شعرة معاوية بين الهاويةْ والزاويةْ ..هذه هي حكاية وطن إستباحه الظلم ليُستبدلْ الظالم بداهيةْ .. وطنٌ إستباحه الفقر والعوذ ، حتى فَّر الطاهي مُجبراً وفرَّت معه أمرأته الطاهيةْ ..وطنٌ كان أجمل مافيه عزّته اللامتناهية وكانت عروبته قدساً تباهت بحلتها، لتصبح هي القبلة والقبة والناصية .. وطنٌ إنتقل بنا من وريثٍ جاهلٍ لا يعرف من الحكم إلا أموره الجارية ، وريثٌ لا يعرف من أمور الدولة إلا المراسيمْ والتقاويمْ والشعاراتْ الفارغة الخاوية ..وريثٌ جاهلٌ عاش في مستنقع الفساد جاهلاً لا يدري بحال الرعية وحال الجالية ..حاكمٌ ظّن نفسه بأنه العارف والمرجع والآمر الناهي بكل الأمور الراسية .. وطنٌ صار نظام حكمهِ نظاماً مستبداً هشّاً ، أغتيل فيه العدل والسواسية ، وصُلبَ على جدرانه كل من عارض بالرأي أو بالقول الوالي أو الوالية …
تباً لك من أحمق يا من لم تسقي بالحكمة والبصيرة زيتونة الدار ولا الكرمة ولا تلك الدالية ..تباً لك من أبله يامن جففت بيديكْ النبعة والجدول والساقية، وجعلت من أجمل الأوطان مستنقعاً للفساد والظلم بكل ألوانه السوداء القاتمة القاسية .. وطنٌ بحكم جهلك صار ملعباً للطغاة والبغاة بكل مذاهبهم المتطرفة العاتية ، هكذا وجبت لجحافل البربر والغجر أن يتملكوا ويتمكنوا ، بكل ما في الوطن من بشرٍ وحجرٍ ومدنٍ وأرواحٍ كانت للإحتضار متداعية متدانيةْ .. هكذا إستفقنا في ليلة ظلماء لا حيلة في اليد إلا شعرة معاوية .. هكذا صار وطننا يحتضر محشوراً في الزاوية ، فويلاً لك من عقاب ربك وويلاً للفاسدين والمعاقين ممن كانوا حولك سواءً من العائلة أو من الحاشية .. ويلك من رب العالمين ، فأنت من تركت شعبك يتعرض للقتل والإرهاب في كل زقاقٍ وكل بيتٍ وعلى كل رابية ..لهذا وجبت شعرة معاوية التي لا نشدها كثيراً حتى لا نقطعها مع هـؤلاء القتلة ، خوفاً من أن تكون للوطن نهايته القاسية ويلك من غضب والديك ، وكيف جعلت من تاريخهم وأرثهم مضحكة ومسخرة على كل شاشات التلفزة الزاهية، وحتى قبورهم دُنست بأحقادٍ وممارساتٍ مقززة وللكفر مماهية …
هكذا نحن اليوم كالمستجير من الرمضاء بالنار ..حسبنا الله ونِعمَ الوكيل ، شعاراً ما بقي لنا غيره شعار ..إلا أن « نكون أو لا نكون » خياراً ما بعده خيار ..بل قراراً ما بعده قرار ..كل ما نطلبه إنما الأمن والأمان لنا ولأبنائنا وأعراضنا مقاماً ودار ..هكذا صرنّا نخاف على كل شيء ومن كل شيء، حتى حرية القول والحوار ..هكذا صرنّا اليوم نرى الظلام والعتمة لا شمساً فيه تضيء ، ولا فجراً ينبثق ولا ضوءً يآتي من نهار …شوارعنا ومدننا زرعوها بالخوف والرهبة بالجمر والنار ..هكذا صارت ساحات مدارسنا وجامعاتنا مراكز تكبير وسجود ، وللهوية الدينية إختبار.. أما سيارات الدعوة لإقامة الشريعة السلفية تصول وتجول بحرية الفرض والإجبار .. هكذا صار التنكيل والتعذيب متخطياً ، حتى حدود ما يفعله الكفار ..حيث يسألونك عن مذهبك ، وإن لم يروق لهم جوابك فهذا يلحق بك الأذية والعار ، حيث العواء والشهيق يصبح أمراً وحكماً بمقدار ، ويجب تنفيذه بإصرار ومن ثم إما السجن أو الموت فالمبررات موجودة والأعذار ..تباً لها هكذا أقدار ، تباً لها هكذا حياة وهكذا خيار ، فهيهات منا المذلة إلا من الله الواحد الأحد الجبار…
العالم بأجمعه بارك للإرهاب حلته الجديدة بطلاقة ..فالجولاني صاحب العمامة الإرهابية خلع عبائته التقليدية القاعدية بلباقة.. ولبس الكرافات والبذلة بلياقة ، ونصّب نفسه رئيساً للجمهورية بحداقة توازت مع الحلاقة.. فتوالت الوفود العالمية مهنأة ومعترفة به ، وكأنه وثيق الروابط معهم والعلاقة …
هكذا إسرائيل ببساطة دمرت كل العتاد وأحتلت مئات الكيلومترات ، لتضع الدولة بإعاقة ما بعدها إعاقة ..أما العرب فتوافدوا إليه أيضا بذكاء وحداقة ، فزار مكة وكأنه رسولاً للسلام نسباً وعراقة ، وذهب لأردوغان ليبارك له خطوته الخلّاقة ..ثكلتهم أمهاتهم جميعا ، فهم شركاء في الجريمة ودلائل الإرهاب بينهم هاهي لماعة برّاقة …
لا بأس أن نشعل الشموع ، بدل أن نلعن الظلام ونذرف الدموع.. هي هكذا الحياة ، نزولٌ يصارعه طلوع ..ومسموحُ ينازله ممنوع وعزة تقاتل خنوع …
هي هكذا الدنيا سيوف مجردة ودروع .. هي هكذا الأوطان تُقدّسُ ، كما السماء بإيمانٍ وخشوع .. هكذا هي الإنسانية والإنسان أكباداٌ تحميها ضلوع .. هي هكذا الحضارات تبنيها الأعراق في جموع .. هي هكذا الأمم ، كما الأشجار المثمرة لها جذوراً وأغصاناً وجزوعاً تلدُ فروع …
سأبقى أنا هذا العربي السوري الحُرْ .. مهما أفسدوا أرضي وزرعوها بالنشاذ والشواذ والكفر والمٌرّْ ..وحتى ولو غزونا بجيوشٍ جرارة فيها النغل والبغل والكرّْ ..سنواجههم ونقتلهم وستثكلهم أمهاتهم بآيادينا وسواعدنا ، وهذا من عند الله فرضاً ولنا في قضائه الأمر .
رياض مرعي