تحت عنوان “لقد عاد”، نشرت مجلة “نيوزويك” الأمريكية تقريرا تتحدث فيه عن عودة الرئيس السوري بشار الأسد إلى المسرح العالمي وإعادة إنفتاح الدول على بلاده بعد قطيعة وعزلة عاشها.
“لم ينج الرئيس السوري فحسب، بل يبدو أنه يستعد للعودة بشكل مذهل إلى المسرح العالمي بعد عقد من الزمان على أفعاله التي ساعدت في نشوب الحرب الأهلية”.
وتضيف المجلة أن الأسد يقف بقوة على رأس دولة محطمة إلى حد كبير، وليس لديها سوى خيارات معدودة، وبمساعدة الحليفين إيران وروسيا، تمكن من إستعادة جزء كبير من سوريا من أيدي المتمردين والجهاديين الذين حاولوا الإطاحة به”.
عدد من الدول التي قاطعت الأسد قبل 10 سنوات، بدأت ترحب به مجددا، رغم المعارضة الأمريكية المستمرة لحكمه، تقول المجلة، وتستشهد بما تعتبره “إشارات واضحة” على ذلك، ومنها: إعادة الأردن (الذي تصفع بالحليف الرئيسي للولايات الأمريكية في المنطقة)، فتح حدوده مع سوريا، وإضافة إلى ذلك أشارت المجلة إلى ما إتخذته إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، بتخفيف بعض العقوبات على الأسد ضمن قانون قيصر، وسمحت تلك التغييرات بتسليم الغاز المصري والوقود الأردني إلى لبنان عبر سوريا”.
كذلك تحدثت عن إعادة الإمارات والبحرين فتح سفارتيهما في دمشق، ومؤخرا أعادت الشرطة الدولية “الإنتربول” سوريا إلى هيئة إنفاذ القانون العالمية، للمرة الأولى منذ إبعادها عام 2012.
وتشير المجلة إلى أنه “من المتوقع على نطاق واسع أن تعيد جامعة الدول العربية عضوية سوريا قريبا”.
“سيبقى الأسد في السلطة”، هكذا يقول آخر سفير أمريكي في سوريا روبرت فورد، للمجلة، ويضيف: “لا يوجد بديل عملي، ولا يمكن تخيل طريقة تستطيع المعارضة السورية عبرها أن تكون قادرة على إجباره على التنحي”.
ويرسم فورد صورة قاتمة، إذ يقول: “سوريا دولة ممزقة إقتصاديا، وكذلك هي ممزقة إجتماعيا.. لن يتحسن الوضع بالنسبة للسوريين العاديين داخل سوريا، وكذلك لن يتحسن الوضع بالنسبة للاجئين السوريين. إنه أمر مأساوي”.
كذلك تنقل المجلة عن منى يعقوبيان، وهي محللة سابقة في وزارة الخارجية تعمل اليوم مستشارة أولى لشؤون سوريا في معهد الولايات المتحدة للسلام، أنه “ومع عدم إحتمال حدوث تغيير في القيادة، سينتقل التركيز الآن إلى كيفية تعامل الدول الأخرى مع دمشق”.
وأضافت: “بالنظر إلى الدعم الروسي والإيراني القوي، من المرجح أن يحافظ الأسد على قبضته على السلطة على المدى المتوسط على الأقل.. لقد أدركت العديد من دول المنطقة ذلك، وبدأنا نرى المزيد من الجهود البارزة لاستيعاب هذا الواقع”.
ما الذي يدفع الدول إلى ذلك؟ تجيب يعقوبيان: “في الوقت الذي تكافح فيه المنطقة الأزمات والفوضى، ومع تعمق التحديات الاقتصادية، وجائحة كورونا، والمعاناة الإنسانية الواسعة الانتشار، فإن الحكومات في المنطقة مهتمة أكثر بوقف تصعيد النزاعات ومعالجة هذه التحديات المستمرة والمزعزعة للاستقرار”.
وكانت المجلة بدأت تقريها بالإشارة إلى التحديات التي واجهت سوريا، وقالت “بدا أنها بداية النهاية للرئيس الأسد، إذ أدت حملات القمع التي شنتها حكومته على الاحتجاجات السلمية في عام 2011 إلى نشوء تمرد مدعوم من أعداء أجانب ومن بينهم الولايات المتحدة”.
وقدرت عدد الذين لقوا حتفهم بأكثر من 600 ألف شخص، إضافة إلى نزوح الملايين، وقالت إن ما شهدته سوريا خلال العقد الماضي وما رافقها من تصاعد في الفظائع، وإستخدام للأسلحة الكيميائية، جعل الحرب فيها “واحدة من أكثر الصراعات دموية وأكثرها إضطرابا في القرن الحادي والعشرين”.
وتضيف أن الدول خلال تلك الأزمة بدأت تقطع علاقاتها مع الأسد وحكومته، واحدة تلو الأخرى، بما فيها ذلك الولايات المتحدة، التي فرضت عقوبات اقتصادية في عام 2011 وأغلقت سفارتها نهائيا عام 2012، وحتى جامعة الدول العربية، أبعدت الأسد عام 2011.