ناقش مجلس السيادة الإنتقالي في السودان إمكانية تشكيل حكومة كفاءات مستقلة عقب إستقالة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، في حين تعهدت قوى الحرية والتغيير بالعمل على هزيمة ما وصفته بالانقلاب العسكري وإقامة الدولة المدنية.و قالت مصادر إن مجلس السيادة ناقش خلال إجتماعه يوم الاثنين بدائل لرئيس الوزراء المستقيل، وإمكانية تشكيل حكومة الكفاءات المستقلة في وقت وجيز.. وأضافت المصادر ذاتها أن الاجتماع قرر تشكيل لجنة ثلاثية للتواصل مع كافة القوى السياسية بالسودان.وفي خطاب ألقاه يوم الاثنين أمام كبار ضباط القوات المسلحة، شدد رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان على ضرورة تشكيل حكومة مستقلة ذات مهام محدودة بتوافق جميع السودانيين، وتعهد البرهان -الذي يتولى أيضا قيادة الجيش السوداني- بحماية الثورة وتحقيق أهدافها.وقالت مصادر عسكرية إن رئيس مجلس السيادة السوداني قدّم لكبار الضباط شرحا بشأن تشكيل حكومة تصريف أعمال مستقلة، وتشكيل لجنة تنظر في تشكيلها، وتكون اللجنة برئاسة عضو مجلس السيادة الفريق أول ياسر العطا وعضوية عضو المجلس مالك عقار، وأنه تم الإتفاق على ضرورة إيجاد معالجات في التعامل مع المظاهرات من دون إغلاق الجسور وقطع خدمات الإنترنت والاتصالات، وأن البرهان عبّر عن “إمتعاضه” لسقوط قتلى في المظاهرات.في المقابل، قللت قوى الحرية والتغيير من تأثير إستقالة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك على الأوضاع السياسية، وجددت عزمها على هزيمة ما وصفته بالانقلاب العسكري، وإقامة الدولة المدنية.وأصدر هذا الائتلاف مساء الاثنين بيانا إعتبر فيه أن إستقالة حمدوك من رئاسة الوزراء “نهاية مباشرة للانقلاب”، وأن الاستقالة أيضا كتبت نهاية إتفاق 21 نوفمبر الموقع بين حمدوك والبرهان، والذي رفضته قوى الحرية والتغيير من قبل.وورد في البيان “أَكدت هذه الإستقالة أن إرادة الشعب غالبة ولا يمكن تجاوزها أو تجاهل أولوياتها”.وقال المتحدث باسم المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير إن هذا الائتلاف يتعهد بالتصعيد الثوري حتى إسقاط “الانقلاب”، حسب تعبيره.وقد دعت وزارة الخارجية الأميركية القادة السودانيين إلى تنحية خلافاتهم جانبا، والتوصل إلى توافق، مع ضمان إستمرار الحكم المدني.أما الوزيرة البريطانية لشؤون أفريقيا فيكي فورد، فعبرت عن حزنها لقرار حمدوك الإستقالة، مطالبة الجهات السياسية والقوى الأمنية السودانية بإحترام مطالب الشعب، وفق تعبيرها.وفي فرنسا، أكد متحدث بإسم وزارة الخارجية تشديد بلاده على ضرورة الاستمرار في “الإصلاحات الحاسمة”، وإحترام المبادئ الواردة في الوثيقة الدستورية في أغسطس 2019، التي تدعو لإعادة إنشاء المؤسسات الانتقالية.وفي نيويورك، ندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بإستمرار العنف ضد المتظاهرين في السودان، ودعا الشرطة لضبط النفس.كما عبّر فولكر بيرتس رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال في السودان (يونيتامس) -في بيان- عن قلقه إزاء الأزمة السياسية التي حدثت بعد 25 أكتوبر، وطالب بالعودة إلى المسار الديمقراطي، وإستكمال عملية السلام.وأضاف “يجب التغلب على إنعدام الثقة بين الجهات السودانية من خلال حوار هادف وشامل، ويونيتامس على إستعداد لتسهيل هذه العملية”.وعلى الصعيد العربي، أعلن “المجلس العربي” -وهو منظمة غير حكومية يترأسها رئيس تونس الأسبق المنصف المرزوقي- مساندته لمطالب القوى الديمقراطية في السودان بسلطة مدنية، مطالبا “بتخلي العسكر عن السلطة وخضوع المؤسسة العسكرية لسلطة الشعب”.من جهتها أعربت الجامعة العربية، الثلاثاء، عن إحترام قرار رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك الاستقالة من منصبه، داعية مختلف أطراف البلاد إلى التشاور والحوار لحل الأزمة الحالية.جاء ذلك في بيان للجامعة العربية، عقب يومين على إعلان حمدوك تقديم إستقالته من رئاسة الحكومة، على وقع التوترات السياسية في بلاده.وأفاد البيان بأن “جامعة الدول العربية تحترم قرار الدكتور عبد الله حمدوك بالاستقالة من منصبه، وتعرب عن تفهمها للمبررات التي ضمنها خطاب الاستقالة”.ودعا البيان إلى “ضرورة العمل على وجه السرعة بين شركاء السودان من أجل التوصل إلى أرضية تفاهم تسمح بالحفاظ على المكتسبات الهامة التي تحققت خلال العامين الماضيين”.كما طالبت الجامعة العربية بـ”تكثيف التشاور والحوار البناء بين مختلف الأطراف، لا سيما وأنه الوسيلة الوحيدة بل حجر الزاوية لحل الأزمة الحالية، وتحقيق تطلعات الشعب السوداني”، حسب البيان ذاته.والأحد، قدم حمدوك، في كلمة متلفزة، إستقالته من رئاسة الحكومة، عقب نحو 6 أسابيع على إتفاق أجراه مع قائد الجيش، رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان.وقال حمدوك: “لقد قررت أن أرد إليكم أمانتكم، أعلن إستقالتي من منصب رئيس الوزراء، وأفسح المجال أمام أبناء وبنات هذا الوطن المعطاء، لاستكمال قيادة وطننا العزيز للعبور به نحو الدولة الديمقراطية”.و نزل آلاف السودانيين إلى الشوارع مرة أخرى الثلاثاء إحتجاجا على إنقلاب قائد الجيش عبد الفتاح البرهان ، فيما إنتشرت قوات الأمن بكثافة في الخرطوم والمدن المجاورة.