوم الثلاثاء بمحاولة جر بلاده إلى الحرب وبتجاهل مخاوفها الأمنية المتعلقة بأوكرانيا.
وفي أول تصريحات مباشرة له عن الأزمة منذ ما يقرب من ستة أسابيع، لم يُظهر بوتين أي علامة على التراجع عن المطالب الأمنية التي وصفها الغرب بأنها مستحيلة وبأنها ذريعة محتملة لغزو أوكرانيا، وهو ما تنفيه موسكو.
أبدى بوتين أمله بالتوصل إلى “حلّ” للأزمة بين روسيا والغرب حول أوكرانيا، متّهماً في الوقت ذاته واشنطن باستخدام أوكرانيا أداة لجرّ موسكو إلى “نزاع مسلّح”.
وقال بوتين “آمل أن نتمكّن في نهاية المطاف من إيجاد حلّ مع أنّ الأمر ليس بسهل”، بعدما إعتبر أنّ “هدف الولايات المتّحدة الرئيسي هو إحتواء روسيا وأنّ اوكرانيا أداة لجرّنا إلى نزاع مسلّح وفرض أقسى العقوبات علينا”.
ولم يأت بوتين على ذكر عشرات آلاف الجنود الروس المنتشرين قرب الحدود الأوكرانية منذ أسابيع في حشد دفع بالدول الغربية إلى إتهامه بأنّه يعدّ لهجوم جديد على أوكرانيا بعد ذاك الذي شنّه في 2014.
وعرض الرئيس الروسي سيناريو كارثياً، مشدداً على أنه في حال إنضمت أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي فهي ستحاول بالقوة إستعادة شبه جزيرة القرم التي ضمتها بلاده قبل ثماني سنوات.
وقال “تصوّروا أوكرانيا عضواً في حلف شمال الأطلسي وتشنّ عملية عسكرية على القرم وهي أرض روسية ذات سيادة. ونحن ماذا عسانا نفعل؟ هل نتحارب مع حلف شمال الأطلسي؟”.
من جهة أخرى رأى الرئيس الروسي أنّ “من الواضح” أنّ الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي إختارا “تجاهل” مخاوف بلاده الأمنية بدليل رفضهما الشروط الروسية في إطار المواجهة بشأن أوكرانيا.
وقال بوتين بعد لقائه رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان “نحلّل الردود الخطية التي تلقّيناها من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي ، لكن من الواضح من الآن تجاهل مخاوف روسيا المبدئية”.
وفنّد الرئيس الروسي المطالب الرئيسية لبلاده ومنها وقف سياسة توسّع حلف شمال الأطلسي والتعهّد عدم نشر أسلحة هجومية قرب الحدود الروسية وسحب الانتشار العسكري لحلف شمال الأطلسي إلى حدود 1997، أي قبل إنضمام دول سابقة من الكتلة السوفياتية إلى الحلف.
وأضاف “متجاهلين مخاوفنا، تشير الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي إلى حقّ كلّ دولة بأن تختار بحريّة طريقة ضمان أمنها”، مشدّداً على أنّ ثمة مبدأ آخر ينصّ على أنّه لا يمكن “لأيّ شخص أن يعزّز أمنه على حساب أمن الآخرين”.
ومن جهته قال مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأمريكية للصحفيين إن الوزير أنتوني بلينكن أبلغ نظيره الروسي سيرجي لافروف في إتصال هاتفي اليوم الثلاثاء بأن على روسيا أن تسحب قواتها الآن من على حدود أوكرانيا إذا لم يكن في نية موسكو غزو جارتها.
وقال المسؤول إن بلينكن ولافروف أجريا محادثة “صريحة للغاية” باللغة الانجليزية خلال اتصال هاتفي استمر نحو 30 دقيقة.. لكن المسؤول أضاف أنه لم تحدث انفراجة أو إتفاق خلال المحادثة، وأن واشنطن لم تر أي علامة على أرض الواقع لخفض محتمل في التصعيد.. نواصل سماع تلك التأكيدات على أن روسيا لا تنوي الغزو لكن المؤكد أن كل إجراء نراه يقول العكس مع أستمرار حشد القوات وتحريك الأسلحة الثقيلة إلى الحدود”.
وأضاف المسؤول “إذا كان الرئيس بوتين لا يريد حقا الحرب أو تغيير النظام في أوكرانيا، بحسب ما قاله الوزير لوزير الخارجية لافروف، فإن الوقت الحالي هو وقت سحب القوات والأسلحة الثقيلة والدخول في حوار جاد… يمكن أن يحسن الأمن الجماعي الأوروبي”.
وتتّهم الولايات المتّحدة روسيا بالإعداد لغزو أوكرانيا من خلال نشر عشرات آلاف الجنود عند حدودها مع جارتها الموالية للغرب، لكنّ موسكو تنفي أن تكون لديها أي نية بالهجوم وتطالب في المقابل حلف شمال الأطلسي بالانسحاب من المناطق المحيطة بها.
ورفضت الولايات المتحدة المطالب الروسية بشان حلف شمال الأطلسي لكنها تركت الباب مفتوحا أمام إجراء محادثات بشأن مواضيع أخرى مثل نشر صواريخ أو تحديد سقف للمناورات العسكرية.. وتحضّر روسيا الآن ردّاً على الموقف الأميركي.
الى ذلك حذّر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون خلال زيارة إلى كييف الثلاثاء من أنّ هناك “خطراً واضحاً ووشيكاً” بحصول تدخّل عسكري روسي في أوكرانيا.
وقال جونسون خلال مؤتمر صحافي مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي “إنّه خطر واضح وماثل، نحن نرى عدداً كبيراً من الجنود يحتشدون، نحن نرى استعدادات لعمليات متجانسة من شتّى الأنواع مع تهديد عسكري وشيك”.
وقال الرئيس الأوكراني إن الصراع العسكري مع روسيا لن يشمل أوكرانيا فحسب، وإنما سيؤدي إلى نشوب حرب شاملة في أوروبا.
وأضاف زيلينسكي خلال لقائه مع جونسون في كييف أنهما ناقشا خطوات لإحتواء روسيا، مشيرا إلى أنه لا يمكن لأحد التنبؤ بما سيحدث بعد ذلك في المواجهة بين أوكرانيا وموسكو.