يقوم مارك زاكربرغ من خلال إعادة تسمية مجموعته “ميتا” برهان كبير على العالم الموازي المعروف بـ “ميتافيرس”، مخاطرا بضخّ عشرات مليارات الدولارات فيه من دون ضمانات لعائدات على هذا الاستثمار.
وكثيرة هي التعليقات التي سخرت من هذه المبادرة أو إعتبرتها محاولة فجّة لتحريف الإنتباه عن المشكلات التي تتخبّط فيها المجموعة العملاقة، لكنّ آخرين رأوا أبعد من ذلك بكثير.
وقال كولين سيباستيان المحلّل لدى “بيرد” إن “هذا يعني أن عالم ميتافيرس ليس مجرّد مشروع ثانوي ، فالمجموعة منخرطة بالكامل في تطوير المنصّة الرقمية المقبلة التي ستحلّ محلّ الإنترنت الجوّال”.
وكان مارك زاكربرغ صرح خلال عرض نتائج المجموعة إن المبالغ المخصّصة ل”فيسبوك ريالتي لابز” ستحرم النتائج التنفيذية ( وهو معدّل الأرباح المحصّل من نشاطات الشركة) من أكثر من 10 مليارات دولار، إعتبارا من هذه السنة.
وأقرّ مؤسس شبكة التواصل الاجتماعي الأكبر في العالم “أتوقّع أن ينمو هذا الإستثمار سنة بعد الأخرى في المستقبل”.
وهي عشرات مليارات الدولارات التي ستُحرم منها شركة ينبغي لها قبل أن تحوّل “ميتافيرس” إلى واقع ملموس أن تواصل تنمية نموذجها الحالي بالاستناد إلى الإعلانات في سياق نهج يلقى مزيدا من الانتقادات.
وقد أظهرت مستندات داخلية سرّبتها المهندسة السابقة في المجموعة فرانسيس هاوغن أن المجموعة التي تتّخذ في مينلو بارك (كاليفورنيا) مقرّا لها كانت قلقة من عدم إستقطاب ما يكفي من المستخدمين من الجيل الشاب، ليس فحسب إلى “فيسبوك” الذي لم يعد منذ وقت طويل يثير إهتمام الشباب بل إلى “إنستغرام” أيضا.
كما إن تحديث نظام تشغيل هواتف “آي فون” أخيرا إنعكس سلبا على علاقتها بالمروّجين الذين لم يعودوا يحصلون على فكرة كاملة عن فعالية حملاتهم.
وهذا هو أيضا أحد الرهانات الرئيسية من مشروع “ميتافيرس” الرامي إلى الإستغناء عن “آبل” وكلّ الوسطاء الآخرين من خلال توفير بيئة مكتفية ذاتيا، وفق أودري شومر المحللة لدى مجموعة “إي ماركتر”.
وقد شدّد مارك زاكربرغ مرارا وتكرارا على ضرورة التشغيل البيني وتيسير التحويلات بين العوالم الافتراضية، داعيا جهات خارجية إلى الانضمام إلى المغامرة ومنصّبا نفسه مؤسسا ومرجعا في هذا النظام، كما حال متجر “آب ستور” من “آبل” ومحرّك “غوغل” البحثي وشبكة الإنترنت برمّتها.
– رهان الواقع الافتراضي –
لا يمكن مقارنة إنشاء “ميتا” بتشكيل “ألفابت” الشركة الأمّ ل”غوغل” سنة 2015 ، لأنه لم يعلن وقتذاك عن تغيير في المسار. وبالنسبة إلى كولين سيباستيان، “ليست هذه اللحظة شبيهة بتلك التي أطلق خلالها هاتف آي فون” الذي طارت بفضله شهرة “آبل”.
وفي ذاك وقت، قدّم المدير العام ستيف جوبز منتجا ملموسا للجمهور، لكنها ليست حال مارك زاكربرغ، بحسب المحلّل. غير أن كولين سيباستيان يرى أن إطلاق خوذة “كامبريا” للواقع الافتراضي من “فيسبوك/ميتا” العام المقبل “سيشكّل لحظة حاسمة للواقع الافتراضي والمعزّز”.
لكن يبقى معرفة كم سيكون هذا العالم الموازي جذّابا في عيون الجمهور، إذ إن تقنيتي الواقع الافتراضي والمعزّز أصبحتا أقلّ شهرة مما كان عليه الحال قبل بضع سنوات.
وقال بينيديكت إيفنز المتخصّص في التكنولوجيا في منشور على مدوّنته إن “الواقع الافتراضي مهدّد اليوم بالركود وباقتصاره على قلّة قليلة من هواة ألعاب الفيديو”.
ويعزى هذا الإخفاق النسبي بالنسبة إلى أودري شومر بجزء منه إلى الأسعار المرتفعة لخوذ الواقع الافتراضي، فضلا عن “عدم توفّر ما يكفي من محتويات شيّقة”.
وبغية تسريع إنتشار هذه الخوذ، ينوي مارك زاكربرغ بيعها بسعر الكلفة أو بدعمها، أي بيعها بخسارة أو وهبها.
غير أن الإعلانات المتتالية لمؤسس “فيسبوك” منذ الاثنين لم تثر بعد قلق المحللين الذين ما زالوا يوصون، مع بعض الاستثناءات، بشراء أسهم في الشركة أو الحفاظ على الأصول فيها ويتوقّعون إرتفاع قيمتها بنسبة 20 % العام المقبل.