أكدت “المفوضية الوطنية العليا للانتخابات” في ليبيا، الأحد، تسلمها ملف ترشح سيف الإسلام نجل الرئيس الراحل معمر القذافي لانتخابات الرئاسة، جاء ذلك في تصريح أدلى به عضو المفوضية عبدالحكيم بالخير لوسائل الإعلام .
وقال بالخير إن سيف الإسلام “قدم أوراق ترشحه لرئاسة ليبيا بمكتب مفوضية الانتخابات في مدينة سبها “جنوبي البلاد، وأن سيف الإسلام إستكمل جميع المصوغات القانونية وفق قانون إنتخاب رئيس الدولة الصادر عن مجلس النواب (البرلمان)”.
وفي وقت سابق الأحد، تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي صورا ومقاطع مصورة لسيف الإسلام، وهو داخل فرع مفوضية الانتخابات في سبها، ويرتدي عباءة وعمامة بنيتين وكان الى جانبه محاميه خالد الزائدي ووقّع سيف الإسلام عددا من الأوراق، وبعدها تلا آية من القرآن .. وختم قائلا “بارك الله فيكم”، قبل أن يغادر مقرّ المفوضية في سبها.
وظل ظهور ومكان وجود سيف الإسلام القذافي طيلة السنوات الماضية غامضين، وأحاط تحركاته بالسرية الى حد كبير، خوفاً على الأرجح من التعرّض له، لا سيما أنه كان من أبرز أركان نظام والده الراحل معمر القذافي .
ولعل إختياره لتقديم ترشحه في سبها يعود الى أنها مدينة قبيلة القذاذفة، أي المكان الذي لا تزال عائلة القذافي تتمتع فيه بقاعدة شعبية وبنوع من الحماية.
ويعود سيف الإسلام إلى الواجهة السياسية في ليبيا من جديد بعد نحو 10 أعوام من إغتيال والده على يد ثوار غاضبين إبان ثورة 17 فبراير .
– الوضع القانوني –
وعلى الرغم من إعلان مفوضية الانتخابات في ليبيا إستكمال سيف الإسلام القذافي “المسوغات القانونية” لعملية تقديم ترشيحه رسمياً، يظل الوضع القانوني لنجل القذافي المحكوم في ليبيا بالإعدام، والمطلوب من القضاء الدولي، محل جدل.
فقد قبضت مجموعة مسلحة نهاية العام 2011 على سيف الإسلام القذافي، وتمّ نقله إلى مدينة الزنتان في غرب البلاد، وقُدّم للمحاكمة أمام القضاء الليبي.
وصدر في عام 2015 حكم ب”الإعدام” في حقّه، رمياً بالرصاص، لإتهامه بإرتكاب “جرائم حرب” لقمع الانتفاضة التي أطاحت بنظام والده العقيد معمر القذافي، لكن الحكم لم ينفذ. في 2017 وأعلنت المجموعة المسلحة التي كان محتجزاً لديها إطلاق سراحه وفقا لقانون “العفو العام” الذي أصدره البرلمان الليبي.
لكن إطلاق سراحه لم يخضع لإجراءات قضائية حددها قانون العفو العام، إذ لم تصدر وزارة العدل أو المحكمة العليا (أعلى سلطة قضائية) أي قرارات رسمية ترفع عن سيف الإسلام الأحكام الصادرة بحقه .. كما تظل مذكرة “التوقيف” الدولية الصادرة بحقه “سارية” حتى الآن. وأكدت المحكمة الجنائية الدولية الأحد أن مذكرة التوقيف بشأنه لا تزال سارية المفعول.
وغرقت ليبيا في الفوضى بعد ثورة فبراير 2011، وتسعى حاليا الى تجاوز هذا الفصل بعد حوار سياسي أطلق في نوفمبر 2020 بين الأطراف الليبية في سويسرا برعاية الأمم المتحدة، وأدى الى وقف لإطلاق النار وتشكيل حكومة انتقالية يفترض أن تشرف على الانتخابات الرئاسية في 24 ديسمبر، تليها البرلمانية في يناير من العام المقبل.
ويعتبر سيف الإسلام ثاني مرشح يقدم أوراق ترشحه للانتخابات الرئاسة، حيث أعلنت مفوضية الانتخابات، السبت، إن مرشح آخر تقدم بأرواق ترشحه إلى مكتبها بالعاصمة طرابلس، دون كشف إسمه.
وفي مقابلة مع صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية نُشرت في يونيو الماضي، أعلن سيف الإسلام أنه أصبح الآن “رجلا حرا” ويخطط لعودة سياسية.
وفتحت المفوضية فتح باب الترشح للانتخابات، الإثنين الماضي، ويستمر حتى 22 من نوفمبر الجاري للانتخابات الرئاسية، وحتى 7 ديسمبر المقبل للانتخابات البرلمانية.
يأتي ذلك رغم إستمرار الخلافات حول قانوني الانتخابات بين مجلس النواب من جانب، والمجلس الأعلى للدولة وحكومة الوحدة والمجلس الرئاسي من جانب آخر، بما يهدد إجراء الانتخابات في موعدها المحدد المقرر في 24 ديسمبر.
والجمعة، هدد المشاركون في مؤتمر باريس الدولي بشأن ليبيا، في بيانهم الختامي، بفرض عقوبات على الأفراد الذين “سيحاولون القيام بأي عمل من شأنه أن يعرقل أو يقوض الانتخابات المقررة في ليبيا”، سواء كانوا داخل البلاد أو خارجها.
من جانبه طالب مكتب المدعي العسكري العام في ليبيا، الأحد، مفوضية الانتخابات بوقف إجراءات ترشح سيف الإسلام القذافي وخليفة حفتر “إلى حين امتثالهما للتحقيق”.جاء ذلك في مراسلة وجهها وكيل النيابة بمكتب المدعي العام العسكري، محمد غرودة، إلى رئيس مفوضية الانتخابات، عماد السايح، ونشرتها وسائل إعلام محلية.وحمل وكيل النيابة، المفوضية الوطنية للانتخابات “المسؤولية القانونية حالة مخالفة ذلك مع ضرورة موافاتنا بما يفيد الاستلام والإجراءات المتخذة من قبلكم”.