من جديد عاد إسم الأسير في السجون الإسرائيلية، والقيادي البارز في حركة “فتح”، مروان البرغوثي، ليتصدر المشهد وعناوين الأخبار، في ظل تعثر مفاوضات “تهدئة غزة” التي تجري في قطر بين إسرائيل وحركة “حماس”، وإعلان الجانبين بشكل شبه رسمي فشلها ووصلها لطريق مسدود.
عودة إسم الأسير البرغوثي، هذه المرة جاءت بخلاف المرات السابقة والتي جميعها تحدثت عن إدماجه، بل ترأسه قائمة الأسرى في صفقة التبادل المرتقبة، أو ما يجري معه من اعتداءات عنيفة داخل معتقله، حتى وصلت لتهديد حياته بشكل مباشر ومحاولة طعنه واغتياله.
فما كشفته بعض وسائل الإعلام، شكل مفاجئة من العيار الثقيل، حين ذكرت وبشكل صريح أن السلطة الفلسطينية ترفض “من تحت الطاولة” الإفراج عن الأسير البرغوثي ذو الـ 64 خريفا، وتفضل إبقائه داخل سجون الاحتلال وذلك خوفًا على “عرش” الرئيس محمود عباس.
مصادر صحفية، قال في وقت سابق، إن الولايات المتحدة تعارض بشدة إطلاق سراح البرغوثي، وذلك استجابة لمطلب إسرائيلي بالخصوص بحسب ما نشرته “شبكة قدس”.
وقال الموقع، إن واشنطن والاحتلال حريصان على إبقاء الأسير البرغوثي في سجون الاحتلال، وعدم إدراجه ضمن أي صفقة تبادل، وذلك بالتزامن مع التهديدات التي يتعرض لها البرغوثي في سجن مجدو والتي تهدد حياته.
– ورقة البرغوثي القوية
وأشارت المصادر، إلى أن السلطة الفلسطينية لديها موقف متطابق مع موقف الاحتلال وواشنطن بشأن الإفراج عن البرغوثي، حيث يخشى الرئيس محمود عباس من حراك داخل فتح واستقطاب حاد في حال تحرر البرغوثي بما قد يهدد مركزه الحالي وسيطرته على السلطة.
حركة “حماس” تُصر وبقوة على أن تشمل الصفقة اسم مروان البرغوثي لما سيحققه ذلك من مكاسب سياسية، بينما تعتبر إسرائيل الإفراج عنه خطا أحمر، معلنة أنها نقلت البرغوثي من سجن عوفر إلى العزل، بناء على معلومات استخباراتية تفيد بأنه يعمل عبر عدة قنوات على تحريض السكان في الضفة لتفجير انتفاضة ثالثة.
وقال رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين قدورة فارس، حينها، إن “عمليات النقل المتكررة للبرغوثي في العزل الانفرادي في ظل استمرار منع المحاميين من زيارته تثير خشية حقيقية على حياته خاصة وأن ذلك يترافق مع عمليات تحريض مباشر ومستمر عليه في وسائل الإعلام الإسرائيلية”.
ويوصف البرغوثي بأنه رجل الإجماع الفلسطيني الذي يملك ثقلا سياسيا قادرا على تحريك المياه في المشهد الفلسطيني الراكد منذ حدوث حالة الانقسام ويعيد توازناته، كما ينظر إليه على أنه قادر على تغيير وجه السلطة الفلسطينية وأن تحظى بقبول شعبي في حال عادت للإشراف على قطاع غزة ما بعد الحرب، وبالتالي إنهاء الجدل حول مستقبل السلطة الفلسطينية من دون حدوث صراعات داخلية.
مروان البرغوثي، أو ما يطلق عليه “عراب” الانتفاضة الثانية، أسير منذ 20 عاما وصدرت في حقه أحكام عدة بالسجن والمؤبد، ورفضت إسرائيل مرارا وجود اسمه ضمن أي صفقة تبادل مع الجانب الفلسطيني.
ونشر المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية استطلاعا للرأي في 13 ديسمبر/كانون أول 2023، أظهر أن الشخصية الأكثر شعبية بين الفلسطينيين هو مروان البرغوثي.
ويظهر الاستطلاع أنه في حال تنافس البرغوثي من فتح مع الرئيس عباس والقيادي في حماس إسماعيل هنية على الرئاسة الفلسطينية، ينتظر أن ترتفع نسبة المشاركة “لتصل إلى 71%…ويحصل البرغوثي على 47% وهنية على 43% وعباس على 7%”.
ويشار هنا إلى أن الحديث عن إطلاق سراح البرغوثي وتوليه السلطة الفلسطينية ليس جديداً، ففي عام 2009 على سبيل المثال رد البرغوثي في إجابات مكتوبة من داخل سجنه، على سؤال حول إمكانية ترشحه للسلطة إذا ما أطلق سراحه وقال “عندما تتحقق المصالحة الوطنية ويكون هناك اتفاق على عقد الانتخابات.. سأتخذ القرار المناسب”.
وفي عام 2014 نشرت صحيفة الغارديان البريطانية مقال رأي وصفت فيه البرغوثي بـ “نيلسون مانديلا”، وقال كاتب المقال مارتن لينتون “لو كانت إسرائيل جادة في تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فإنها ستطلق سراح البرغوثي، الذي يعتبر الشخص الأمثل الذي يمكن التوصل من خلاله إلى اتفاق سلام”.
كما قرر البرغوثي عام 2021، رغم سجنه، الترشح للانتخابات الرئاسية الفلسطينية التي لم تعقد فيما بعد.